من الواضح أن التجارب الديمقراطية الوليدة في عدد من مجتمعاتنا العربية ما تزال في طور التشكل، تستلزم -لنجاحها وترسيخها- التزام الدولة العربية بتعزيز الحريات والحقوق، وتستلزم على صعيد المجتمع السياسي، الالتزام بالقيم المشتركة الجامعة التي تشكل سقفاً للحياة السياسية الوطنية. ومنها الثوابت الوطنية، والإعلاء من شأن الحرية والتعددية وحقوق الإنسان وخاصة حقوق الأقليات والمرأة ومشاركتها في الحياة السياسية واحترام القانون، والمحافظة على السلم الأهلي والتسامح ورفض العنف، بما يضمن تحصين الجبهة الداخلية وتعزيز الوحدة الوطنية.
إن هذا الائتلاف داخل الاختلاف مطلوب لإنجاح التجربة الديمقراطية وتطويرها تدريجياً لتكون حقيقة راسخة، مهما اختلفت زوايا النظر للقضايا العامة ولأساليب إدارتها وحلّها، وهو أمر لا نخاله بعيد المنال..
إن التعدد والتنوع اللذين نعيش في فضائهما منذ قرون في نوع من الانسجام، قد تكرس قيم العيش المشترك تحت مظلة الدولة، وبشراكة الناس وتعاونهم، بالرغم مما يمكن أن يظهر على السطح من اختلافات وخلافات. وهذا الأمر يتأتى من الحقائق الاجتماعية والسياسية، والتصاقها بتاريخ الناس في المكان والزمان، بما يجعلها في تقاطع تام مع تاريخ الأوهام المتخيل، الذي تصول وتجول فيه النزاعات التقسيمية والهويات الفرعية التي تبرز على السطح في زمن الأزمات.
إلا أنه وبالرغم من أن الجميع يعلن أنه ضد النزعات التقسيمية، فإن العديد منهم، لا يفعلون -في الواقع- شيئاً سوى تكريسها في الخطاب والممارسة، مع أن الوطن لا يحتمل ولا يطيق منافسة تلك الهويات الفرعية له، لأنها إذا ما ترسخت، فإنها تلغيه وتحل محله، وتشيِّد عالمها الخاص، في هيئة مناوشات وشعارات وحروب عقيمة وصراعات مفتعلة. واجتراح حلول تلفيقية تخترع توازنات وهمية وبدائل ذات مسميات محايدة شكلاً تغطي بها جوهرها التقسيمي المتخفي. فمهما كانت العناوين السياسية هنا براقة ومخاتلة، فإنها في النهاية مضاد موضوعي للديمقراطية نفسها. بل وترفض البديل الديمقراطي الجامع، الذي جوهره التعددية والتسامح واحترام القانون.
إن الخطر الحقيقي يتأتى من هذا النوع من الازدواجية التي تقوم بإعداد الناس والبرامج والتحالفات لأنواع من الاحتراب، ببناء « عقيدة» استعلائية، تصنف الآخرين «عدواً» ولا ترى الحاجة إلى أي نوع من الشراكات والتوافقات الوطنية. وبالتالي تحارب أول ما تحارب المواطنة، باعتبارها عدواً لدوداً للهويات الفرعية. خاصة عندما تستحضر ما يفرق وتستبعد ما يجمع.
إن الوعي بمخاطر التقسيمات مهما كان نوعها «طائفية عرقية أو قبلية..»، لا يكفي وحده لتجاوز مخاطر الطائفية، بل إن المطلوب بذل المزيد من الجهد الوطني التشاركي لتعزيز التجربة الديمقراطية، وفتح منافذ الحوار حول القضايا الجوهرية ومعالجتها بروح التفاهم والوفاق الوطني، لمنع انتقال تأثير هذا الخراب إلى عقول الناشئة.
إن هذا الائتلاف داخل الاختلاف مطلوب لإنجاح التجربة الديمقراطية وتطويرها تدريجياً لتكون حقيقة راسخة، مهما اختلفت زوايا النظر للقضايا العامة ولأساليب إدارتها وحلّها، وهو أمر لا نخاله بعيد المنال..
إن التعدد والتنوع اللذين نعيش في فضائهما منذ قرون في نوع من الانسجام، قد تكرس قيم العيش المشترك تحت مظلة الدولة، وبشراكة الناس وتعاونهم، بالرغم مما يمكن أن يظهر على السطح من اختلافات وخلافات. وهذا الأمر يتأتى من الحقائق الاجتماعية والسياسية، والتصاقها بتاريخ الناس في المكان والزمان، بما يجعلها في تقاطع تام مع تاريخ الأوهام المتخيل، الذي تصول وتجول فيه النزاعات التقسيمية والهويات الفرعية التي تبرز على السطح في زمن الأزمات.
إلا أنه وبالرغم من أن الجميع يعلن أنه ضد النزعات التقسيمية، فإن العديد منهم، لا يفعلون -في الواقع- شيئاً سوى تكريسها في الخطاب والممارسة، مع أن الوطن لا يحتمل ولا يطيق منافسة تلك الهويات الفرعية له، لأنها إذا ما ترسخت، فإنها تلغيه وتحل محله، وتشيِّد عالمها الخاص، في هيئة مناوشات وشعارات وحروب عقيمة وصراعات مفتعلة. واجتراح حلول تلفيقية تخترع توازنات وهمية وبدائل ذات مسميات محايدة شكلاً تغطي بها جوهرها التقسيمي المتخفي. فمهما كانت العناوين السياسية هنا براقة ومخاتلة، فإنها في النهاية مضاد موضوعي للديمقراطية نفسها. بل وترفض البديل الديمقراطي الجامع، الذي جوهره التعددية والتسامح واحترام القانون.
إن الخطر الحقيقي يتأتى من هذا النوع من الازدواجية التي تقوم بإعداد الناس والبرامج والتحالفات لأنواع من الاحتراب، ببناء « عقيدة» استعلائية، تصنف الآخرين «عدواً» ولا ترى الحاجة إلى أي نوع من الشراكات والتوافقات الوطنية. وبالتالي تحارب أول ما تحارب المواطنة، باعتبارها عدواً لدوداً للهويات الفرعية. خاصة عندما تستحضر ما يفرق وتستبعد ما يجمع.
إن الوعي بمخاطر التقسيمات مهما كان نوعها «طائفية عرقية أو قبلية..»، لا يكفي وحده لتجاوز مخاطر الطائفية، بل إن المطلوب بذل المزيد من الجهد الوطني التشاركي لتعزيز التجربة الديمقراطية، وفتح منافذ الحوار حول القضايا الجوهرية ومعالجتها بروح التفاهم والوفاق الوطني، لمنع انتقال تأثير هذا الخراب إلى عقول الناشئة.