عندما يقوم المواطن البحريني بزيارة المتحف العسكري بالرفاع للمرة الأولى يفاجأ بعدة أمور؛ أولها أن هذا المتحف لا يقل مستوى عن أي متحف عالمي وأنه مواكب لكل تطور يحصل في هذا المجال ويشرف عليه متخصصون من ذوي الكفاءات العالية، وثانيها أنه يكتشف وهو يتجول في أقسامه بأنه مقصر في حق أهله لأنه لم يأخذهم إلى هذا المتحف المتميز من قبل ولم «يحرضهم» على هذا الفعل الوطني الجميل، وثالثها أنه يتبين له في الحال بأنه يعاني من نقص في المعلومات عن تاريخ البحرين وخصوصاً الجانب المتعلق بالمعارك التي خاضها أهل البحرين منذ أن كانوا في الزبارة، وكذلك الجانب المتعلق بتأسيس قوة دفاع البحرين.

الزيارة التي تم تنظيمها لنخبة من الصحافيين الأسبوع الماضي بهدف الاطلاع على محتويات المتحف والجهد المبذول في هذا المجال أعانت الصحافة المحلية إجمالاً على تبين حجم تقصيرها في الترويج للمتحف الذي يضم بين جنباته ما ينبغي أن يعلمه كل مواطن بحريني وكل مقيم في البحرين وكل زائر لها، وفتحت الباب على مصراعيه للغوص في تاريخ البحرين وأحد أهم منجزاتها الحديثة وهو تأسيس قوة دفاع البحرين التي تحتفل بيوبيلها الذهبي الإثنين المقبل.

لعل السؤال الذي يشاغب كل بحريني يزور هذا المتحف هو إن كان الجهد المبذول فيه والمتعلق بتاريخ البحرين -وهو جهد كبير ومميز- يكفي لمنع مريدي السوء من الإساءة إلى تاريخ البحرين ومحاولة العبث به وتزويره، فهذا السؤال المهم يحتاج إلى كثير من الاهتمام من المؤسسات الرسمية والأهلية ذات العلاقة بتاريخ البحرين ومن كل مواطن يعرف مقدار تمرس أولئك في فن التزييف وفن الإساءة إلى هذا الوطن، ومن وزارة التربية والتعليم وخصوصاً إدارة المناهج التي يمكن أن تمنع أي إساءة لتاريخ هذه البلاد من خلال المناهج الدراسية التي يمكن أن تؤسس عقولاً ترفض بشكل تلقائي كل معلومة خاطئة عن تاريخ البحرين وتعرف كيف تميز بين المعلومات وتكتشف التزييف ومحاولات التزييف.

الوجود القوي للمتحف العسكري في مناهج وزارة التربية والتعليم وفي مقررات الجامعات الحكومية والأهلية في البحرين أمر أكثر من مهم، خصوصاً في هذه المرحلة التي يجتهد فيها أولئك في الإساءة إلى تاريخ البحرين ويعمدون إلى لي عنق كل معلومة يعتبرونها من وجهة نظرهم «دخيلة وغير دقيقة»، لهذا ينبغي الإشادة بمبادرة وكيل وزارة التربية والتعليم الدكتور محمد مبارك أثناء تجولنا في المتحف حيث طلب من المسئولين هناك التواصل معه بغية تضمين المتحف العسكري في المناهج بطريقة تعطيه حقه.

حسب مدير عام هذا الصرح الحضاري المهم فإن عدد زائري المتحف العسكري يبلغ نحو خمسة عشر ألف زائر سنويا معظمهم من طلبة المدارس، وهو عدد وإن كان متواضعا إلا أنه يؤكد حرص وزارة التربية والتعليم على استفادة الطلاب في مختلف المراحل الدراسية من المتحف ومحتوياته وما يتوفر فيه من معلومات، فزيارتهم بمثابة درس عملي يعينهم على استيعاب ما يسمعونه من معلميهم في المدارس.

الأمر الذي ينبغي أن يحصل على حقه في هذه المساحة أيضاً هو أنه يتوفر في المتحف مرشد إلكتروني بعدة لغات يتيح للزوار من مختلف الجنسيات الحصول على ما يكفي من معلومات عن كل قسم وعن كل قطعة فيه. وهنا لا بد من الإشادة بالمرشد العسكري الذي رافقنا خلال الزيارة ووفر الكثير من المعلومات عن كل أقسام المتحف ومحتوياته فقد كان متميزاً بالفعل وموسوعياً وحريصاً على توصيل المعلومات خصوصاً تلك المتعلقة بالجانب العسكري من تاريخ البحرين.

ربما كان مناسباً أيضاً الإشارة إلى أن المتحف يتضمن مكتبة تحتوي الكثير من الكتب ذات العلاقة باللغتين العربية والإنجليزية ومتاح للجمهور الاستفادة منها.