إيمان عبدالعزيز



من المتعارف عليه في كل بلد أن يحتفى في شهر يونيو من كل عام بيوم الأب كما هو الحال في يوم الأم بشهر مارس، تلك الأيام التي من المحبب الاحتفاء بها تكريماً لدور الأب واستذكاراً لعطاءاته وصنائعه التي لا تنضب.

ويتشاطر الأب دوره التربوي مع الأم على حد سواء، في بناء صرح أسري قويم الاتزان تسود بيئته حسن الرقابة ووافر الاهتمام مع استمرار المتابعة وتوفير الدعم المادي والعاطفي ، لصناعة شخصيات رزينة من الأبناء تصد في وجه الانحراف وآفاته، متغلبة على التحديات الاجتماعية بأصنافها.

فلا يقتصر دور الأب على تلبية قائمة الطلبات المدرجة بها شراء المأكولات والملبس ومستلزمات المنزل فقط، بل تكمن جهوده المكملة لدور الأم في الحفاظ على الأبناء ومصاحبتهم والتعرف على أفكارهم وميولهم وطموحاتهم، وتلبية رغباتهم في سبيل تفعيل علاقات ودية، تسهم في تحقيق الأمن الأسري.

فعندما يقوم الأب بتكوين صداقة حميمة دائمة بينه وبين أبنائه فذلك من اليسير التعرف على مدى صحبتهم مع الأصدقاء خارج المنزل، وصلاحية الأخلاق لهؤلاء الأصدقاء، ما قد يحدث أحياناً من الوقوع في مشاكل وعثرات مع الأصحاب، ليكون الأب هو المرشد الأقرب في حلها حلاً سليماً، وذلك عبر ما يفتحه من أبواب للنقاش والحوار تعزز من الثقة في نفوس الأبناء والرجوع إلى الصدر الرحب في كل وقت وحين.

ولا يغفل عن أهمية فروض الأخلاق والقيم التي يقرها الأب بمساعدة الأم ضمن لائحة الأنظمة والضوابط في المنزل، ويعود بفضلها تقويم سلوكيات الأبناء، لتبقى راسخة في أذهانهم حتى الكبر، فينتج عنها أجيالاً واعدة بسمو النبل وتمام النبوغ.

شهر يونيو الذي يكرم فيه دور الأب، ومن المفترض تكريمه في كل الأيام، لكونه رب الأسرة وعمادها، والقدوة التي يسير على خطاها الأبناء عبر السنين، والأمان الذي يطغى بدفئه على سائر البيت.

طوبى لمن يتمتع بهذا الدفء الأسري الذي يمنحه الوهاب نعمة على خلقه، وجبر الله قلوباً كسرها اليتم بفقدان والديها.

وأختم مقالي هذا بكلماتي المعبرة عن شوقي لأبي رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.

برحيلك يا أبي انكسر الظهر
يا من صدت سواعدك عني صروف الدهر
غاص الوجه بالأدمع منادياً مناداة الغريق بقاع النهر
يلوع الفؤاد لوعاته اشتياقاً لا يوقفها اليوم ولا الشهر
غدوت يتيماً مكلوماً أتجرع مرارة الأنين والقهر
مآثرك لاتزال في البال خالدة يطيب ذكرها وقت السهر