تحدثت أمس عن تجربتي عن خوض تجربة دراسية جديدة للحصول على شهادة البكالريوس في الحقوق، رغم نيلي شهادة الدكتوراه في علم النفس التربوي، فقد كانت متعة لا يدرك قيمتها إلا من أحب العلم بعمق، فمن خلال هذه القاعدة كان هناك الفيصل كوني طالبة بكالوريوس وحاملة شهادة دكتوراه جالسة في مقاعد الدراسة أمام زملاء قد يصغرون عمري سنوات وقد يكبرون عنه أو يوازونه كان الحرج الذي تغلبت عليه بالثقة التي هي قوة عزيمة خوض هذه التجربة.

السؤال المحير الذي كان يراود المحاضرين، لماذا تخوضين هذه التجربة وأنت صاحبة علم ؟

نعم خضت هذه التجربة وأنا اليوم صاحبة علمين من العلوم الإنسانية التي تكمل بعضها فخوضنا معرفة جديدة يؤكد لك أن العلم بحر لا مدى له، حيث استطعت أن أرضي نفسي التي كانت متعطشة للتعرف على علم القانون من مقاعد الدراسة والتبحر فيه بمختلف أنواعه فنحن نعيش في ظل القانون والأنظمة، في البيت نظام، وفي المجتمع نظام، وفي العمل نظام، وعلاقتنا مع غيرنا الداخلية والخارجية نظام، والقانون ينظم جميع علاقات هذه الأنظمة، ومن يخالفها يكون معرضاً للمساءلة، فكان من الضروري أن يعرف الإنسان الأدوات التي تحكم علاقاتنا في مختلف مجالات الحياة، والعلم غير محكوم بسن، فكلما كبرنا عرفنا قيمة العلم والمعرفة التي تجدد الطاقة وتزيد من شبابية العقل فكما للرياضة دور في لياقتنا البدنية والصحية كان للعلم والمعرفة دور في اللياقة الفكرية والصحية للعقل.

وعليه دخلت الفصول وجلست أمام المحاضرين وخلفي الكثير دون أي مبالاة لكوني شخصاً يحمل شهادة دكتوراه دخلت لأتعلم تخصصاً جديداً -علم القانون – الذي يعد ضرورة لحياتنا ، تعلمت من خبرات مختلفة وشخصيات منوعة في تعاملها مع جيل وطننا ومدى حرصها على بناء شخصيات ثابتة راسخة قوية في علمها، قوية في فكرها، قوية في تحملها مصاعب الحياة تبدأ من مشقة العلم –" فطلب العلم شاق ولكن له لذة ومتعة والعلم لا ينال إلّا على جسر من التعب والمشقة ومن لم يتحمل ذل العلم ساعة يتجرع كأس الجهل أبداً"، تعلمت ضرورة تعلم المحاضر الجامعي التقنيات الفنية والتكنلوجية الحديثة حتى يستطيع أن يواكب الأساليب التدريسية المطورة لإيصال علمه إلى المتلقين من الطلبة فمهما بلغ المحاضر من علم ومعرفة فلن يستطيع أن يصل بها إلى عقول المتلقين إلا بالأساليب الحديثة، ضرورة أن يواكب المحاضر اطلاعه على كل جديد في علمه وما يضاف إليه من بحوث ودراسات تجرى على مستوى العالم حتى يكون مرجعاً مقدراً من قبل الصرح الجامعي الذي يدرس فيه، ومن قبل الطلبة المتلقين الذين أصبحوا مدركين كيفية متابعة الجديد عبر وسائل التنكنولوجيا الحديثة وأن لا يكون مرجعاً قديماً مضى عليه الدهر، تعلمت أن المؤسسة التعليمية لا بد أن تواكب مختلف الاحتياجات الضرورية للعملية التعليمية من أدوات سمعية وبصرية وتكنلوجية إضافة إلى إمكانيات المرافق والفصول الدراسية التي بتحديثها وفقاً للتطورات العصرية تكون مؤسسة تعليمية منافسة للمؤسسات التعليمية الأخرى، فضلاً عن الدراسات والبحوث التي تعد عنوان الجامعة الحديثة التي تحرص على استمرارية وجودها.

ومع هذه المشقة التي تحملناها خلال فترة الدراسة، مواقف كثيرة في البيئة الجامعية تصقل وتعلم، وإمكانيات تبني وتسخر وتسهل العقبات التي واجهتنا، هي الجهود التي تشكر وتقدر وتحترم، نهدي إليها دعوى صادقة من القلب بما تعلمناه على أيديهم، نهدي إلى كل من تعلمنا منهم حرفاً حيث كنا ننصت، ونسمع، ونحفظ، ونعمل تحت إشرافهم، ومتابعتهم، وجهودهم التي بذلت بإخلاص ووفاء وتقدير، لنكون اليوم لهم بصمة تركوها تذكر بخيرهم وعطائهم العلمي الذي زرعت بذوره في عقولنا لكي نحصدها في طريق العمل، فمن عمل بما علم أورثه الله علم مالم يعلم به، فإذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: إلّا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له، فهنيئاً لكل من حصد هذ الصدقة، إلى كل أساتذة كلية الحقوق وإلى جميع موظفي جامعة العلوم التطبيقية، إلى من تحمل مشاغباتنا العلمية وأسئلتنا الفضولية، إلى كل من قدم لنا النصيحة وإلى كل من قام بتوجيهنا إلى التوجيه الصحيح وإلى كل من صحح أخطاءنا وإلى كل من أفادنا بمعلومة أنارت لنا طريقاً من المعرفة، نقول لهم بارك الله فيكم سنحمل رسالة العلم والمعرفة حيث إننا لا نطلب العلم رياء ولا نتركه حياء، فإذا رأيت العلماء على أبواب الملوك فقل بئس الملوك وبئس العلماء، و إذا رأيت الملوك على أبواب العلماء فقل نعم الملوك و نعم العلماء.

أهدي ما تعلمته إلى وطني وإلى نفسي التي وهبنا الله بها لكي نزيدها من متسع العلم والمعرفة التي لا تنضب حيث سمّاني الناس مجنونة، ورداً عليهم فالعلم لم يكشف لنا بعد فيما إذا كان الجنون ذروة الذكاء أم لا.

أهدي حصادي العلمي إلى مؤسستي التي عملت فيها لسنوات طويلة إلى وزارة التربية والتعليم ممثلة في سعادة الدكتور ماجد النعيمي وإلى الفاضل وكيل وزارة التربية والتعليم للموارد والخدمات الدكتور محمد مبارك جمعة وإلى مديرة معهد البحرين للتدريب الدكتورة سماح العجاوي، وإلى رئيس مدير إدارة الشؤون القانونية سعادة المستشار الدكتورعماد ثابت وإلى المستشار القانوني بمكتب وزير التربية والتعليم الاستاذ مصطفى خورشيد وإلى الأخت الفاضلة الأستاذه الباحثة القانونية بمعهد البحرين للتدريب ماجدة محمود الذين بتكاتفهم سخروا لنا كافة السبل لخوض التجربة العلمية في المجال القانوني حيث استطعنا أن ننهي هذا البرنامج بنجاح وتميز، بارك الله جهود الجميع وجعلنا خير بذرة صالحة مستمرة في عطائها لخدمة هذا الوطن .