مثل شعبي يختصر عليك الكثير من العبارات، ويريحك من كثرة الشرح والتفصيل، بل يختصر فلسفة عميقة حول قيمة الوقت والجهد في مجاراة الحمقى أو "التافهين".

وهو أيضاً يدعونا للتفكر في حقيقة الحياة وأهمية توجيه طاقاتنا نحو ما يستحق أن نناضل من أجله، ونفوز به.

كثير من المعارك الهامشية في حياتنا لا تستحق الخوض فيها، وخصوصاً عندما تعرف قدر صاحبها فتنأى بنفسك عن الخوض في مستنقعه. وعلاج المستفز تجاهله فذلك فعال جداً لحالته، دعه يغلي وأنت تنعم بالسلام.

لا جدوى من مجاراته، فإن مستنقعه يعج بالقاذورات ويفرض عليك استخدام وسائل وحيل لا تشبهك إطلاقاً. إن زج النفس النقية في هذا المستنقع إساءة بالغة للقيم، ومضيعة كبيرة للوقت.

ومن المؤسف جداً أن ندرك يوماً أننا خضنا معارك لا تليق بنا بل لا تمت لحياتنا بصلة، معارك أبعدتنا عن مسارنا الحقيقي، وحرمتنا تحقيق لذة الوصول إلى ما نطمح إليه. ولعل ما أشار إليه الدكتور غازي القصيبي في قوله: "وعُدتُ من المعارك ولستُ أدري علامَ أضعتُ عُمري في النزّال"؛ لكي يجعلنا نرى الصورة كاملة، وندرك أن الخسارة الحقيقية هي خسارة الذات في هذا المُعترك.

إن إدراك الفارق بين ما يستحق أن نناضل من أجله وما يمكننا تجاهله، يجعلنا نميّز بين الرمح الغالي والفريسة التي لا تستحق عناء الصيد، كما يجعلنا نتصالح مع فكرة أننا لن نخرج منتصرين في كل المعارك، وهي الحياة نعيشها بتقلباتها.. إنكساراتها.. ونجاحاتها.. الأهم أن ندرك مهارة التأقلم مع الظروف والتعايش مع مختلف النتائج.

رسالة أخيرة
حين ترى صراعات هذه الحياة وخصومات الناس فيها انفث على قلبك بقصة ذلك الواعي في قول رسولك الكريم صلى الله عليه وسلم "يدخل عليكم الآن رجل من أهل الجنة"، واملأ سمعك بقوله: "ما بت ليلة وفي قلبي غلّ ولا حقد على أحد من المسلمين"، وانفث على مشاعرك.. ويمم وجهك إلى دار الكرامات.