الحرة

خلال المعركة المستعرة بين القوات الأوكرانية ونظيرتها الروسية منذ أشهر للسيطرة على على باخموت، المدينة الواقعة في شرق أوكرانيا، يتم استخدام تكتيكات يائسة، بهدف تحقيق "النصر الحاسم"، وفقا لتقرير لصحيفة "التايمز" البريطانية.

وقود للمدافع

وفي الأكاديميات العسكرية الأوكرانية، ما زالوا يعلمون مذاهب جورجي جوكوف، الجنرال السوفيتي الشهير، الذي أدى انتصاره في ستالينغراد إلى قلب نتائج الحرب العالمية الثانية.

لكن يتم تعليم ذلك التكتيك كمثال "على ما لا يجب فعله" خلال الحروب.

ويتحدث رومان وهو ملازم ثان، يبلغ من العمر 23 عاما، وتم تكليفه حديثا باللواء 80 في الجيش الأوكراني، عن مقتل الكثير من الجنود الروس خلال المواجهة المستمرة في باخموت.

وتشير "التايمز" إلى تكتيكات الموجة البشرية التي ابتكرها جوكوف، والتي كانت تتمثل في إرسال رجال لاقتحام المباني الألمانية بطريقة انتحارية، مع فرقة ثانية من الرجال خلفهم لإطلاق النار على أي شخص يحاول الهروب.

وتستخدم روسيا ذلك التكتيك اليوم، وخاصة مرتزقة فاغنر الذين قادوا الهجوم على باخموت، حسب الصحيفة البريطانية.

قال رومان: "هؤلاء الرجال هم وقود للمدافع، مثل جوكوف، إنهم يفعلون الشيء نفسه الآن كما فعل في ذلك الوقت".

وأقر يفغيني بريغوجين، رئيس مجموعة "فاغنر" شبه العسكرية الروسية، بأن مقاتليه يتكبدون خسائر متزايدة في الحرب في أوكرانيا، وذلك خلال زيارته، الخميس، مقبرة قال إنها "لا تنفك تكبر"، وفقا لـ"فرانس برس".

وفي مقطع فيديو نشرته فاغنر على تطبيق "تلغرام" ظهر بريغوجين واقفاً أمام عشرات المدافن التي تعلو كلاً منها صلبان ووُضعت عليها أكاليل من الزهر.

وقال بريغوجين في الفيديو "نواصل دفن مقاتلي فاغنر هنا ولا مشكلة في ذلك حتى اليوم. سنعمل على تحسين هذه المقبرة وجعلها نصبا تذكاريا للأجيال المقبلة".

وأضاف "نعم، (المقبرة) تكبر، أولئك الذين يقاتلون يُقتلون أحيانا، هكذا تسير الحياة".

لا تتحدث روسيا كثيرا عن الخسائر التي تكبدتها في أوكرانيا منذ بدء هجومها على هذا البلد في فبراير 2022.

وآخر حصيلة رسمية للخسائر صادرة عن وزارة الدفاع الروسية تعود إلى سبتمبر 2022 وقد بلغ فيها عدد القتلى 5937 عسكريا، ولا تشمل هذه الحصيلة مقاتلي فاغنر الذين لا ينتمون رسميا إلى الجيش الروسي

ووفقا للتقديرات الغربية، فإن خسائر القوات الروسية مجتمعة (الجيش الروسي ووحدات فاغنر والقوات الأوكرانية الانفصالية الموالية لروسيا) منذ بدأت غزو أوكرانيا يمكن أن تصل إلى أكثر من 150 ألفا ما بين قتيل وجريح، حسب "فرانس برس".

ستالينغراد الأوكرانية

توصف معركة باخموت بأنها ستالينغراد الأوكرانية، حيث اتخذ المشاة الأوكرانيون مواقع في صفوف المباني السكنية التي تعود إلى الحقبة السوفيتية في المدينة، ولم يتراجعوا إلا عندما دمرتها المدفعية الروسية.

وتبدو النتيجة إلى حد كبير مثل ستالينغراد، وإن كان ذلك على نطاق أصغر، حسب "التايمز".

واستمرت معركة ستالينغراد 200 يوم، بينما استمرت معركة باخموت، لفترة أطول.

منذ الصيف الماضي تحاول القوات الروسية السيطرة على باخموت، المدينة التي كانت تضم قبل الحرب 70 ألف نسمة ولم يعد يسكنها اليوم سوى المئات، حسب "فرانس برس".

وأثبتت المعركة المستمرة منذ شهور للسيطرة على باخموت، وهي واحدة من آخر المراكز الحضرية في منطقة دونيتسك الشرقية التي لم تسقط بعد في قبضة موسكو، أنها واحدة من أكثر المعارك دموية في الغزو الروسي، وفقا لـ"رويترز".

تكيتك أوكراني

قلل محللون غربيون من الأهمية الاستراتيجية لباخموت، لكن أوكرانيا تجعل دفاعها المستميت، عما أصبح الآن مدينة مدمرة بالكامل، وسيلة لإرهاق القوات الروسية، وعانى كلا الجانبين من خسائر جسيمة هناك.

قال بافلو ناروجني، المحلل العسكري الأوكراني، لراديو (إن.في) الأوكراني "باخموت تؤدي المهمة الرئيسية المتمثلة في إلحاق أكبر قدر ممكن من الخسائر بروسيا، والأهم من ذلك، التجهيز لهجوم مضاد في أواخر أبريل ومايو".

وبالنسبة للجنود الذين بقوا في الجبهة لفترة طويلة فإن الخسائر العقلية للتكتيكات التي ينشرها الجانبان واضحة.

يخشى المراقبون الغربيون أن أوكرانيا فقدت بعضا من أفضل ضباطها في الدفاع عن باخموت، بينما ضحت روسيا بما يتراوح بين 20 و30 ألف رجل، كان العديد إن لم يكن معظمهم من المدانين المفرج عنهم في فاغنر، حسب "التايمز".

وأصر الملازم أول، فياتشيسلاف، على أن إسقاط العدو ومنعهم من الانتقال إلى القرى الواقعة غربي باخموت هو تكتيك جيد وقرار علاقات عامة.

وقال: "إذا انسحبنا من باخموت فسيكون من الصعب للغاية استعادتها، وفي غضون ذلك، تكتيكاتنا ترهق الروس".