ما بات يسمى بـ«اللغة الخشبية» ارتبط في الغالب كمصطلح، بالخطاب السياسي التقليدي الأجوف الذي يستخدم كلمات من دون معنى، وشعارات من دون محتوى: مجرد شقشقات لفظية ورصف للكلمات الجوفاء ودوران حول المعنى، وانحراف عن الواقع: خطاب سياسي، أو خطاب ديني أو تقرير إعلامي، فالنتيجة واحدة ومتوقعة.
هذا النوع من اللغة كان في السَّابق عنواناً للاستبداد الذي يدور في حلقة مفرغة من الخواء، إلا أنه اليوم اتخذ أشكالاً أخرى، بعضها يتلبس نوعاً من «اللغة العالمة» في الشكل والهزال في المضمون، والتغريب في الصياغة والإكثار من استخدام المصطلحات من دون موجب. ومنه أيضاً ما ينتشر في وسائل التواصل الاجتماعي من التفاهات والقوالب الجاهزة والترهات التي تستجدي الاستحسان.
لقد أصبحت الفقاقيع اللغوية والإعلامية سائدة في حياتنا وفي تواصلنا في الخطابات الأيديولوجية «السياسية - الدينية - الإعلامية...»، من خلال الاستخدام المتزايد لصياغات وتعبيرات جاهزة ومرصوفة على القارعة الإلكترونية «في المدح المجاني- والهجاء المجاني» أو التزييف الذي يتستر بجماليات اللغة التي تتحول لغة نمطية ميتة بلا روح، بلا حياة، لأنها لا تقول شيئاً، وتستخدم في الغالب لتغطية الواقع وتجنب الكشف عن الحقيقة، مع ميل متزايد لاستخدام مشوهٍ وغير ضروري للكلمات المعقدة والدخيلة والاستعارات الرديئة والمصطلحات البراقة الخاوية التي تخفي الهزال الفكري الذي يستخدم نفس ميكانيزمات الخطاب السياسي الأجوف القائم على الخداع والكذب وتزييف الوعي، لفقدانه في معظم الأحيان لأي علاقة بالواقع.
فمثلما كان الخطاب السياسي والإعلامي فيما مضى في البلدان التي يسودها أنظمة استبدادية، أنظمة الحزب الواحد، نمطياً خشبياً موحداً محفوظاً عن ظهر قلب، فإن السيلان اللغوي والسياسي الحالي في ظل جبروت السوشيل ميديا قد استبد فأفضى إلى هيمنة اللغة الخشبية المنمطة بغض النظر عن المعنى والمحتوى ومدى تنوعهما.
في هذا السياق أشار الفيلسوف الفرنسي جون بودريار في كتابه «المصطنع والاصطناع» إلى ما أسماه «بموت الواقع»، حيث تحل النسخة مكان الأصل. ويصبح المصطنع، سواء أكان صورة أو لغة، بديلاً عن الواقع ويحل محله. ولذلك يعتبر: «أننا أصبحنا نعيش في ظل المصطنع بعد موت الأصل وغياب الواقع».
إن هذه الحالة ناجمة في الغالب عن الخواء الذي يجري تسويقه في ظل التفاهة المستحكمة، وتورط وسائل الإعلام الجديدة والقديمة، في حجب الواقع أو تحريفه، فيصبح التدجيل والكذب بديلاً عن الاستجابة لحق الناس في الوصول إلى المعلومة أو الفكرة الواضحة المجردة من التغييب في أسر اللغة الخشبية.
همس
«إن الإنسان الجدير بأن يُصغى إليه، هو ذاك الذي لا يستخدم الكلام إلا من أجل التفكير، ولا يستخدم الفكرة إلاّ من أجل الحقيقة والفضيلة، أما الذين يستخدمون اللغة لإشعال الحرائق، فإنهم جزء من آلة الشر». «فرانز فانون».
{{ article.visit_count }}
هذا النوع من اللغة كان في السَّابق عنواناً للاستبداد الذي يدور في حلقة مفرغة من الخواء، إلا أنه اليوم اتخذ أشكالاً أخرى، بعضها يتلبس نوعاً من «اللغة العالمة» في الشكل والهزال في المضمون، والتغريب في الصياغة والإكثار من استخدام المصطلحات من دون موجب. ومنه أيضاً ما ينتشر في وسائل التواصل الاجتماعي من التفاهات والقوالب الجاهزة والترهات التي تستجدي الاستحسان.
لقد أصبحت الفقاقيع اللغوية والإعلامية سائدة في حياتنا وفي تواصلنا في الخطابات الأيديولوجية «السياسية - الدينية - الإعلامية...»، من خلال الاستخدام المتزايد لصياغات وتعبيرات جاهزة ومرصوفة على القارعة الإلكترونية «في المدح المجاني- والهجاء المجاني» أو التزييف الذي يتستر بجماليات اللغة التي تتحول لغة نمطية ميتة بلا روح، بلا حياة، لأنها لا تقول شيئاً، وتستخدم في الغالب لتغطية الواقع وتجنب الكشف عن الحقيقة، مع ميل متزايد لاستخدام مشوهٍ وغير ضروري للكلمات المعقدة والدخيلة والاستعارات الرديئة والمصطلحات البراقة الخاوية التي تخفي الهزال الفكري الذي يستخدم نفس ميكانيزمات الخطاب السياسي الأجوف القائم على الخداع والكذب وتزييف الوعي، لفقدانه في معظم الأحيان لأي علاقة بالواقع.
فمثلما كان الخطاب السياسي والإعلامي فيما مضى في البلدان التي يسودها أنظمة استبدادية، أنظمة الحزب الواحد، نمطياً خشبياً موحداً محفوظاً عن ظهر قلب، فإن السيلان اللغوي والسياسي الحالي في ظل جبروت السوشيل ميديا قد استبد فأفضى إلى هيمنة اللغة الخشبية المنمطة بغض النظر عن المعنى والمحتوى ومدى تنوعهما.
في هذا السياق أشار الفيلسوف الفرنسي جون بودريار في كتابه «المصطنع والاصطناع» إلى ما أسماه «بموت الواقع»، حيث تحل النسخة مكان الأصل. ويصبح المصطنع، سواء أكان صورة أو لغة، بديلاً عن الواقع ويحل محله. ولذلك يعتبر: «أننا أصبحنا نعيش في ظل المصطنع بعد موت الأصل وغياب الواقع».
إن هذه الحالة ناجمة في الغالب عن الخواء الذي يجري تسويقه في ظل التفاهة المستحكمة، وتورط وسائل الإعلام الجديدة والقديمة، في حجب الواقع أو تحريفه، فيصبح التدجيل والكذب بديلاً عن الاستجابة لحق الناس في الوصول إلى المعلومة أو الفكرة الواضحة المجردة من التغييب في أسر اللغة الخشبية.
همس
«إن الإنسان الجدير بأن يُصغى إليه، هو ذاك الذي لا يستخدم الكلام إلا من أجل التفكير، ولا يستخدم الفكرة إلاّ من أجل الحقيقة والفضيلة، أما الذين يستخدمون اللغة لإشعال الحرائق، فإنهم جزء من آلة الشر». «فرانز فانون».