هل نقول عن خطة «التعافي الاقتصادي» إنها رائعة وليس بالإمكان أفضل مما كان؟ نترك ذلك لأهل الاختصاص، فهم من يستطيع أن يحكم عليها، قبل أو أثناء أو بعد تنفيذها، وإنما نستطيع أن نقول إن مجرد خروج المسؤولين عن اقتصاد الدولة من المنطقة الآمنة لهم وإشراك الناس ومشاركتهم خططهم ونواياهم وأهدافهم وإستراتيجيتهم يعد خطوة كبيرة للأمام، فهذه الخطة موضوعة لهم ولتحسين معيشتهم والتعافي المطلوب من أجلهم هم وأبناؤهم، ومن دون إشراكهم بتفاصيلها وكيف سيستفيدون منها وكيف ستنعكس عليهم، فإنك تقود عربة سائقها أعمى.

المؤتمر استدعى مواجهة الصحافة والإعلام والإجابة عن استفسارات وشرح الخطة، أهم مأخذ تم تفاديه هذه المرة كان أن العناوين السابقة التي كانت تصدر عن المالية والاقتصاد، وتبدو كأنها مترجمة ترجمة «جوجلية» لا تخاطب من تستهدفهم وهو المواطن البحريني، وليس المقصود أن العيب في الصياغة فقط إنما كانت تصريحات تحتاج إلى «محول» يحول لي العناوين إلى شيء ملموس يساعدني أنا المواطن في فهم ما يقصدون كمختصين.

أفهم الآن أن هناك توجهاً نحو توظيف 20 ألفاً وتدريب 10 آلاف، أعرف أن هناك ميزانية مرصودة لتحقيق تلك البرامج، صحيح أنني لا أعرف نوعية الوظائف ولا نوع التدريب، إنما بالتأكيد لها علاقة بعنوان «تشجيع الاستثمار في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات» وتستهدف «الابتكار والتنوع» وأعرف أن هناك تسهيلاً لرواد الأعمال وتسهيلاً لأصحاب المشاريع المفروض أنها تشمل خططاً جديدة وتغييراً ملموساً تحل بعض العقد التي كانت عائقاً أمام البرامج السابقة، الآن هذه مسؤولية الوزراء كي يشرحوا للناس تفاصيل هذه البرامج إنما ليست بالطريقة السابقة التي تبقيهم في المنطقة الآمنة، حيث أحضر الوزير والمذيع والأسئلة الجاهزة وأصور وأعرض تبرئة للذمة، سابقاً تلك اللقاءات لم تكن تحدث أثراً وليس لها متابعون وبالتالي ليس هناك تفاعل شعبي كما هو مطلوب.

تحتاج الحكومة أن تخرج من المنطقة الآمنة، دعوا للقاءات تحدث ويسمع الوزير ملاحظات تخص الجزء الخاص به في الأداء الاقتصادي، دعوا اللقاءات تحدث أثراً وتفاعلاً مع الناس، فمن الظلم أن تجهض الخطوة الكبيرة التي قامت بها الحكومة في مؤتمرها الصحفي بتلك اللقاءات المعلبة، لا تخسر ثقة المواطن بعد أن كسبتها حين تجهز لقاء معلباً يمنح شعوراً بعدم الثقة.

نصيحة تفاعل الناس مع الحكومة مؤشر قوي على التعافي بحد ذاته يستقيه الناس وكذلك المراقبون وينعكس في تقاريرهم.

متفائلون هذه المرة ونتمنى أن يكون شعورنا في محله، أضف إلى ذلك أن لدينا مؤشرات تدعو للتفاؤل بالإمكان الاستناد إليها تجعلنا نأمل أن نكون على الطريق الصحيح، أولها نجاح برنامج التوازن المالي وذلك لم يكن سهلاً أبداً في ظل تحدياتنا وهذا ما قاله وزير الخزانة الأمريكي السابق ستيف مانوشن حين التقى بالشيخ سلمان بن خليفة قائلاً «وزير المالية المفضل»، وثانيهما نجاح إستراتيجية مواجهة الأزمات ودليلها «الجائحة» فقد تخطينا إستراتيجيات دول عظمى بنتائجنا، وثالثها -وقد تستغربون- أن الكبوة التي حصلت لنا في الجائحة كانت -ككبوة- من الأمور المتوقعة، ويمكن أن تحدث لنا ولأي أحد آخر أثناء المرور بأي أزمة، إنما خروجنا منها ومعالجتها بتلك السرعة والجرأة في إعادة التقييم، تعني أننا أمام فريق حاضر ومتمكن، وتلك هي القيادة التي تعطيك شعوراً بأنك بأيدٍ أمينة.