جائحة فيروس كورونا رغم قساوتها إلا أنها ساهمت بشكل أو بآخر في تصحيح مسارات العديد من الوزارات والمؤسسات العامة والخاصة، وخفضت النفقات إلى حد ما -كل مسؤول وضميره- وسرّعت التحول الرقمي والتطور التكنلوجي مختصرة الوقت بشكل ملحوظ.

جانب مشرق آخر من جوانب الجائحة أنها ساهمت في سن وتشريع قوانين جديدة أو في طريقها إلى الصدور تلك المتعلقة بالعمالة الوافدة والتي احتلت الأحياء السكنية وعمدت إلى مضايقة أهلها عبر تصرفات البعض منهم المنافية للآداب والسلوكيات والأخلاقيات، ناهيك عن تردي المساكن المستأجرة من الناحية الصحية والتمديدات الكهربائية وغيرها من المخاطر، ونأمل أن لا ينتهي فيروس كورونا قبل أن نشاهد تلك الأفواج من العمالة الآسيوية الوافدة من فئة العزاب وقد تم إنشاء مدن عمالية لهم تضمن لهم ولنا الأمان.

من الجوانب الإيجابية أيضاً اللحمة الوطنية التي يعيشها الجميع فقد غابت الطائفية والنعرات الأخرى وتفشت بالمجتمع الروح البحرينية الجميلة التي افتقدناها حقيقة وعادت مرة أخرى وكأنها تقول بأن الطبع يغلب التطبع، وطبعكم يا أهل البحرين الطيبة والنقاء وبياض القلب.

من الإيجابيات أيضاً أننا اكتشفنا البطالة المقنعة وما فعلته الواسطة من خراب وفساد حتى بان بأن غياب البعض لم يكن مؤثراً ولا يضر بالإنتاجية والأداء، وهذه ليست بدعوة لعدم التوظيف بقدر ما هي دعوة لإعادة الحسابات والتأهيل، ومراجعة بعض السياسات الخاطئة الناجمة عن المحسوبية واستغلال النفوذ والتي أصنفها إلى العبث بالمال العام وغياب الظمير والمحاسبة.

فهناك عدد من الوزارات الخدمية تعج بالموظفين من ذوي العقود السنوية، والذين كانوا يعملون بنفس الجهة ولكن تمت إحالتهم إلى التقاعد وعودتهم مرة أخرى إلى رأس عملهم بعقود تجدد كل عام دون أن نعرف سر تقاعدهم وإعادة توظيفهم مرة أخرى خاصة وأن الوظائف التي يشغلونها وظائف عادية جداً ولا تتطلب مهارات خاصة!!!

الأمر والأدهى من ذلك هناك من وصل إلى سن الستين عاماً وتقاعد من عمله في القطاع الخاص وعاد ليزاحم الشباب والخريجين في القطاع الحكومي عبر إعادة توظيفه بتلك العقود التي أعتبرها شخصياً مالاً مغتصباً سيحمل ذنبه من قام بالموافقة على ذلك الإجراء!!!

أيتها الجائحة، لولا أنكِ تحصدين الأرواح لكنت تمنيت أن تبقي قليلاً لكي تصححي مسارات البعض وتعيديهم إلى رشدهم لعل ضمائرهم تصحو من جديد.