لا يخفى على أحد معاناة الأهالي في تربية الأطفال في ظل المتغيرات الحياتية في يومنا هذا، واختلاف نظرة الطفل ومتطلباته للحياة عن السابق، وانفتاح العالم الافتراضي والإلكتروني على مصراعيه، والضغوط والمسؤوليات اليومية التي يتحملها الآباء لتوفير الحياة الكريمة لأطفالهم.
ويحرص أولياء الأمور على حق أطفالهم في العلم والمعرفة من خلال التعليم المدرسي في المدارس الحكومية أو الخاصة، بالإضافة إلى إدماجهم في البرامج التعليمية الأخرى المتوفرة على مصراعيها، وعلى ولي الأمر الاختيار المناسب لمتطلبات طفله وميزانيته.
وفي الإجازات الصيفية، الأنشطة المخصصة للأطفال من تعليم، لعب كرة القدم، السباحة، الملاكمة، ركوب الخيل وبرامج وفعاليات لا تعد ولا تحصى، وكل مركز أو نادٍ يقول "الزود عندي"، وصحيح أسعار بعضها مبالغة، وتصل لـ 40 ديناراً للطفل الواحد، ولكن هنالك خيارات متاحة بأسعار في متناول الجميع، مع بعض المراكز توفر العروض الترويجية للفعاليات بأسعار مخفضة، ولولي الأمر حرية انتقاء النادي أو البرنامج الصيفي المناسب لميول ورغبات أطفاله وسقف ميزانيته.
والمجمعات التجارية تكتظ بالألعاب المناسبة لكل الأعمار والرغبات، وانتشار محال الألعاب و"الجامب"، بمعنى خيارات الأنشطة الترفيهية للأطفال لكل المراحل العمرية متوفرة وبأسعار متفاوتة.
كل هذه الخيارات التعليمية والترفيهية متاحة بسهولة وبأسعار تناسب الجميع للطفل الطبيعي، ولكن عند رؤية الرواية بالنسبة لأطفال التوحد أغلب هذه الفرص تكون شبه معدومة لأطفال التوحد وبصورة خاصة غير "الناطقين"، والأسعار تقفز لأرقام خيالية.
صحيح بأن وزارة التربية والتعليم قامت بخطوة جبارة تشكر عليها وهي إدماج أطفال التوحد" الناطقين" في المدارس الحكومية، وهي معذورة في هذا الشرط لكثرة أعداد الطلبة في التعليم الحكومي.
ولكن هذا لا يمنع من تكفل وزارة التربية والتعليم بناء معهد أو مركز تعليمي لأطفال التوحد "غير الناطقين" بالتعاون مع القطاع الخاص وبأسعار تكون في مقدور أولياء الأمور، بعد أن طغت المراكز الخاصة، والتي تعد على أصابع اليد بفرض رسوم خيالية وعدد منها لا تغني ولا تسمن من جوع.
والمراكز صاحبة الخبرة والسعر المناسب لديها قائمة انتظار بالسنوات، مما اضطر بعض الآباء لجلوس أطفالهم في المنازل بعد أن أغلقت أمامهم الأبواب جميعها لعدم مقدرتهم لسداد هذه الرسوم المبالغة وبعضها تكون شهرية، والمدارس الحكومية لا تقبل أطفالهم"غير الناطقين".
أطفال التوحد في البحرين يحتاجون إلى " فزعة" وإيجاد حلول سريعة منها توفير مراكز ومعاهد تربوية وتعليمية لهذه الفئة من الأطفال التي ليست بالقليلة في المجتمع، فالطفل المصاب بالتوحد يحتاج إلى ضبط السلوك في بداية الأمر وتعلم المهارات الحياتية بطريقة تناسب نظرتهم وتفكيرهم للعالم الخارجي، ثم تأتي مرحلة التعليم واكتشاف مواهبهم، فهم أطفال أصحاب ذكاء عالٍ في جانب محدد على ولي الأمر والمعلم اكتشاف هذه النعمة لدى طفل التوحد.
كما نحتاج إلى تظافر جميع الجهات المعنية بوزارة التنمية الاجتماعية والتربية، لزيادة عدد المراكز والمعاهد الخاصة بأطفال التوحد، وخلق نوع من التنافس لكبح جماح الأسعار المرتفعة لبعض المراكز الموجودة حالياً، بسبب قلة الخيارات أمام أولياء الأمور.
وفي الجانب الترفيهي، نحن بحاجة إلى مراكز وأندية توفر برامج وأنشطة ترفيهية تناسب تفكير وميول ورغبات أطفال التوحد، فمن غير المنطقي تعليم السباحة لطفل طبيعي يتراوح بين 25 إلى 40 ديناراً للكورس، وطفل التوحد يقفز السعر لـ 150 وعدد ساعات أقل، صحيح بأنهم أطفال يحتاجون لتعامل خاص، لكن ليس لهذه الدرجة، وحدث العاقل بما يعقل، فهل من المنطقي استنزاف أولياء الأمور في التعليم والترفيه.