روئ الحايكي




لقد كتبت في مقال سابق عن ظاهرة «دماغ الجائحة»، وهي الظاهرة التي تتعلق بفقداننا لطاقاتنا ونشاطنا العقلي بسبب جائحة فيروس كورونا. فمن منا لم يلاحظ تغيّراً في تركيز الدماغ والقدرة على التذكر منذ بداية الجائحة وحتى يومنا هذا.

وبغضّ النظر عن كوننا نستشعر أهمية التدقيق لمعرفة مدى تأثر أدمغتنا من عدمه وإصابتنا بهذه الظاهرة، معروف أن الضغط النفسي والقلق يمكن أن يكون خطيراً على صحتنا الجسدية والنفسية خاصة عندما نعيش ذلك لفترة طويلة من الزمن.

وفي مقالي اليوم سأتطرق لاضطرابات النوم وعلاقتها المباشرة بتفاقم ظاهرة «دماغ الجائحة»، فقد عانى ولايزال يعاني كثيرون من الأرق المرتبط بالتوتر والضغوط الناجمة عن الجائحة. وأصبح الحصول على نوم هادئ وكافٍ للجسم أثناء الليل أمراً شبه مستحيل.

وفي مقال نشرته «بي بي سي» عن الموضوع، يقول البروفيسور كيفن مورغان، أستاذ الطب النفسي بجامعة لوبورو والذي يجري الدراسات: «إن الروتين هو العامل الأكثر أهمية في الحصول على نوم جيد، ومع الإغلاق الذي «مزق» ذلك الروتين فإنه من غير المستغرب أن الناس يجدون صعوبة في النوم، ومع دخول الوباء عامه الثاني، تسببت شهور من التباعد الاجتماعي في تقويض الروتين اليومي لنا، ومحو الحدود الفاصلة بين العمل والحياة الخاصة، وجلب حالة مستمرة من عدم اليقين بشأن حياتنا، مع ما يحمله ذلك من آثار وخيمة على النوم».

ومن المعروف، أن أضطرابات النوم تؤدي مع الوقت لفقداننا لطاقاتنا ونشاطنا العقلي. فقد تم ربط قلة النوم أيضاً والإجهاد المزمن علمياً بقتل خلايا الدماغ، وحتى تقليص حجم قشرة الفص الجبهي، وهو جزء من الدماغ المسؤول عن الذاكرة والتركيز والتعلم.

لذلك وبغضّ النظر عن إصابتنا بظاهرة دماغ الجائحة أم لا، فإن ما يهم هنا هو أننا تأثرنا كثيراً بسبب معايشتنا للجائحة لفترة طويلة، وكثير منا يعاني اضطرابات النوم بسبب التوترات والضغوطات، ولابد من الاعتراف بذلك وطلب المساعدة الطبية اللازمة لترميم ما أفسدته الجائحة حتى نستعيد نشاطنا وحياتنا.

ويجب أيضاً أن لا ننسى بأن التعايش مع الجائحة والتأقلم أو ربما يمكننا أن نقول مجاراة الوضع الراهن بتقلباته وتوتراته، حتما سيؤدي بنا لمزيد من اضطرابات النوم أو الإصابة بظاهرة «دماغ الجائحة»، لذلك لا يمكن أن نستصغر ما يجري ومدى وطأته على أدمغتنا وحياتنا.