نعرف أن التضخم مشكلة عالمية وأن الكثير من الأسباب خارجة عن إرادتنا ونطاق تحكمنا، وأن هناك جهوداً جبارة تبذلها الحكومة من أجل توفير السلع واستقرار الأسعار كما صرح بذلك بيان مجلس الوزراء أمس الأول حيث «تابع مجلس الوزراء النتائج الإيجابية التي تحققت على صعيد توفر واستقرار أسعار السلع الأساسية، من خلال الإجراءات التي تم اتخاذها لتعزيز الاستجابة لاحتياجات السوق بما يضمن استقرار أسعار السلع في ضوء بعض التطورات العالمية التي أثرت على إمدادات الطاقة وتوفر وأسعار البضائع، وأعرب المجلس عن شكره لوزارة الصناعة والتجارة والسياحة على جهودها، شاكراً كذلك جهود تجار مملكة البحرين في تأمين السلع والحفاظ على استقرار أسعارها».
إذاً الدولة تقوم بما عليها حين تتابع مع التجار وتحاول تذليل العقبات أمام الأنشطة التجارية كي تتأكد من عدم تأخيرعمليات الاستيراد ووصول السلع حتى لا يرتفع سعرها بسبب شحها في السوق، إنما المشكلة في عناصر وعوامل أخرى تبقى ضمن اختصاص الحكومة ونطاق تحكمها لم تنجح إلى الآن في إدارتها بالشكل المطلوب، ومنها على سبيل المثال القدرة على التحكم في عمليات «التحايل» التي يرتكبها ضعاف النفوس، أما باحتكار السلعة أو الخدمة المقدمة، أو حتى بالاتفاق بين التجار على توحيد الأسعار وعدم التضارب، أو بالغش أو بغيرها من السبل، وكلها وسائل غير مشروعة ومجرمة قانونياً، وهنا يأتي دور فعالية القانون والعقوبات، وآلية التفتيش وإمكانيته وسرعة التنفيذ، ومدى تفاعل المستهلك ووعيه، ومدى استجابة الحكومة بجميع أجهزتها مع تفاعل المستهلك في الرقابة والتبليغ، هذه من الأمور هي ضمن نطاق العمل الحكومي وتؤثر مدى فعاليتها في توفر السلع والخدمات واستقرار أسعارها.
وفي هذه المشكلة هناك سباق مارثوني بين ضعاف النفوس والحكومة التي تحاول جاهدة أن تسبق ضعاف النفوس إنما الواضح أن كل التدابير التي اتخذتها الحكومة مازالت دون المطلوب، فلا العقوبات ولا حملات التفتيش ولاخط الاتصال الساخن آليات تبدو كافية لملاحقة تلك السبل غير المشروعة، فالبلاغات أكثر بكثير من حالات الضبط، والعقوبات مازالت غير رادعة بما فيه الكفاية، وهناك سرعة حراك بين مقدمي الخدمات والأنشطة خاصة التي تحركها مافيا السجلات وبين لجان التفتيش، فهؤلاء يجتمعون ويتفقون على توحيد الأسعار ولم نسمع عن حالات ضبط أو منع مثل هذا التحايل كما سمعنا في المملكة العربية السعودية حين ضبطت وزارة التجارة اجتماعاً بين بعض أصحاب المطاعم لتوحيد ورفع الأسعار، فما كان من «الهيئة العامة للمنافسة» وهي الهيئة المعنية بحماية وتشجيع المنافسة العادلة في المملكة العربية السعودية، ومكافحة الممارسات الاحتكارية المخلة بالمنافسة المشروعة، حيث تتولى الهيئة المحافظة على البيئة التنافسية لقطاع الأعمال في إطار من العدالة والشفافية للسوق المحلية، وإصدار القواعد والإجراءات المنظمة لذلك.
ففرضت الهيئة على صاحب المطعم الذي دعا عدداً من أصحاب المطاعم المماثلة له واتفق معهم على توحيد السعر ورفعه ومنع التنافس بينهم، فما كان من الهيئة إلا إرغامه على دفع غرامة تقدر بخمسة ملايين ريال وشهرت باسم المطعم الذي له فرع هنا في البحرين!
وإن كنا نتحدث عن قطاع تجارة الأغذية مثلاً فالمشكلة الثانية هي استمرار ضعف الإنتاج المحلي الذي لم يغطِ إلى الآن حتى 20% من الاحتياجات الاستهلاكية، والأمن الغذائي مازال مشكلة لم توضع لها جدولة زمنية لمعالجتها إلى الآن.
