يقول أحد الحكماء: « قيمة الإنسان بأهدافه، ومنزلته بأقرانه، وذوقه باختياره، وثروته بما يملك من قلوب، وقوته بما يحطم من هوى، وانتصاره بما يهزم من رذيلة، وكثرته بمن يثبت معه عند الشدائد».
اعرف قيمتك جيداً عندما تتقلب الأمور وتتبدل الأحوال ويتغير الزمان وتمر بك السنوات فتنصرف معها إلى شجون الحياة ومعتركات العيش وميدان المسؤوليات.. حينها تمكن من إدارة حياتك بتعقل واعرف قيمة نفسك جيداً حتى تقوى على إدارة مشاعرك وبث أحاسيسك بحذر تجاه الآخرين.. فقيمتك إحساس جميل مضاف إلى نفسك.
اعرف قيمتك عندما تختبر في «أخلاقك» في مواقف حياتية متعددة، تكون فيها صاحب شأن، ومصدر قوة في أحوالك ومنزلتك.. حينها احذر أن تشتت ذهنك وتسخر طاقتك وتجهز كلماتك لكي ترد بالمثل.. (الصاع بالصاعين).. فما تعلمته في ميدان الخير، وما تربيت عليه في ميادين الدنيا ثوابت وأسس لا تتنازل عنها حينما تواجه مثل تلك المواجهات الساخنة.. فكن حليماً وغض الطرف عن موقف يعده غيرك (مشكلة حياة).. تلطف واتركه على الهامش..
اعرف قيمتك عندما يفتقد البعض ممن تعايشه أبسط مقومات (السنع).. أذكر مرة كتبت مقالاً مطولاً عن (السنع).. ولكني هنا أعيد صوره من جديد.. لأن قيمة المرء تتضح معالمها في مواطن السنع.. فعندما تختفي ملامحه مع من تتعامل معهم.. فلا تنتصر لنفسك سريعاً.. واحفظ نفسك من الانجرار وراء الأحوال النفسية المتقلبة.. تذكر معها أن الغاية التي تعمل من أجلها (رضا ربك) والرسالة التي تحملها أن تكون (خليفة الله في الأرض).. أما أولئك الذي انمحت من نفوسهم تلك العلامات المضيئة للسنع.. وارتوت قلوبهم بحقد دفين.. فهم ـ مع الأسف الشديد ـ لم ينتبهوا بأن النفس إنما تريد دائماً أن تكون في (قوتها وعزتها) حتى تحقق مآربها (الدنيوية القصيرة).. فلا يعرفون للهدية منزلة عندما يجدونها على طاولتهم.. فنفسهم (المتعالية) تصر ألا تقول (جزاك الله خيراً) فقد أفرحت قلوبنا بها.. ولا يتكرمون بقول (مبارك) بابتسامة معبرة تعطي الطرف الآخر حقه.. أما إن كانت (المنزلة) لهم.. ولم تتطاير كلمات الآخرين بحقهم.. فاحذر حينها فالدنيا ستقوم ولا تقعد.. للسنع معان كثيرة.. يفهمها من يفهمها.. ويقدرها من يقدرها.. ويبقى المحك في نهاية المطاف (قلبي المطمئن العاشق لما عند الله من أجر).
اعرف قيمتك عندما تقدر على إنجازاتك وعطائك وإحسانك في العمل، وعندما يحتفل بك أكبر عدد ممكن من أصدقائك ومعارفك.. قيمتك ليست هي ذلك الميدان الصغير الذي تعيشه.. أو تضخم من قوته ومكانته.. بل هي ذلك العطاء السخي الذي تخدم به الإنسانية كلها.. وتلك المحبة الغامرة التي يغمرك بها كل الذين يعملون معك.. عندما ينادونك من بعيد.. تعال لنلتقط معك (صورة المحبة والعطاء).. أنت حينها قيمة مضافة جميلة للحياة بما زرعته من قيم في ميدان حياتهم.