عندما نجحت مملكة البحرين وبشكل ملفت وباهر في تقديم تقريرها الوطني الثالث للاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان في مايو من العام الماضي وحظي باعتماد وإشادة 75 دولة في ذلك المجلس، كتبت حينها مقالاً بعنوان: «البحرين و«مقارعة الكبار» في الحقوق والحريات».

واختتمت ذلك المقال بفقرة اقتبس منها التالي: «إن هذا النجاح الكبير الذي تحقق للبحرين لن يتوقف هنا، بل الطموح أكبر من ذلك فلدينا قيادة رشيدة لا سقف لطموحاتها، وشعب وفي مخلص لهذه القيادة، يدرك جيداً ما يحاك ضد بلاده، لذلك فالبحرين مستمرة في تحدي هؤلاء بكل وضوح ومصداقية وثقة»، انتهى.

وبعد مضي أكثر من عام على ذلك الإنجاز الكبير، ها هي البحرين تعلن ترشيحها لعضوية مجلس حقوق الإنسان بجنيف التابع للأمم المتحدة 2019 - 2021، في الانتخابات المزمع إجراؤها خلال شهر أكتوبر 2018 في مدينة نيويورك، بعد حصولها على الدعم من مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، وحصولها على تزكية مجموعة دول آسيا والمحيط الهادئ في الأمم المتحدة، وهذا هو جزء من الطموح الذي لا سقف له لوطننا، فالبحرين لم تتوقف عند نجاحها في استعراض تقريرها الوطني الدوري الشامل لحقوق الإنسان، بل تواصل طموحها إلى ما هو أبعد من ذلك، وهو الحصول على عضوية المجلس وضمان معقد لها فيه ضمن 13 مقعد مخصص لقارة آسيا.

لا يسع المجال لذكر إنجازات بلادنا في مجال حقوق الإنسان، ولكن ما قدمته المملكة من إنجازات كثيرة ومنها ما يتعلق بحقوق الإنسان المدنية والسياسية والاقتصادية وتاريخ التجربة الديمقراطية البحرينية، وحقوق المرأة، وحقوق الطفل، ومحاربة الإتجار بالأشخاص، وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، والتسامح الديني وحرية الرأي والتعبير والمعتقد، وحماية حقوق العمال، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وغيرها الكثير يجعلها تدخل بثقة وقوة في ترشيحها لعضوية مجلس حقوق الإنسان بجنيف، مستندة على إنجازات هي مبعث للفخر والاعتزاز، لتفوز بإذن الله في عضوية ذلك المجلس الذي يتألف من 47 دولة عضواً تنتخبها أغلبية أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة بالاقتراع المباشر والسري.

ولابد من الإشارة إلى وجود أطراف لن يعجبها ترشح البحرين لعضوية هذا المجلس خاصة إيران التي ستعمل هي وأذنابها وخفافيشها القابعين في أوروبا وبشكل مكثف خلال الفترة المقبلة على تشويه صورة المملكة في مجال حقوق الإنسان لضمان عدم نجاحها للفوز بعضوية المجلس، وبلا شك هناك من سيساعدها على تحقيق ذلك الهدف مثل دولة قطر التي تزدهر علاقاتها مع إيران هذه الأيام، وهاتين الدولتين تعلمان جيداً أن وصول البحرين لعضوية المجلس هو تأكيد على مصداقيتها ومساعيها المستمرة للارتقاء بحقوق الإنسان، وبالتي فإن ذلك يكشف بالمقابل كل من كان ولا يزال يكذب على البحرين ويتهمها بما ليس فيها في هذا المجال بالذات.

ولمواجهة ما هو متوقع من هؤلاء الحاقدين، فلابد من حملات إعلامية مكثفة تهدف إلى تسليط الضوء على منجزات البحرين في المجال الحقوقي، ومن حسن الطالع ان مجلس العموم البريطاني أشاد مؤخراً بالبحرين وبالإصلاحات الكبيرة التي تحققت في عهد جلالة الملك المفدى، وانتقد المجلس كذلك الدور الإيراني وتدخلاته المستمرة في البحرين وتسليح إيران لجماعات إرهابية وطائفية، فهذه الجلسة لمجلس العموم البريطاني هي ما نرغب في استغلالها لصالح ملفنا الحقوقي، وهو ما يجب أن تعمل البحرين على تسويقه عالمياً لما لمجلس العموم البريطاني من ثقل وشهرة عالمية.

مقارعة مملكتنا للكبار في مجلس حقوق الإنسان مستمرة ولقد بدأت البحرين تحصد ما زرعت في المجال الحقوقي، فالترشيح لعضوية هذا المجلس لن يكون ممكنا في حال الضعف والتراخي وعدم التطور في هذا المجال، بل نترشح لعضوية هذا المجلس ونحن كمواطنين فخورين بما حققته وسيتحقق لبلادنا في هذا المجال، فاحترام حقوق الإنسان وكرامته يمثل نهجاً استراتيجياً ثابتاً في إطار المسيرة الإصلاحية التنموية الشاملة والمتواصلة لمليكنا المفدى حفظه الله ورعاه، ومن يدعي عكس ذلك فعليه إما أن يثبت صحة ادعائه أو أن يصمت، فالبحرين قالت كلمتها وماضية بقوة في طموحها الذي لن يتوقف عند فوزها بعضوية مجلس حقوق الإنسان بإذن الله، بل سيتواصل الطموح إلى ما هو أبعد من ذلك.