ألفان ومائة وثلاثة وسبعون طلباً، هذا الرقم المهول للطلبات، ليست طلبات للتقدم للحصول على رخصة سياقة سيارة أو طلبات للمشاركة في برنامج شبابي صيفي يقضي فيه الشباب أوقات فراغهم، ولا للمشاركة في مسابقة رياضية أو ثقافية، إنه عدد الراغبين في المشاركة في فريق البحرين للفضاء، أي أن هذا الرقم هو عدد الشباب البحرينيين المهتمين بمجال علوم الفضاء.

هذا الرقم ذكرني يوم أن التقيت بشباب بحرينيين ناشئين قبل سنوات، كانوا يحلمون أن تكون بالبحرين قبة فضائية يرصدون خلالها النجوم، وحركتها، ويتبعون حركة الكواكب، ويتأملون كل المتغيرات في الفضاء الرحب، أذكر حماسهم وحرقتهم أذكر يوم أن كانوا يطرقون أبواب المسؤولين مطالبين بإنشاء قبة فضائية، بل حاول بعضهم بناء قبة فضائية في حديقة منزله، ومازال شغف هؤلاء الشباب بعلوم الفضاء وحرقتهم للحصول على مراكز للبحث في هذا المجال يعلق بذاكرتي، ولن أنسى دموع وبكاء إحدى الشابات عندما كانت تتحدث عن قبة فضائية زارتها في إحدى الدول العربية ولا تجد مثلها في البحرين. فهنا أدركت شغف العديد من الشباب البحرينيين بعلوم الفضاء وعلوم الفلك. وأدركت كم يتحلون بالإصرار والصبر لتحقيق أهدافهم. ما أروعكم يا شباب البحرين وما أروع طموحاتكم.

واليوم يؤكد لنا هذا الرقم (2173) مدى شغف شباب البحرين بعلوم الفضاء، فما إن أعلنت الهيئة الوطنية لعلوم الفضاء عن فتح باب التقدم للالتحاق في أول برامجها وهو «فريق البحرين للفضاء» حيث سيتم اختيار 10 أشخاص فقط ليتلقوا اهتماماً ومتابعةً من قبل الهيئة كونهم سيشكلون النواة الوطنية الأولى في هذا المجال، وسيحظون ببرامج تدريبية متقدمة تكسبهم المعارف والمهارات اللازمة التي تمكنهم من المضي قدماً في مجال علوم الفضاء واستغلال تطبيقات تلك العلوم المتعددة بما يسهم في تحقيق الأهداف المنشودة، حتى تسابق هؤلاء الشباب للتسجيل في هذا البرنامج.

لقد كان قرار تأسيس هيئة متخصصة للدراسات والبحوث قراراً أثلج صدر الآلاف من الشباب البحريني، حيث جاء المرسوم الصادر عن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه بإنشاء الهيئة الوطنية لعلوم الفضاء عام 2014 تحقيقاً لحلم هؤلاء الشباب، هؤلاء الشباب الذين ارتقوا بأحلامهم وطموحاتهم لتكون أحلاماً علمية راقية تختلف عن باقي أحلام الشباب العادية. إن صناعة مثل هذا الشباب الراقي كان ثماراً لبرامج شبابية متخصصة بنت شخصيات شبابية علمية. تلك البرامج التي طرحتها مؤسسات الدولة المعنية بالشباب فأثمرت وأينع ثمرها، فما أروع الاستثمار في صناعة الشباب.

فها هم شباب البحرين وثمرة تلك البرامج يشتعلون حماساً للمشاركة في باكورة برامج الهيئة الوطنية للعلوم والفضاء حتى وصل عدد المتقدمين إلى هذا العدد الضخم. ولكن لك أن تتخيل عزيزي القارئ عندما يُقبل في هذا البرنامج عشرة شباب فقط من أصل 2173 شاباً، أي أن 2163 وربما أكثر من هذا الرقم سيظلون يحلمون بفرص أخرى تتاح لهم للمشاركة في مثل هذه البرامج. فهم ينتظرون المزيد من البرامج التي تعطيهم الفرصة للمشاركة، فطموحهم كبير في تلك الهيئة وأحلامهم تعلو للفضاء، فكلنا رجاء أن تحقق الهيئة أحلام هؤلاء الشباب متمنين لها التوفيق في تحقيق أهدافها، وكم نتمنى أن تنبثق من الهيئة لجان تهدف لتنمية الشباب والناشئة الموهوبين والذين لديهم شغف في مجال الفضاء، فإعداد الموهوبين في عمر مبكر له فاعلية كبيرة، وهو الطريق الأمثل لصناعة علماء، ورجاؤنا في القائمين على الهيئة كبير.