تحتفل مملكة البحرين هذا العام بمرور 100 عام على تأسيس القطاع المصرفي، وأعلنت جمعية مصارف البحرين إطلاق هذه الاحتفالية خلال شهر أبريل الماضي، وتتضمن جملة من الفعاليات والإصدارات واللقاءات، وصولاً إلى يوم الاحتفال الرسمي بهذه المناسبة بتاريخ 11 ديسمبر القادم تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء.

وفي هذا الإطار تُجري جمعية مصارف البحرين عدداً من اللقاءات الصحفية مع قيادات مصرفية حالية وسابقة، تستعرض فيها جوانب من تميز القطاع المصرفي البحريني، والذي كان على الدوام حاملاً لمسيرة التنمية والازدهار الوطني في البحرين وأحد أعمدتها الأساسية.

وعن بداية ممارسة مصارف الأفشور لأنشطتها في البحرين، يروي المخضرم محمد الشروقي الذي كان من كبار مسؤولي ستى بنك في البحرين والخليج يقول"المصارف التجارية في البحرين لغاية الستينيات من القرن الماضي كانت قليلة العدد. ستي بنك كان أحد البنوك التي فتحت أبوابها للعمل في منتصف الستينات من القرن الماضي. وحصلت التطورات المتسارعة عندما بدأت الحرب الأهلية في لبنان حيث كانت المصارف تبحث عن بلد بديل، وكانت تركيا هي إحدى الدول البديلة المحتملة. ولكن ستي بنك بعد دراسة الوضع، قرر أن ينقل مركزه الخاص بالتدريب من بيروت الى أثينا وكذلك تحويل المكتب التمثيلي إليها.

وأضاف: ولكن قرر البنك أيضاً أن يحول ما يقارب من قيمته 2 بليون دولار امريكي إلى فرع البنك في البحرين مما رفع مجموع ميزانيات البنوك في البحرين بزيادة مفاجأة، وضخمة في آن. وسبب ذلك الارتفاع المفاجئ مشكلة لمؤسسة نقد البحرين فتم الاجتماع بين مؤسسة تقد البحرين ممثلة حينها برئيس المؤسسة عبد الله سيف، ومايكل كالانديز من الفرع الرئيسي بنيويورك، وخلال اللقاء اتضح أن المؤسسة آنذاك لم تكن لديها النية قبول تلك الزيادة المفاجئة في حجم ميزانيات المصارف التجارية.

ولذلك عندما تم مناقشة الأمر مع مايكل اقترح على عبد الله سيف على أن يعتبر نصف المبلغ "1 مليار دولار" كجزء من ميزانية ستي بنك في البحرين والجزء الثاني يعتبر مبالغ أوفشور أي لا يمكن اعتبارها مبالغ محلية في ميزانية البنك، وهنا يلاحظ بأن استخدام تعبير أفشور ورد في تلك المقابلة.

ومن هنا بدأت المؤسسة العمل على إصدار رخص الأفشور وحصل ستي بنك على الرخصة الأولى، وبعده بنك ندرلاند الجميني الهولندي. وبموجب هذه الخطوة الجريئة، راح ستي بنك يتوسع في العمل المصرفي الخارجي، ووصلت ميزانية الفرع في البحرين ما يقارب 50 بليون دولار نتيجة لمنح قروض إلى زبائن خارج البحرين، بينما كان يتم تسجيل تلك القروض في دفاتر الوحدة المصرفية الخارجية.

بعد ذلك قامت بعض الدول الخليجية مثل قطر ودبي في الإمارات العربية المتحدة بالسماح للمصارف الدولية بالتواجد على أراضيها. وقد استقطبت دبي عدداً لا بأس به من المصارف، ولكن تبقى البحرين تحتضن العدد الأكبر منها حتى الآن.

يتذكر محمد الشروقي حكاية حصول ستي بنك على الرخصة لممارسة أنشطته المصرفية ذات الخلفية الإسلامية فقال: "عندما فكرنا في عام 1996 في استصدار رخصة بتك إسلامي ذهبنا مباشرة إلى مؤسسة نقد البحرين، وناقشنا الأمر معها، وحصلنا، في وقت قصير نسبياً، على الرخصة وأنشأنا مصرفاً إسلامياً له رخصة مستقلة كأول بنك أمريكي يحصل على مثل هذه الرخصة".

يختتم الشروقي حواره بالإشارة إلى المرونة التي تتمتع بها الحكومة البحرينية، والتي تسمح ببعض التجاوزات الإيجابية التي من شأنها عدم الوقوع في أسر بيروقراطية الدولة. حول هذه المسألة يتحدث الشروقي: "ذهبت لزيارة سمو الأمير خليفة بن سلمان ال خليفة رئيس الوزراء معلناً له عن نية ستي بنك بناء مقر خاص له في مملكة البحرين، وكانت القوانين في البحرين آنذاك لا تسمح بتملك المؤسسات الأجنبية لعقارات أو أراضٍ في البحرين، لكن سمو رئيس الوزراء وافق على الطلب وأصدر الأوامر بتعديل القوانين لتسهيل عملية حصول البنك على المقر المناسب. وقد كان البنك يفكر ببناء المقر في مناطق تواجد المصارف في المنامة. ولكن لبعد نظر سموه فقد عرض أن يكون المقر الجديد للبنك في منطقة السيف، وفي منطقة استراتيجية من الناحية التجارية. وأكثر من ذلك، عندما عملنا التصميم للبناء ذهبنا اليه لنطلعه على التصميم وكان لدينا تصميمان مختلفان وسألناه عن رأيه في التصميمين فأشار وبدون تردد إلى التصميم الذي يقوم بموجبه المبنى الرئيس الحالي في منطقة السيف".