انشغل الرأي العام العراقي والعربي بسماع التسريبات المنسوبة لمجرم العصر المالكي وطبقة الفاسدين التي قام الناشط السيد علي فاضل من خلال موقعه وحسابه على التويتر بنشرها، آملاً أن تسرِّع من انهيار العملية السياسية في العراق، وربما قد أحدثت زوبعة وغلياناً في الشارع.
لكن هل ستحدث هذه التسريبات أمراً جللاً أو ستحرِّك الشارع العراقي وتحدث انشقاقات في العملية السياسية وسوقهم للقضاء وإقامة محاكم علنية؟
في الحقيقة لا ننكر أن المقاطع الأولية قد أحدثت في بادئ الأمر صدمة في الأوساط الشعبية وحتى الرسمية منها، وانشغلت بها الفضائيات وغرف الأخبار والصحف ووسائل التواصل الاجتماعي.
لكنها لن تحدث أي تغيير فوري يتوقعه الشعب العراقي للأسباب الآتية:
1- إن نظام الحكم أساساً بُنِي على تكريس الطائفية والعنصرية والمحاصصة، ومن الطبيعي أن تقتات هذه المجاميع عليها في ديمومة حكمها، ولا يوجد حرج لديهم في التحدث بها سراً أو علناً.
2- إن الصراع والتنافس بين جميع أركان الحكم والكتل والأحزاب بكل أطيافهم وقومياتهم في العراق هو صراع مصالح والسعي للبقاء في سدة الحكم أطول فترة ممكنة، وليس هو تنافساً شريفاً مبنياً على مبادئ رصينة من أجل بناء أركان الدولة على أسس متينة وبناء مجتمع متمدن والعمل على رفاهيته.
3- قد يحدث مثل هذه التسريبات زلزالاً في أركان أي نظام لو كان ذلك الحكم وطنياً وتم اكتشاف أحد خيوط وحلقات الخيانة والتآمر عليه عندها ستهتز أركان الدولة وربما تتهاوى العملية السياسية برمتها!
4- كما هو معلوم للجميع فإن الذي يتحكم في الملف العراقي بشكل مطلق هو النظام الإيراني، وبالتأكيد هو يتابع بحذر شديد مجريات الأمور، وستفعل إيران ما بوسعها لرأب هذا الصدع؛ لأن الجميع هم خدمها وعبيدها إلا من رحم ربي ولم يتبوأ أحد منهم مقعده ومنصبه إلا بتزكيتها، فستحاول غلق هذا الملف والصراع وستفرض عليهم الجلوس والتنازلات فيما بينهم بالترهيب أو الترغيب وبالعصا والجزرة.
5- يعتبر العراق مركز الثقل للمشروع الإيراني وهي أقوى اللاعبين فيه، وشئنا أم أبينا فلن نتوقع منها التراجع ولديها الخطط البديلة، ولن تنهار العملية السياسية في العراق بغياب المالكي ولا الصدر ولا كل قادة الإطار ولا التيار بل حتى كل الوجوه من كل الطوائف والكتل والأحزاب؛ لأنه ببساطة فإن نوع الحكم الحالي متمدد أفقياً وليس عمودياً هرمياً كما كان في العراق قبل الاحتلال.
6- حقيقة لا أريد إحباط من يتطلع إلى إحداث تغيير في العراق لكنها وجهة نظر مبنية على ثوابت وقواعد لم تتغير منذ الاحتلال.