كتب الأخ خالد الخياط «ناشط على وسائل التواصل الاجتماعي» على حسابه في الانستغرام أنه اتصل لرقم طوارئ الكهرباء بعد أن انقطع التيار في منزله عنده وحين ردوا عليه سألوه عدة أسئلة لاستكمال البيانات، ثم قال عجبني أحد الأسئلة وهو «هل لديكم مريض يعتمد على الأجهزة الطبية الكهربائية؟»

من الواضح أن ذلك سؤال كان سيحدد درجة السرعة المطلوبة في حل المشكلة، فأنت هنا تتحدث عن مسألة دقائق تترتب عليها حياة أو موت.

حين قرأت قصته قلت في نفسي هذه القصة وحدها فقط، لو أنني أملك شركة تسويق لوظفتها لإبراز درجة جودة الأداء الحكومي، وعملت منها قصة نجاح وإعلاناً ودعاية، فأنت تتحدث عن درجة الإتقان في الرعاية الإنسانية لا تمتلكها العديد من الحكومات، وعلى ثقة بأنه في كل وزارة من وزارات الحكومة لديها ما يسوق لجودة أدائها ولكننا نفتقد جداً لملكات التسويق ومهاراته وحتى إلى راداراته التي تعرف أين تكمن قوة التأثير.

لسنا المدينة الفاضلة ولسنا دول أوروبا الاسكندنافية ونعلم أن أمامنا الكثير ولكن مقابل هذا الإقرار لدينا تقدم وتطور وحس إنساني عالٍ في طبيعتنا تجعل من بعض خدماتنا الحكومية على درجة كبيرة من الرقي والتقدم والتحضر لكننا مع الأسف نجهل قيمة الكثير مما لدينا ولا نكتشف أهميته إلا حين نضطر للمقارنة.

هذا السؤال من طوارئ الكهرباء لو سمعه عربي في دولة أجنبية لصرخ ونادى انظروا للتقدم انظروا لأهمية حياة البشر انظروا للرقي في التعامل ووووو، لكننا نتعامل معه في دولنا على أنه تحصيل حاصل، و لولا الحس الإنساني الذي يتحلى به الأخ خالد الخياط لما انتبه لجمال السؤال و روعته.

حين تميزت تجربتنا دولياً في التعامل مع جائحة كورونا كان أحد أسباب تميزها أن تطور الأداء طبياً رافقه منظومة من القوانين والأعراف والحس الإنساني الراقي جعل من التجربة رائدة وتستحق التعميم، قدمنا الخدمات بسرعة فائقة ووضعنا مؤشرات لقياس النجاح وضمن طياتها كان عامل عدم التمييز أو التفرقة الإنسانية فارقاً.

حين تقف السيارة عند بابك ودواؤك يصل إلى بيتك وأنت جالس دونما الحاجة إلى الخروج في هذا الحر، حين تنجز العديد من معاملاتك من خلال هاتفك وأنت في المنزل، حيت تتوفر لك بنية تحتية إلكترونية تتيح لك إنجاز العديد من أعمالك وأنت على فراشك، حين تملك شبكة طرق تسهل لك الوصول والتنقل حين توضع معايير مشددة لحمايتك في أي نشاط تجاري أي خدمة من هذه الخدمات تسهل لك حياتك وتيسرها لك، كل منها هذه التسهيلات وهذه الرعاية المتقدمة قصة نجاح تمتلكها ولكن تجهل أهميتها لأنها أصبحت لديك دون أن تعلم مدى الجهد فيها وتكلفتها، ولأن -وهذا هو بيت قصيدنا- حكومتنا لا تملك مهارات التسويق التي تتناسب مع درجة الجودة الموجودة لديها.

شكراً هيئة الكهرباء وشكراً وزارة الكهرباء على هذا السؤال الإنساني وهذا المؤشر العالي من جودة الأداء، سؤال قد يبدو بسيطاً لكنه راقٍ جداً ويعني الكثير.