أكثر من مائة عام من العلاقات السياسية والاقتصادية والعسكرية والتعليمية وغيرها تجمع بين مصر والبحرين، تاريخ زاخر من العلاقات الثنائية المتميزة والمواقف الداعمة بين البلدين، ليس فقط علي مستوي التمثيل الرسمي أوالحكومي وإنما أيضاً علي كافة المستويات الشعبية؛ وهو ما أدى إلى ازدهار ونماء هذه العلاقات عبر التاريخ. وقد لخص الشاعر البحريني المعروف محمد آل مبارك القواسم الثقافية المشتركة التي تجمع بين مصر والبحرين إذ يقول:
الدينُ والأصلُ والعاداتُ تجمعنا
والبحرُ والحبُ والإبداعُ والفكرُ
كأنما نيلُ مصرٍ في منامتنا
يجري، وبحريننا في مصرَ تنتشرُ
بهذه القواسم المشتركة، بدأت العلاقات بين البلدين مع وصول أول بعثة مصرية تعليمية إلي البحرين عام 1919م حين تم إدخال التعليم النظامي في البحرين وافتتاح أول مدرسة نظامية، مدرسة الهداية الخليفية، والتي ترأسها الشيخ حافظ وهبة وهو مصري الجنسية.
لقد استمدت العلاقات الحالية والمستقبلية بين البلدين من التاريخ جسراً صلباً للانطلاق نحو آفاق أرحب معتمدة في ذلك علي القواسم الثقافية المشتركة من اللغة والدين والقرب الجغرافي، فالبحرين قدمت هدية النخلة الذهبية، رمز العروبة والأصالة، مرصعة باللؤلؤ البحريني الأصيل لمبايعة أمير الشعراء أحمد شوقي، كما قدمت هدية السيف الذهبي، رمز القوة والحزم، للأديب العالمي نجيب محفوظ.
وفي تصريح من سعادة السفير المصري ياسر شعبان لوكالة أنباء البحرين «بنا»، في يونيو «2022»، «أكد علي تاريخية العلاقات بين البلدين، وأنها متجدده باستمرار بلقاء الأشقاء للبحث والتشاور تجاه القضايا الإقليمية والدولية المختلفة، خصوصا في ظل التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية التي تشهدها المنطقة».
وقد سجل التاريخ مواقف عدة داعمة من كل طرف للآخر، فالبحرين قيادة وشعبا كانت حاضر بالدعم والمساندة في الأحداث السياسية في مصر فتفاعلت مع قرارات ثورة 23 يوليو 1952، واحتشدت تضامنا مع الشعب المصري في مواجهة العدوان الثلاثي عام 1956م، وأيدت بناء مصر للسد العالي، وشاركت في جمع التبرعات لتسليح الجيش المصري بعد نكسة 1967م، وكذلك ناصرت مصر في حرب أكتوبر 1973.
وفي المقابل، لم تكن مصر أبداً غائبة عن تقديم الدعم والمساندة للبحرين، فقد كانت مصر من أوائل الدول التي اعترفت باستقلال البحرين عام 1971، وأرسلت أول سفير عربي إلى المنامة عام 1973م لمساندة هذا الاعتراف، وأيضاً مصر هي أول دولة عربية ساندت خيار المملكة بالانتقال إلى النظام الدستوري الملكي عام 2002. كما أن مشيخة الأزهر الشريف دائمة التأكيد على استقلال البحرين وعروبتها وعدم التدخل في شئونها الداخلية في مواجهة الأطماع الخارجية.
وفي ذلك الإطار، قد ذكرت الدكتورة هدى عثمان في مجلة المؤرخ المصري عدد يوليو «2019» أنه في خمسينيات القرن الماضي، كانت مصر علي صلة وثيقة بالبحرين عن طريق بعثتها التعليمية والتي بلغت عام 1955م خمسة عشر عضواً كانوا علي قدر كبير من تحمل المسؤولية، كما استقبلت الكلية الحربية في مصر طالباً بحرينياً للدراسة بها. كما قامت الصحافة المصرية بواجباتها نحو ما يحدث في البحرين فترة الخميسينات وانتقدت كل الإجراءات التي كانت تتخذها بريطانيا لتحد من نشاط كل المنظمات والهيئات الوطنية البحرينية. وتفاعلت البحرين مع الاهتمام المصري بها وأصبحت البحرين على صلة بما يحدث في العالم من وجهة نظر مصرية عن طريق إذاعة صوت العرب وقامت مظاهرات البحرينية المؤيدة لمصر في سبتمبر 1955 بمناسبة صفقة الأسلحة التشيكية، وقام شعب البحرين بجمع تبرعات لصالح شراء سلاح لمصر وبلغت قيمة التبرعات التي سلمت لمصر في 31 ديسمبر 1955 ما يصل إلي 45 ألف دولار سلمها عضو الهيئة التنفيذية العليا عبد العزيز الشملان. وللحديث بقية.
