يقضي رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون عطلة نهاية الأسبوع "هادئة نسبياً" في قصر تشيكرز" الريفي، الذي يبعد حوالي 45 كيلومتراً شمال غربي لندن، بعد قرار تأجيل الكشف عن نتائج تحقيق بشأن خرقه تدابير الإغلاق خلال تفشي فيروس كورونا، وسط اتهامات من المعارضة بأن التأخير مجرد "حيلة" تهدف إلى إبقائه لفترة أطول في السلطة.

وبعدما دخلت الشرطة على خط التحقيقات، وطلبت بعض الأدلة من كبيرة الموظفين في الحكومة سو جراي، تأخر صدور التحقيق بعدما كان مقرراً خلال هذا الأسبوع.

وذكرت صحيفة "جارديان"، السبت، أن حلفاء جونسون سيدعمون مواصلة "قتاله" للمحافظة على منصبه، خصوصاً مع "تشابك تحقيقي الحكومة مع الشرطة". وقال أحد حلفاء جونسون في الحزب للصحيفة: "أعتقد أن هناك فرصة بنسبة 55٪ للنجاة".



وأشارت الصحيفة إلى أن هذا التأخير "أعطى مساحة للجهود التي يبذلها جونسون وأنصاره، لإقناع زملائه بعدم محاولة إثارة تصويت سحب الثقة منه"، لكن بعض النواب قالوا إنهم "سينتظرون التقرير قبل التحرك ضد جونسون".

أسباب التأخير

ونفت الشرطة تسببها في تأخير صدور التقرير، وقالت في بيان إنه "فيما يتعلق بالأحداث التي تحقق بها شرطة العاصمة، طلبنا الإشارة بأقل ما يمكن لتقرير مكتب الحكومة"، في إشارة إلى الإدارة التي تدعم رئيس الوزراء وتساعد في تطبيق سياساته.

من جانبه، قال ناطق باسم جونسون إن "نتائج التقرير وتوقيت صدوره مسألة تخص فريق التحقيق بمكتب مجلس الوزراء".

وأضاف أن "اختصاصات التحقيق ذكرت أن جراي وفريقها سيظلون على اتصال بالشرطة. مرة أخرى إنه تحقيق مستقل، ولم نطلع على تفاصيل ذلك التحقيق أو أي من محتوياته".

ويعمل مسؤولون بريطانيون على إيجاد سبيل لنشر تقرير جراي، دون الإخلال بالتحقيق الجنائي، في حين يخشى بعض أعضاء البرلمان أن يجري تخفيف نبرته، وفق وكالة "رويترز".

وفي هذا السياق، قال أندرو بريدجن، النائب المحافظ الذي دعا جونسون إلى الاستقالة في تصريحات لوكالة "رويترز": "من الواضح أن أخطر الاتهامات لن تكون متاحة للبرلمان لعرضها، ويمكن أن يؤخر التقرير لفترة أطول من ذلك".

"مصير حاسم"

ويُنظر إلى تقرير جراي، الذي ستسلمه إلى جونسون قبل نشره وتقديمه إلى البرلمان، على أنه "حاسم لمصيره"، إذ قال جونسون مراراً إنه "لا ينبغي التوصل إلى أي استنتاجات قبل صدور نتائج التحقيق".

ويواجه جونسون اتهامات بحضور حفل في مقر الحكومة بداونينج ستريت، خلال فترة القيود المفروضة على البلاد، بسبب كورونا في عام 2020، بينها تقارير عن قيام مساعدين لجونسون بـ"حشو حقيبة مليئة بالكحول، والرقص حتى ساعات متأخرة"، فيما بات يعرف باسم فضيحة "أحضر الخمر معك".

وسميت بفضيحة "أحضر الخمر معك"، في إشارة إلى رسالة البريد الإلكتروني المسربة التي أرسلها سكرتير جونسون الخاص، مارتن رينولدز، والتي شجع فيها المدعوين في حفل 20 مايو 2020، على الحضور، قائلاً: "أحضروا معكم الخمر، واستمتعوا بالطقس الرائع لأقصى حد".

