تتجه أنظارالمراقبين والمهتمين بالشأن الأمريكي إلى مجلس الشيوخ حيث بدأت إجراءات محاكمة الرئيس دونالد ترامب بعد موافقة مجلس النواب الأمريكي على الإجراءات التمهيدية لعزله، وذلك على ضوء التهمة التي وجهت إليه بسبب المكالمة الهاتفية التي أجراها مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والتي طلب خلالها إجراء تحقيق مع نائب الرئيس الأسبق جو بايدن وابنه هانتر بسبب أنشطتهم التجارية في أوكرانيا.

إلا أن هناك حقائق عدة لابد من القارئ الكريم أن يدركها لكي تتضح لديه الصورة. فالصراع القائم بين إدارة ترامب وبعض أعضاء الكونغرس هو في الواقع صراعٌ بين الحزبين الكبيرين «الجمهوري والديمقراطي»، ويمكن اعتباره حرب مصالح.

ومن الملاحظ أن الحزب الجمهوري «اليميني» يؤيد ترامب بقوة في هذه الأزمة رغم الخلافات العميقة بين الأخير وقيادات الحزب، إذ إن الجمهوريين يعتبرون عزل ترامب نكسة سياسية وقد يؤثر سلباً على أداء الحزب في الانتخابات العامة التي ستجرى في شهر نوفمبر المقبل. فرئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي والنائب آدم شيف رئيس لجنة الاستخبارات بالمجلس -وهو من أشرف على جلسات التحقيق- وكذلك جو بايدن ينتمون إلى الحزب الديمقراطي «اليساري» وهو الحزب المنافس لحزب ترامب. ومن الواضح أن هؤلاء الثلاثة يتطلعون إلى مكاسب ثمينة، فنانسي بيلوسي تطمع في منصب الرئاسة بحيث تدفع نحو عزل ترامب وربما إجبار نائبه مايك بنس على الاستقالة حيث إن الدستور الأمريكي ينص على تولي رئيس مجلس النواب رئاسة البلاد في حال شغور منصبي الرئيس ونائب الرئيس، أو أن تساهم بشكلٍ أو آخر في عودة الديمقراطيين إلى الحكم وسيطرتهم على الكونغرس بغرفتيه.

وبالنسبة لآدم شيف، فهذا الحدث يمثل له فرصة للبروز بشكلٍ أكبر، وقد يصل به الحال إلى توليه منصب رئيس مجلس النواب مستقبلاً أو توليه منصباً وزارياً في الحكومة الفيدرالية.

أما جو بايدن، ففي الوقت الذي يتوقع فيه بعض المراقبين فوزه في الانتخابات التمهيدية لاختيار مرشح الحزب الديمقراطي لمنصب الرئاسة، إلا أن هفواته وتشتت أفكاره نتيجةً لتقدمه في السن بالإضافة إلى بروز مرشحٍ آخر داخل الحزب وهو مايكل بلومبرغ عمدة مدينة نيويورك السابق قد يقلل من فرصه في الفوزبترشيح حزبه.

ونظراً لكون موضوع عزل ترامب مادةً دسمةً لوسائل الإعلام الأمريكية، وحيث إن كل مؤسسة إعلامية لديها توجه أو مسار تحرير معين، فإنه من المعلوم أن قناة «سي إن إن» الإخبارية محسوبة على الحزب الديمقراطي وأن قناة «فوكس نيوز» محسوبة على الحزب الجمهوري. فقناة «سي إن إن» هي ذاتها التي شنت حملةً إعلاميةً شرسة على بلادنا قبل عدة سنوات وكأنها تتحدث باسم الرئيس آنذاك باراك أوباما وطاقمه الحكومي المنتمي إلى الحزب الديمقراطي.

أوباما الذي تغنى بالحرية والتغيير هو نفسه الذي تغاضى عن انتهاكات حقوق الإنسان في إيران وذلك عقب انتخابات الرئاسة التي جرت في عام 2009 والتي فاز فيها الرئيس محمود أحمدي نجاد على منافسه الإصلاحي مير حسين موسوي، وهو نفسه الذي زار ميانمار وأشاد بالانفتاح السياسي في تلك الدولة على حد قوله في الوقت الذي تتعرض فيه قومية الروهينغا للقتل والتشريد.

وقد يتساءل القارئ الكريم عن علاقة ما ذكرناه بعنوان المقال، والجواب هو أنه لا يمكننا أن نتناول المحور الرئيسي للمقال بمعزلٍ عن الوضع السياسي القائم في الولايات المتحدة والذي سيلقي بظلاله على نتائج الانتخابات العامة المقبلة. وسأتناول إن شاء الله في الجزء الثاني من المقال العوامل التي أعتقد أنها ستسهم في فوز الرئيس ترامب بولايةٍ ثانية. وللحديث بقية.