يقول المولى تعالى: «والعصر إن الإنسان لفي خسر، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر». كان الرجلان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقيا لم يتفرقا حتى يتلو أحدهما سورة العصر على الآخر. ويقول الإمام الشافعي عن هذه السورة: «لو تدبر الناس هذه السورة لكفتهم».
إذا كانت هناك ثمة مشكلة في حياتنا تحول دون تحقيق الإنجازات والنجاحات، وتسبب ثمة إحباطات حياتية متتالية، أو تكون حجر عثرة أمام وجود القبول الاجتماعي وتناميه عند الأفراد، فإنما مصدر ذلك كله يتركز في «العبث الحياتي» أو العبث بالأوقات وبالسلوك الاجتماعي والفوضى الخلاقة التي لم يتعلم صاحبها يوماً ما معاني «النظام» والإحساس بقيمة النعم التي أعطاه الله تعالى إياها وفي مقدمتها «الوقت».. فالبعض لايزال يرى منظومة الوقت مجرد تحصيل حاصل في حياته، فلا يأبه بأن يحولها إلى قيمة لها مكانتها ولا سلوك مشاهد يستطيع من خلاله أن يفرض احترامه في المجتمع، ويحول كل أفكاره وقناعاته إلى مشروعات ناجحة ولوحات رائعة تكون نبراس خير للأجيال المتعاقبة.
فصاحبنا لا يلتفت إطلاقاً إلى قيمة الوقت، فترى أوقاته تضيع سدى فيما لا فائدة فيه.. في البيت وفي العمل ومع الأصحاب.. فإن سألته إنجازاته في اليوم.. فتتلخص ببرنامج روتيني.. وعبث في الوقت بلا نظام!
أما نظامنا وسلوكنا الاجتماعي فحدث ولا حرج.. فإن البعض مازال يبني سلوكه على آخرين يخالفون النظام، أو يتحايلون عليه بحجة أنهم يفعلون ذلك ونحن معهم.. فإن أمعنت النظر في «ذاته» فترى فوضويته المزعجة في كل أموره.. لذا فإن فاقد الشيء لا يعطيه.. فترى كل من يسير معه لا يعرف للنظام أي قيمة إلا من رحمه الله.. والأدهى من ذلك والأمر بأن تبرز أمامك تلك الفئات «الفوضوية» التي تحيل نظام البلد العام إلى منحدرات للعبث والتخريب والتشويه والتدمير، مما يعطي ضعاف النفوس الفرصة المواتية لتحقيق المآرب الدنيئة التي تسبب شرخاً كبيراً في قارب الوطن!!
إننا في مسيس الحاجة للنظر إلى «منظومة حياتية متكاملة» نحيطها بنظرات التعقل والحكمة بعيداً عن التهور والعبث الذي يدمر حياتنا جميعاً، نحتاج إلى إعادة البوصلة إلى موقعها المناسب حتى تعود حياتنا إلى «واحات من العطاء والإنجاز الممنهج» مليئة بالقيمة والثوابت الحياتية، وبسلوك ذاتي واجتماعي متميز.. فقط اربط كل شيء بالأجر والمراقبة.. واستفد من وقتك استفادة تعود عليك بالفائدة والأجر.