الإعلام ذلك السحر الذي يصيبنا أفراداً وشعوباً، فيهدم مجتمعات ويبني أخرى. الإعلام تلك الوسيلة التي باتت كفيلة بأن توجه الرأي العام إلى ما تشتهيه رياحها، بفضل انتشار فضائياته وتطور تقنياته التي أصبحت في متناول الجميع، وهذا ما ساهم في انتشار داء التضليل الإعلامي الذي تعددت أساليبه بتعدد وكثرة وانتشار أدوات الإعلام سواء التقليدي منه أو الجديد المعروف باسم «السوشال ميديا».
خلال بحثي في دراستي الحالية عن التضليل الإعلامي تطرقت لمعلومات قيمة للدكتور عبدالله الشاهر، حول أساليب هذا التضليل، الذي أكد من خلال محاضرته حول نفس الموضوع، أن «التدفق المعلوماتي من القنوات التلفزيونية ومواقع الإعلام الجديد وأدوات التواصل والصحف، جعلت الجمهور المتلقي أكثر حاجة إلى أدوات ومنهجية جديدة يمتلكها في سبيل الخروج من الحصار والهيمنة الإعلامية التي قد تقيد تفكيره واتجاهاته»، مشيراً إلى أن «للإعلام دور فعال في توجيه الرأي العام في جميع القضايا السياسية والاجتماعية والثقافية، وهو الأداة الأكثر فعالية وتأثيراً» في تضليل رأي المتلقي من الجمهور وتوجيه أفكاره ومبادئه أو العكس حيث إن أحسن استخدامه يقوم سلوك وفكر مختلف فئات الجمهور من مختلف شرائح المجتمع، فهو سلاح ذو حدين.
ومن أساليب التشويه الإعلامي أي التضليل، التنكير في صياغة الخبر المنقول وتحريفه بما يتماشى مع الجهة الناقلة للمعلومة أو الأخبار، وكذلك التكتيم والتعميم على الأخبار والأحداث الراهنة التي يؤدي نشرها ونقلها بشفافية إلى صعوبة تحقيق أهدافها، ولاسيما الإيهام والتدليس والذي يتم حين تود مؤسسة إعلامية إيهام الجمهور بأنها تنقل الخبر من مصدره الأصلي، وهذا يعد من أكثر أساليب التضليل خطوره على التأثير في المجتمع والمتلقي. ومن أشدّ الأساليب خطورة أيضاً دس السم في العسل، أي صناعة الخبر على أسس سليمة من خلال تزويد الخبر بنسبة قليلة جداً من المصداقية والحقائق وتحريف باقي المعلومات الحقيقية.
ومما لا شك فيه أنه مع ظهور وتمكن الإعلام الجديد في الزمن المعاصر، وتطور أدواته الاتصالية وتقنياته على مدار اللحظه وما يتميز به من مميزات جعلته في متناول يد الجميع كمجانيته وسهولة استخدامه في النشر ونقل المعلومات، انتشرت الحسابات الأخبارية على وجه التحديد ومع غياب قانون يحكم تكنولوجيا المعلومات والإعلام الرقمي الجديد، منحت تلك الحسابات مواقعها التخصصية الإعلامية، فباتت محل ثقة للجماهير المتلقية، في وقت تتلاعب في نقل الأحداث والخبر فيما يتناسب والمؤسسات الداعمة لتلك المواقع والحسابات.
من هنا يأتي دور الإعلام النزيه الذي ينقل الصورة حية لكل فئات الجمهور في أن يبين ذلك التلاعب الذي يقسم المجتمعات. وكذلك على الجمهور والمجتمع بأسره أن يكون أكثر منهجية في اختيار نوعية الأخبار والمعلومات التي تقدم له، وأن يكون أكثر رشداً وثقافة فيما يخص كافة الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية ولاسيما الثقافية الراهنة.