وكان جونسون، قدم في 12 من الشهر الجاري، اعتذاره خلال جلسة محاسبته في مجلس العموم البريطاني، بحضور حفل أثناء العزل، وقدم اعتذاره للنواب، قائلاً إنه يتفهم "غضب الناس تجاه حكومتي بسبب عدم اتباع القواعد"، مشيداً بـ"التضحيات التي قدمها ملايين الناس على مدى 18 شهراً".

ودعا زعيم حزب العمال المعارض كير ستارمر، إلى استقالة جونسون، قائلاً: "دفاعه عن نفسه بالقول إنه لم يكن يعلم أنه كان في حفلة سخيف لدرجة أنه في الواقع استخفاف بعقول الشعب البريطاني". وأضاف "هل سيكون لديه الآن الجرأة للاستقالة؟" متهماً الزعيم المحافظ بـ"الكذب بوقاحة".

تهديد لـ"الاتحاد"

في السياق اتهم زعيم حزب العمال المعارض كير ستارمر، في تقرير أوردته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، جونسون بأنه "يهدد الاتحاد بين اسكتلندا وإنجلترا"، برفضه الاستقالة.

واتهم ستارمر حزب المحافظين بـ"ازدراء" اسكتلندا، قائلاً إنه "كلما طالت مدة بقاء رئيس الوزراء في منصبه، زاد الخطر على الاتحاد".

وفي حديثه خلال زيارة إلى جلاسكو، الجمعة، قال ستارمر: "أعتقد أنه كلما رأى أي شخص بوريس جونسون، زاد شعوره بالإحباط من حقيقة أنه بسبب سوء سلوكه، فإن الحكومة بأكملها مشلولة، ولا تركز على الأشياء التي أعتقد أنها أكثر أهمية في اسكتلندا".

وأضاف: "لقد تحدث الناس معي هنا عن كلفة المعيشة وارتفاع الأسعار، وعن ارتفاع أسعار الطاقة، وعن ارتفاع فواتيرهم. نحن قلقون بشأن التضخم وهم يعلمون أن الحكومة على وشك فرض ضرائب عليهم. كل ذلك بسبب سوء تصرف رئيس الوزراء".

وقال حزب العمال مراراً، إن "جونسون، الذي لا يتمتع بشعبية خاصة في اسكتلندا، يعد أكبر تهديد على مستقبل المملكة المتحدة"

من جهته، قال زعيم الحزب الوطني الاسكتلندي، إيان بلاكفورد، إنه "يجب نشر تقرير جراي بالكامل دون تأخير". وتابع: "لا يمكن السماح لرئيس الوزراء بالتخلص من المأزق باستخدام تحقيق شرطة العاصمة، كذريعة لمزيد من التأخير أو التلاعب بالتقرير".

"رهينة"

وفي تقرير نشرته "جارديان"، قالت فيه إن جونسون يخاطر بأن يكون "رهينة" من قبل نواب حزب المحافظين الحازمين، الذين يضغطون في مجموعة من القضايا، بما في ذلك التأمين الوطني، واللوائح المتعلقة باللقاحات.

وفي السياق، قال جونسون هذا الأسبوع إنه "مستعد للتخلي عن خطط لتشديد اللوائح المتعلقة بالترويج للأطعمة والمشروبات غير الصحية"، إذ كانت الخطط جزءاً من استراتيجية مكافحة السمنة التي روج لها بنفسه في عام 2020، للتشديد على المحال التجارية التي تعرض الأطعمة والمشروبات غير الصحية.

ومن ضمن القضايا العالقة الأخرى أزمة تضخم الأسعار، وسياسات تتعلق بالرفق بالحيوان وفرض حظر على الصادرات الحية للماشية، والتي أوقفت مؤقتاً.

كما تعرض جونسون لضغط مستمر من نواب حزب المحافظين، لإجراء تغيير جذري في القواعد التي تلزم موظفي الصحة في إنجلترا بأخذ الجرعة الأولى من اللقاحات المضادة لكورونا بحلول 3 فبراير المقبل، على أن يتم أخذ الجرعتين بحلول الأول من أبريل.