لا يمكن لمجلس نيابي قادم وفي ظل الظروف الاقتصادية الراهنة أن نراهن عليه في تصحيح المسارات الاقتصادية والمالية المحلية ما لم يحتوِ على مجموعة من المحللين الماليين وعلى نخبة مميزة من الاقتصاديين البحرينيين وكذا على بعض التجار المخضرمين الذين يدركون حجم التحديات التي تواجه السوق المحلي والإقليمي والعالمي.

مجلس من دون وجود مثل هذه النخب الاقتصادية في هذه المرحلة لا يعتبر أمراً جيداً على الإطلاق، ولذا من الضروري أن يتجه الناخبون جهة هذه الشرائح من المترشحين لاختيارهم كصمام أمان للوضع الاقتصادي المتأزم.

إذا كان الوضع الاقتصادي الذي تمر به البلاد حرج للغاية يكون من اللازم الاتجاه صوب المختصين في الشأن الاقتصادي. في ظل هذه الظروف لا يصلح انتخاب الجار أو الصديق أو المطوَّع أو ولد «الفريج» أو النَّسيب، وإنما يجب انتخاب الرجل المناسب للظرف المناسب، ولا أنسب من انتخاب رجل المال والاقتصاد المختص لشغر هذه المهمة الحساسة في هذه الظروف الحساسة.

بكل تأكيد نحن نطالب بتوليفة نيابية تضم مجموعة من المختصين في بقية الجوانب الأخرى، لكن، لأننا نشهد أزمات اقتصادية صريحة وقاسية سيكون علينا اختيار النائب المختص بالشأن الاقتصادي وبحركة المال والأسواق. وفي حال لم يذهب الجمهور لاختيار هذه الشريحة المهمة لهذه المهمة فإن المجلس القادم سيعاني معاناة شديدة في إصدار ورسم وإقرار تشريعات تخدم المرحلة لافتقاده هذه العناصر التي يمكن أن تضيف الكثير من التشريعات القوية لمستقبل البلاد واقتصاده. الحل هو أن نوجِّه الرأي العام إلى أهمية اختيار المترشح الاقتصادي المخلص في هذه الظروف الصعبة، ولا أجد ما يملي هذا الفراغ التشريعي أنسب منه.

لعل أكثر من أصاب حقيقة هذه المشكلة داخل مجلس النواب واقترب من نزفها وتشخيص حالها طيلة الدورات السابقة هو رئيس غرفة تجارة وصناعة البحرين سمير عبدالله ناس. في هذا الصدد يقول ناس: «أنا على قناعة شخصية بأن السياسة والاقتصاد يسيران اليوم يداً بيد، وأنه لا يمكن الفصل بين السياسة والاقتصاد، كما أنني على قناعة بأهمية دور مجلس النواب في رسم المستقبل الاقتصادي لمملكة البحرين، وعليه فإنني أرى ضرورة وجود نواب لديهم تجربة تجارية أو داعمين ومساندين لقضايا القطاع التجاري في مجلس النواب، لأن ذلك كفيل بحل الكثير من المشاكل والمعوقات التي تواجه النمو الاقتصادي وتطوره تشريعياً، ولكنني أرى في نفس الوقت أن المجلس الحالي والذي سبقه بالرغم من بعض المحاولات لعدد من النواب المؤمنين بدور القطاع الخاص في الازدهار الاقتصادي لم يولِ الاقتصاد والتنمية الاهتمام الكافي والعمق المطلوبين، بل إن بعض المسائل الاقتصادية قد طرحت في كثير من الأحيان بصورة فيها من الإثارة والمزايدة من بعض النواب مما أدى إلى تفاقم التضخم والدين العام بشكل أو بآخر، وليس من قبيل المبالغة القول بأن مجلس النواب اهتم بالشأن السياسي على حساب الشأن الاقتصادي».