* الأستاذ المساعد بقسم الإعلام والعلاقات العامة بالجامعة الخليجية
{{ article.visit_count }}
الدينُ والأصلُ والعاداتُ تجمعنا
والبحرُ والحبُ والإبداعُ والفكرُ
كأنما نيلُ مصرٍ في منامتنا
يجري، وبحريننا في مصرَ تنتشرُ
بهذه القواسم المشتركة، بدأت العلاقات بين البلدين مع وصول أول بعثة مصرية تعليمية إلي البحرين عام 1919م حين تم إدخال التعليم النظامي في البحرين وافتتاح أول مدرسة نظامية، مدرسة الهداية الخليفية، والتي ترأسها الشيخ حافظ وهبة وهو مصري الجنسية.
لقد استمدت العلاقات الحالية والمستقبلية بين البلدين من التاريخ جسراً صلباً للانطلاق نحو آفاق أرحب معتمدة في ذلك علي القواسم الثقافية المشتركة من اللغة والدين والقرب الجغرافي، فالبحرين قدمت هدية النخلة الذهبية، رمز العروبة والأصالة، مرصعة باللؤلؤ البحريني الأصيل لمبايعة أمير الشعراء أحمد شوقي، كما قدمت هدية السيف الذهبي، رمز القوة والحزم، للأديب العالمي نجيب محفوظ.
وفي تصريح من سعادة السفير المصري ياسر شعبان لوكالة أنباء البحرين «بنا»، في يونيو «2022»، «أكد علي تاريخية العلاقات بين البلدين، وأنها متجدده باستمرار بلقاء الأشقاء للبحث والتشاور تجاه القضايا الإقليمية والدولية المختلفة، خصوصا في ظل التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية التي تشهدها المنطقة».
وقد سجل التاريخ مواقف عدة داعمة من كل طرف للآخر، فالبحرين قيادة وشعبا كانت حاضر بالدعم والمساندة في الأحداث السياسية في مصر فتفاعلت مع قرارات ثورة 23 يوليو 1952، واحتشدت تضامنا مع الشعب المصري في مواجهة العدوان الثلاثي عام 1956م، وأيدت بناء مصر للسد العالي، وشاركت في جمع التبرعات لتسليح الجيش المصري بعد نكسة 1967م، وكذلك ناصرت مصر في حرب أكتوبر 1973.
وفي المقابل، لم تكن مصر أبداً غائبة عن تقديم الدعم والمساندة للبحرين، فقد كانت مصر من أوائل الدول التي اعترفت باستقلال البحرين عام 1971، وأرسلت أول سفير عربي إلى المنامة عام 1973م لمساندة هذا الاعتراف، وأيضاً مصر هي أول دولة عربية ساندت خيار المملكة بالانتقال إلى النظام الدستوري الملكي عام 2002. كما أن مشيخة الأزهر الشريف دائمة التأكيد على استقلال البحرين وعروبتها وعدم التدخل في شئونها الداخلية في مواجهة الأطماع الخارجية.
وفي ذلك الإطار، قد ذكرت الدكتورة هدى عثمان في مجلة المؤرخ المصري عدد يوليو «2019» أنه في خمسينيات القرن الماضي، كانت مصر علي صلة وثيقة بالبحرين عن طريق بعثتها التعليمية والتي بلغت عام 1955م خمسة عشر عضواً كانوا علي قدر كبير من تحمل المسؤولية، كما استقبلت الكلية الحربية في مصر طالباً بحرينياً للدراسة بها. كما قامت الصحافة المصرية بواجباتها نحو ما يحدث في البحرين فترة الخميسينات وانتقدت كل الإجراءات التي كانت تتخذها بريطانيا لتحد من نشاط كل المنظمات والهيئات الوطنية البحرينية. وتفاعلت البحرين مع الاهتمام المصري بها وأصبحت البحرين على صلة بما يحدث في العالم من وجهة نظر مصرية عن طريق إذاعة صوت العرب وقامت مظاهرات البحرينية المؤيدة لمصر في سبتمبر 1955 بمناسبة صفقة الأسلحة التشيكية، وقام شعب البحرين بجمع تبرعات لصالح شراء سلاح لمصر وبلغت قيمة التبرعات التي سلمت لمصر في 31 ديسمبر 1955 ما يصل إلي 45 ألف دولار سلمها عضو الهيئة التنفيذية العليا عبد العزيز الشملان. وللحديث بقية.
* الأستاذ المساعد بقسم الإعلام والعلاقات العامة بالجامعة الخليجية