‏لم يكن مفاجئاً البتة للمراقب لما يدور في البحرين عن كثب، فوزها للمرة الثالثة بعضوية مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وحصولها على التأييد من هذا العدد الكبير من الدول الأعضاء في المجلس والذي بلغ 165 من أصل 192 صوتاً أدلوا بأصواتهم مع البحرين تعبيراً عن قناعاتهم الواثقة بأن المملكة تستحق هذا التأييد لأسباب معروفة لدى المجتمع الدولي بما حققته البحرين من إنجازات على كافة الصعد، ومن بينها وأهمها ترسيخ الحقوق والحريات في هذا البلد.

والمتابع الحصيف يدرك بأن فريق البحرين الدبلوماسي المتمثل في وزير الخارجية ومساعده والوكلاء بالوزارة، قد تحركوا في الساحة الدولية بشكل لافت للأنظار هذا العام بالتحديد في كافة محاور السياسة الدولية من البحرين إلى العواصم التي تحتضن مؤسسات صناعة القرار العالمي في السياسة والاقتصاد والأمور الاستراتيجية والعسكرية والأمنية، جولات كثيرة عالمية وإقليمية تم رصدها أكدت بأن مملكة البحرين، لديها دبلوماسية عريقة بكل ما تحمل كلمة العراقة من معانٍ ودلالات.

إن فوز البحرين الحقوقي العالمي اليوم يؤكد الكثير من الحقائق المرتبطة بما رسخته سياسة جلالة الملك المفدى من قيم إنسانية ترتكز على أسس قوية ومتينة والتي تصون حقوق الإنسان ومن هنا جاءت القرارات الملكية السامية والشجاعة بتأسيس المواعين التي تعزز العدالة، وبما يضمن كرامة الإنسان والمتمثلة في «مفوضية حقوق السُجناء والمحتجزين، المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، الأمانة العامة للتظلمات»، وتزامن مع ذلك خطوات عملية في تطوير المؤسسات القضائية والعدلية ورفدها بالكوادر الوطنية المؤهلة وبالآليات والوسائل التي تعينها على تحقيق العدالة.

إن نجاح فريق البحرين الدبلوماسي في الوصول إلى هذه النتيجة المشرفة جاء تتويجاً لجهود رسمية كثيرة داخل المملكة وخارجها، وهو في حد ذاته يمثل تقديراً عالمياً لما بذلته البحرين من إنجازات ليس في مجال حقوق الإنسان فحسب بل في ما تحقق من نجاحات في إنشاء البنى التحتية في سائر المجالات مثل الحكومة الإلكترونية ومجالات الاتصالات والصحة والتعليم والإسكان شكلت في صورتها الكلية تنمية وازدهاراً وتطوراً شهدت عليها الأمم المتحدة، وقد كان لتفاعل البحرين مع كافة القضايا العالمية والإقليمية، وتواجدها الكبير والفاعل في مؤسسات المجتمع الدولي السياسية والاقتصادية والثقافية والفكرية والاجتماعية والصحية والتعليمية، أثر كبير في نيل احترام وتقدير العالم.

البحرين لا تعتمد فقط على الدبلوماسية التي يقودها معالي الوزير الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة التي ظلت تحقق الإنجاز تلو الإنجاز، هناك العديد من «الدبلوماسيات»، إذا جاز لي التعبير، من بينها الدبلوماسية الثقافية التي تقودها الشيخة مي بنت محمد آل خليفة رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار، من خلال قنواتها المتعددة من أهمها «اليونسكو» التي تمثل عالماً خاصاً بالثقافة والفكر عبر الآلاف من الخبراء من كافة أنحاء العالم الذين زاروا البحرين مؤخراً، وأشادوا بالتطورات والإنجازات التي حققتها، وهناك الدبلوماسية الاقتصادية التي يمثلها أكثر من جهة رسمية هي وزارة المالية، ووزارة التجارة والصناعة، وهيئة البحرين للسياحة، وجهات أهلية متمثلة في غرفة تجارة وصناعة البحرين وغيرها.

وهناك الدبلوماسية الرياضية التي أصبحت تلعب دوراً مهماً جداً في الترويج للبحرين حول بلاد العالم، بما تحققه من إنجازات رياضية جعلت اسم المملكة يتردد في كافة المحافل الرياضية، دبلوماسية تتحرك في رقعة واسعة جداً من المعمورة يقودها سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ممثل جلالة الملك للأعمال الخيرية وشؤون الشباب رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة رئيس اللجنة الأولمبية البحرينية، وسمو الشيخ خالد بن حمد آل خليفة النائب الأول لرئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة، رئيس الاتحاد البحريني لألعاب القوى، مؤسس منظمة KHK MMA، والشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، والسيد هشام بن محمد الجودر وزير شؤون الشباب والرياضة، عموماً إن الرياضيين البحرينيين من لاعبين وحُكام جميعهم كانوا سُفراء للبحرين في الخارج.

إن المراقب للأحداث من الداخل يلحظ بأن الإنجازات التي تحققت في البحرين جاءت بعزيمة وصبر وتأنٍّ في ظل المؤامرات الكثيرة التي تحاك ضد البلاد بقوة، لكن بفضل الله وإيمان أبنائها البررة تجاوزتها البحرين واستمرت مسيرة التنمية، ومازالت البحرين تتجاوز التحديات الماثلة أمامها في الوقت الراهن الأزمة الاقتصادية العالمية بسبب تدني أسعار النفط عالمياً، ومازالت البحرين تتجاوز التحديات الصعبة بعزيمة لم تفتر، وإصرار على بلوغ الأهداف من أجل رفاهية الإنسان البحريني.