رمضان هو شهر الصوم، وهو شهر الامتناع عن الطعام والشراب لمدة تزيد عن ست عشرة ساعة في اليوم، ومع ذلك فإن أوزاننا تزيد في شهر رمضان عن بقية الشهور.. والسبب هو أننا خلال الفترة من بعد أذان المغرب وحتى قرب أذان الفجر لا نتوقف عن إدخال الطعام على الطعام فتمتلئ كروشنا بما لذ وطاب من خيرات رمضان.

نبدأ الفطور بحبات قليلة من التمر ونحتسي كوباً من الماء أو العصير ثم نذهب لصلاة المغرب في المساجد بعد أن خففت القيود على المساجد هذا العام بسبب ما ذكر بأن فيروس كورونا المستجد وتداعياته قد خفت وليست كالسابق بسبب تناقص عدد الإصابات والوفيات هذه السنة، لكننا بعد أن نفرغ من الصلاة نلتقي ببوادي الثريد المليئة باللحم وبصواني الأرز مع الدجاج أو اللحم، وبأطباق الهريس المشرب بلحم البقر، و«هات يا أكل» نأكل حتى نستلقي على ظهورنا من كثرة ما أكلنا، وكأننا خرجنا للتو من مجاعة.. ويا ليتنا نكتفي بذلك، بل يأتي بعده دور المُحليات من محلبية وكستر البيض واللقيمات والخنفروش وغيرها من أصناف الحلويات، ثم نتبع كل ذلك بشرب أكواب الشاي والقهوة والعصائر المحلاة حتى أننا نصلي صلاة العشاء والتراويح بكل تثاقل من فرط ما بلعناه من طعام وشراب.

وما أن ننتهي من صلاة العشاء والتراويح حتى تبدأ الزيارات العائلية، فالأقربون أولى بالمعروف، وليت هذه الزيارات اكتفت بالأحاديث الودية وشرب الشاي والقهوة، لكن ربة البيت تصر على تقديم ما طبخته بيديها من أكلات رمضانية شهية، «وهات يا أكل» مرة أخرى فعليك أن تأكل من كل الأصناف وتبدي إعجابك بما أكلت حتى تثلج صدر قريبتك التي تزورها.

وهكذا فإننا قد حولنا شهر رمضان المبارك من شهر للصيام والتقوى إلى شهر للأكل والشراب حتى «نفطس» ويخرج الأكل من عيوننا ومن تحت أهدابنا ومن بين أظافرنا. يا سبحان الله.