رئيس الوزراء البريطاني الأسبق الذي قدم استقالته يوم الخميس الماضي كان في وقت ما أحد القليلين في المشهد السياسي البريطاني الذي يناديه الناس باسمه الأول -بوريس- دون ذكر اسم عائلته. وكان يعود ذلك إلى شعبيته الكبيرة، حيث كان يشعر البريطانيون بأنه واحد من أقربائهم.
لكن بوريس -حبيب الكل- أصبح في أقل من ثلاث سنوات قائداً غير مرغوب فيه وخسر إعجاب الناس به، لماذا؟
العوامل الخارجية كانت السبب الأهم، وحالت دون استمرار تألقه وأولها الجائحة التي كان أثرها سيئاً جداً على بريطانيا وأدت إلى تراجع الاقتصاد وأصابت البلد بالجمود. وعندما عادت الحياة إلى بريطانيا نسبياً فوجئ الناس بتضخم الأسعار وارتفاع تكلفة المعيشة. وبعد ذلك مباشرة تضاعف سعر الوقود بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، ما زاد الطين بلة وجعل بوريس يدوخ من كثرة التحديات التي لم تكن في الحسبان.
أما داخلياً فلم يوفق بوريس في تكوين حكومة من أفراد يدينون له بالولاء؛ فكثير ممن كانوا حوله كانت لديهم أجندة خاصة بهم وطموحات لاقتناص الرئاسة منه في أسرع وقت، مستغلين فوز حزب المحافظين بأغلبية كبيرة تضمن استمرار الحزب في الحكم سنوات بحسب النظام البريطاني. وقد ساهم هؤلاء في إكثار طعنات السكاكين له عندما كان على وشك السقوط حتى قضوا عليه.
وأبرز من سببوا لبوريس الأذى في أيامه الأخيرة كان وزير الصحة ساجيد جافيد ذو الأصول الهندية والذي كان قد قدم استقالته كوزير للمالية مع بدايات ولاية بوريس ثم أعاده بوريس وزيراً للصحة وأعطاه الثقة مرة أخرى لكن ظل جافيد يطمح بموقع أكبر. فما أن انتبه لوضع بوريس المهزوز حتى اقتنص الفرصة وأعلن استقالته مرة أخرى، ما فتح المجال للآخرين للقيام بالعمل نفسه. وليس من المستبعد أنه كان وراء التحريض على الاستقالات الكثيرة التي واجهتها حكومة بوريس والتي أدت إلى نهايته كرئيس للوزراء.
ولعل أبرز الدروس المستفادة من قصة بوريس هي درس كيفية اختيار المعاونين؛ فالولاء التام والإخلاص معياران أهم من الكفاءة أو أي اعتبارات أخرى تذكرها كتب المنظرين، وهما الأساس في اختيار المساعدين ومن في مستواهم في شؤون الحكم. ومغفل من يحكم ويعتقد لحظة أن الآخرين لا يطمعون في منصبه أو أنهم سيعملون لصالحه بدون طموحات شخصية قد تصل إلى الانقلاب وخطف المنصب. فالطبيعة البشرية مكشوفة ومعروفة وتحقيق المكاسب بأي طريقة مهما كانت قذرة ديدن الكثير من الناس. وبوريس كما اتضح لم يوفق في الاستعانة بجافيد وغيره من أعضاء الحكومة التي شكلها.
والدرس الآخر هو أن الدنيا تدور فكما تدين تدان. وبوريس وصل إلى الحكم بعد أن ثار هو نفسه عندما كان وزيراً للخارجية على رئيسته تيريزا ماي في خطوة تمرد مقصودة كان هدفها إزاحتها من موقعها وانتزاع مقعد الرئاسة منها. والأسبوع الماضي تكرر السيناريو نفسه لكن الضحية هذه المرة كان الثائر والمتمرد السابق «المسكين» بوريس.. سبحان الله.
{{ article.visit_count }}
لكن بوريس -حبيب الكل- أصبح في أقل من ثلاث سنوات قائداً غير مرغوب فيه وخسر إعجاب الناس به، لماذا؟
العوامل الخارجية كانت السبب الأهم، وحالت دون استمرار تألقه وأولها الجائحة التي كان أثرها سيئاً جداً على بريطانيا وأدت إلى تراجع الاقتصاد وأصابت البلد بالجمود. وعندما عادت الحياة إلى بريطانيا نسبياً فوجئ الناس بتضخم الأسعار وارتفاع تكلفة المعيشة. وبعد ذلك مباشرة تضاعف سعر الوقود بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، ما زاد الطين بلة وجعل بوريس يدوخ من كثرة التحديات التي لم تكن في الحسبان.
أما داخلياً فلم يوفق بوريس في تكوين حكومة من أفراد يدينون له بالولاء؛ فكثير ممن كانوا حوله كانت لديهم أجندة خاصة بهم وطموحات لاقتناص الرئاسة منه في أسرع وقت، مستغلين فوز حزب المحافظين بأغلبية كبيرة تضمن استمرار الحزب في الحكم سنوات بحسب النظام البريطاني. وقد ساهم هؤلاء في إكثار طعنات السكاكين له عندما كان على وشك السقوط حتى قضوا عليه.
وأبرز من سببوا لبوريس الأذى في أيامه الأخيرة كان وزير الصحة ساجيد جافيد ذو الأصول الهندية والذي كان قد قدم استقالته كوزير للمالية مع بدايات ولاية بوريس ثم أعاده بوريس وزيراً للصحة وأعطاه الثقة مرة أخرى لكن ظل جافيد يطمح بموقع أكبر. فما أن انتبه لوضع بوريس المهزوز حتى اقتنص الفرصة وأعلن استقالته مرة أخرى، ما فتح المجال للآخرين للقيام بالعمل نفسه. وليس من المستبعد أنه كان وراء التحريض على الاستقالات الكثيرة التي واجهتها حكومة بوريس والتي أدت إلى نهايته كرئيس للوزراء.
ولعل أبرز الدروس المستفادة من قصة بوريس هي درس كيفية اختيار المعاونين؛ فالولاء التام والإخلاص معياران أهم من الكفاءة أو أي اعتبارات أخرى تذكرها كتب المنظرين، وهما الأساس في اختيار المساعدين ومن في مستواهم في شؤون الحكم. ومغفل من يحكم ويعتقد لحظة أن الآخرين لا يطمعون في منصبه أو أنهم سيعملون لصالحه بدون طموحات شخصية قد تصل إلى الانقلاب وخطف المنصب. فالطبيعة البشرية مكشوفة ومعروفة وتحقيق المكاسب بأي طريقة مهما كانت قذرة ديدن الكثير من الناس. وبوريس كما اتضح لم يوفق في الاستعانة بجافيد وغيره من أعضاء الحكومة التي شكلها.
والدرس الآخر هو أن الدنيا تدور فكما تدين تدان. وبوريس وصل إلى الحكم بعد أن ثار هو نفسه عندما كان وزيراً للخارجية على رئيسته تيريزا ماي في خطوة تمرد مقصودة كان هدفها إزاحتها من موقعها وانتزاع مقعد الرئاسة منها. والأسبوع الماضي تكرر السيناريو نفسه لكن الضحية هذه المرة كان الثائر والمتمرد السابق «المسكين» بوريس.. سبحان الله.