نيويورك - (أ ف ب): إذا كان الملياردير دونالد ترامب يملك كل الميزات المطلوبة للحصول على مباركة «وول ستريت» التي ساعدته على بناء أمبراطوريته العقارية، فإن احتمال فوزه بترشيح الحزب الجمهوري لخوض الانتخابات الرئاسية يثير مخاوف اقطاب الرأسمالية الأمريكية.
وقائمة مخاوف أسواق المال طويلة، بدءاً بحرب تجارية مع كل من الصين والمكسيك، وصولاً إلى زيادة الضرائب على الأكثر ثراء، مروراً بنزاع مفتوح مع الاحتياطي الفدرالي الأمريكي والعرقلة في الكونغرس، وغيرها من المواضيع المقلقة.
ولخص مسؤول الاستراتيجية في صندوق «هورايزون انفستمنتس» الاستثماري غريغ فاليار الوضع قائلاً إن «دونالد ترامب يخيف «وول ستريت». إنه غير ملتزم بأي قيود. يحمل الغموض، والأسواق تكره الغموض».
والتصريحات العشوائية والمدوية التي يدلي بها رجل الأعمال منذ دخوله حملة الانتخابات التمهيدية تثير حيرة الشركات. فهو يندد بالأجور الطائلة التي يتقاضاها كبار رؤساء الشركات، وبجشع المصرفيين والوسطاء الماليين، كما يحمل على سياسات الهجرة الأمريكية في حين ترى أوساط الأعمال مكاسب في توافد اليد العاملة المتدنية الأجر القادمة من المكسيك. ومن بواعث القلق أيضاً هجمات ترامب المتكررة ضد الصين واليابان لاتهامهما بالتلاعب بعملتيهما، وعلى التبادل الحر، في وقت تسعى الولايات المتحدة لعقد اتفاقيات تجارية مع منطقة آسيا والمحيط الهادئ، كما مع أوروبا.
وتثير الحمائية التي يدعو إليها ترامب استياء الشركات المتعددة الجنسيات، خاصة حين يهاجم فورد وآبل اللتين تصنعان قسماً من إنتاجهما في الخارج. كما أن دعوته إلى مقاطعة منتجات آبل على خلفية اختبار القوة الذي تخوضه المجموعة مع مكتب التحقيقات الفيدرالي «اف بي اي» بشأن حماية البيانات الشخصية، أثارت البلبلة في وادي السيليكون. وما أرسى القطيعة بينه وبين أقطاب القطاع المالي هجومه على الامتيازات الضريبية التي تستفيد منها صناديق الاستثمار.
غير أن دونالد ترامب يحسن القيام بمبادرات ترضي أوساط الأعمال، فيعد بخفض العجز وبتخفيضات ضريبية للشركات. ويثني على الملياردير كارل ايكان، أحد المستثمرين الذين يثيرون أكبر قدر من الرهبة في «وول ستريت»، مؤكداً أنه يعتزم في حال فوزه بالرئاسة تعيينه وزيراً للخزانة. وقال مارك بيري الخبير في معهد «امرييكان انتربرايز انستيتيوت» المحافظ للدراسات «إنه لا يدخل في أي قالب اقتصادي. ليس محافظاً تقليدياً مثل رونالد ريغن الذي كان سيتمسك بسياسة تقوم على العرض، مبنية على تخفيضات ضريبية وانفتاح على المبادلات الدولية والحد من التنظيمات».
وأضاف أن «برنامجه مزيج فعلي من الشعبوية والانعزالية».
وقال كريس لو وهو مدير استثمارات في شركة «اف تي إن فاينانشل» مبدياً أسفه أن «بعض زبائني يبدون ارتياحهم لعزم «ترامب» على خفض الضرائب على الشركات، لكنهم يتخوفون كثيرا أيضاً من رد الصين في حال قيام حرب تجارية».
و يسود العداء لترامب الأوساط المصرفية أيضاً وقال رئيس مجلس إدارة «غولدمان ساكس» لويد بلانكفين في سبتمبر الماضي إن «صورة ترامب وإصبعه على الزر النووي تثير ذهولي».
وتساءل مصرفي طلب عدم كشف هويته «إنه عاجز عن إدارة شركة، فكيف له أن يدير بلداً؟» مشيراً الى اربع عمليات افلاس منيت بها كازينوهات يملكها ترامب بين 1991 و2009.
وانضم المرشح الجمهوري السابق للبيت الابيض ميت رومني الى الاصوات المنتقدة، مؤكداً أن ترامب «بعيد كل البعد عن العبقرية في الاعمال» وانه «لا يصلح للرئاسة».
وقال رومني الذي كان في الماضي مديراً لشركة «باينز كابيتال» للاستثمارات إن «عمليات الإفلاس التي لحقت بترامب قضت على شركات صغيرة وعلى النساء والرجال الذين كانوا يعملون فيها».
غير ان دونالد ترامب جنى ثروة شخصية تقدر بـ4.5 مليارات دولار، فيما يقدرها هو بضعف هذه القيمة، وبنى امبراطورية اقتصادية تتراوح من المباني الفخمة الى ملاعب الغولف.
وقالت غويندا بلير التي كتبت سيرة عائلة ترامب بعنوان «ذي ترامبس، آل ترامب» «ننسى احيانا ان خلف خطابه برمته، وشعره وبرامج تلفزيون الواقع، هو يحسن فعلا تشييد مبان بطريقة في غاية الفاعلية والادخار».
ومنذ انسحاب جيب بوش الذي كان يحظى بتاييد اوساط الاعمال من السباق لنيل ترشيح الحزب الجمهوري، تشعر «وول ستريت» إنها لم يعد لها مرشح، وباتت على وشك الإذعان والموافقة على انتخاب الديمقراطية هيلاري كلينتون. وقال غريغ فاليار «هيلاري كلينتون هي «شيطان نعرفه»، وهذا افضل من «شيطان لا نعرفه»».
وحذر ديفيد لافرتي الخبير الاستراتيجي لدى شركة «ناتيكسيس غلوبال آسيت ماناجمنت» بأن «البورصة قد تسجل بلبلة هذا الصيف أن تبين أن ترامب يحظى بفرص في الفوز في نوفمبر. في هذه الأثناء، إذا ما استمر في تحقيق النجاح في الانتخابات التمهيدية، فإن التقلبات سوف تزداد».