تلك نواقص لو نجحنا في ضبطها ومعالجتها لأمكننا خدمة المستهلك بشكل أكبر وساهمنا في توفير السلع وخلق البيئة التنافسية السليمة ولعالجنا مشكلة عدم ضبط الأسعار واستقرارها المتكررة.
ذلك ليس تقليلاً من الجهود المبذولة ولكنها دعوة لاستكمال الناقص منها.
{{ article.visit_count }}
إذاً الدولة تقوم بما عليها حين تتابع مع التجار وتحاول تذليل العقبات أمام الأنشطة التجارية كي تتأكد من عدم تأخيرعمليات الاستيراد ووصول السلع حتى لا يرتفع سعرها بسبب شحها في السوق، إنما المشكلة في عناصر وعوامل أخرى تبقى ضمن اختصاص الحكومة ونطاق تحكمها لم تنجح إلى الآن في إدارتها بالشكل المطلوب، ومنها على سبيل المثال القدرة على التحكم في عمليات «التحايل» التي يرتكبها ضعاف النفوس، أما باحتكار السلعة أو الخدمة المقدمة، أو حتى بالاتفاق بين التجار على توحيد الأسعار وعدم التضارب، أو بالغش أو بغيرها من السبل، وكلها وسائل غير مشروعة ومجرمة قانونياً، وهنا يأتي دور فعالية القانون والعقوبات، وآلية التفتيش وإمكانيته وسرعة التنفيذ، ومدى تفاعل المستهلك ووعيه، ومدى استجابة الحكومة بجميع أجهزتها مع تفاعل المستهلك في الرقابة والتبليغ، هذه من الأمور هي ضمن نطاق العمل الحكومي وتؤثر مدى فعاليتها في توفر السلع والخدمات واستقرار أسعارها.
وفي هذه المشكلة هناك سباق مارثوني بين ضعاف النفوس والحكومة التي تحاول جاهدة أن تسبق ضعاف النفوس إنما الواضح أن كل التدابير التي اتخذتها الحكومة مازالت دون المطلوب، فلا العقوبات ولا حملات التفتيش ولاخط الاتصال الساخن آليات تبدو كافية لملاحقة تلك السبل غير المشروعة، فالبلاغات أكثر بكثير من حالات الضبط، والعقوبات مازالت غير رادعة بما فيه الكفاية، وهناك سرعة حراك بين مقدمي الخدمات والأنشطة خاصة التي تحركها مافيا السجلات وبين لجان التفتيش، فهؤلاء يجتمعون ويتفقون على توحيد الأسعار ولم نسمع عن حالات ضبط أو منع مثل هذا التحايل كما سمعنا في المملكة العربية السعودية حين ضبطت وزارة التجارة اجتماعاً بين بعض أصحاب المطاعم لتوحيد ورفع الأسعار، فما كان من «الهيئة العامة للمنافسة» وهي الهيئة المعنية بحماية وتشجيع المنافسة العادلة في المملكة العربية السعودية، ومكافحة الممارسات الاحتكارية المخلة بالمنافسة المشروعة، حيث تتولى الهيئة المحافظة على البيئة التنافسية لقطاع الأعمال في إطار من العدالة والشفافية للسوق المحلية، وإصدار القواعد والإجراءات المنظمة لذلك.
ففرضت الهيئة على صاحب المطعم الذي دعا عدداً من أصحاب المطاعم المماثلة له واتفق معهم على توحيد السعر ورفعه ومنع التنافس بينهم، فما كان من الهيئة إلا إرغامه على دفع غرامة تقدر بخمسة ملايين ريال وشهرت باسم المطعم الذي له فرع هنا في البحرين!
وإن كنا نتحدث عن قطاع تجارة الأغذية مثلاً فالمشكلة الثانية هي استمرار ضعف الإنتاج المحلي الذي لم يغطِ إلى الآن حتى 20% من الاحتياجات الاستهلاكية، والأمن الغذائي مازال مشكلة لم توضع لها جدولة زمنية لمعالجتها إلى الآن.
تلك نواقص لو نجحنا في ضبطها ومعالجتها لأمكننا خدمة المستهلك بشكل أكبر وساهمنا في توفير السلع وخلق البيئة التنافسية السليمة ولعالجنا مشكلة عدم ضبط الأسعار واستقرارها المتكررة.
ذلك ليس تقليلاً من الجهود المبذولة ولكنها دعوة لاستكمال الناقص منها.