كثيراً ما تطرح العلاقة بين «السياسي» و«الثقافي» عند الحديث عن دور المثقف في المجتمع، على اعتبار أن أي تغيير مجتمعي يبقى رهن الخطاب الثقافي الذي يمهد له أو يكرسه.
وبالنظر لما تشهده مجتمعاتنا العربية من تحولات في مواجهة الأزمات السياسية والاجتماعية والتنموية، يبرز دور المثقف من خلال البحث والفكر والإبداع، والانخراط في إنجاح التجربة الديمقراطية وتعميقها لتتدرج نحو أفق أوسع، بحيث تصبح الثقافة، بمعناها الشامل، العامل الأكثر فعالية في ترجمة التطلعات الوطنية والقومية والإنسانية، ذلك لأن الديمقراطية -علاوة على أنها أسلوب للحكم- فهي سلوك وممارسة اجتماعية لا تنفصل عن فكر يقودها وتصور -شامل لمجمل قضايا الحياة- تستنير به.
إن الثقافة هي الفعل القادر على التغلغل في النسيج الاجتماعي والسياسي، حتى لا تكون تجاربنا الديمقراطية على سبيل المثال قراراً معلقاً في سماء المثال، بل سلوكاً واعياً وحاجة بأن تكون المفردة الأساسية في حياتنا، احتراماً للحرية والمشاركة وللقانون الذي ينتظم حياتنا ويحميها من الفوضى، واحتراماً للآخر الذي ليس إلا نحن بصورة أخرى، ولشروط عيشنا المشترك الذي يقوم على الوحدة في إطار التنوع.
ولا نقصد بذلك سيادة الثقافي على السياسي، بل اعتبار «السياسي» للثقافي طاقة توجيه على صعيد التأثير المستنير في الجمهور المختطف من الخطابات الانعزالية بطبيعة تكوينها. فتكون أولى مهام العمل الثقافي الديمقراطي حماية المكتسبات التي حققها المجتمع المدني، واستعادة روحه وطاقته بمبادرات متجددة.
إن بروز مثل هذه النزعات الانعزالية في الثقافة أصبح عائقاً أمام العمل الجماعي الذي يتهرب منه العديد من المثقفين. فعندما نتحدث إليهم عن «الجهد الثقافي الجماعي» وعن «المؤسسات الثقافية الرسمية أو الأهلية» يؤكدون بأنهم «قطعوا» علاقتهم بكل ما هو جماعي، ولم يعد في وارد حساباتهم الإيمان بإمكانية العمل الجماعي وأنهم يفضلون الابتعاد والبحث عن مسارات خاصة وفردية، بالتأكيد على أن الإبداع في مطلق أحواله فردي، فـ«الفردية» هي أساس الإبداع، بما أنه بحسب تعريفهم «مشروع فردي» وأنه «لا فائدة تقريباً في كل ما هو جماعي»، وأن الحل الوحيد هو «الانتصار للفردية والانحياز للذات» أو «الزهد» في الجماعة. وأنه «لم يعد للمثقف من رسالة أو التزام غير إنجازه الفردي وانحيازه للذات. فليس مطلوباً منه أن يغير العالم»، بل عليه أن ينأى بنفسه عن المعترك السياسي والاجتماعي.
إن مثل هذا التوصيف يتناقض مع الوظيفة الاجتماعية والإنسانية للمثقف، التي يعبر من خلالها عن التزامه بالمساهمة في توصيف وتحليل ومعالجة كبريات قضايا المجتمعات بما يفيدها ويدفعها نحو التغير نحو الأفضل. مما يتطلب مساهمته في مشروعات ثقافية ومجتمعية جماعية وإنسانية من دون الوقوع في فخ أوهام المشاريع التي يترجمها خطاب النفعية الفردية الذي فشل فشلاً ذريعاً.
{{ article.visit_count }}
وبالنظر لما تشهده مجتمعاتنا العربية من تحولات في مواجهة الأزمات السياسية والاجتماعية والتنموية، يبرز دور المثقف من خلال البحث والفكر والإبداع، والانخراط في إنجاح التجربة الديمقراطية وتعميقها لتتدرج نحو أفق أوسع، بحيث تصبح الثقافة، بمعناها الشامل، العامل الأكثر فعالية في ترجمة التطلعات الوطنية والقومية والإنسانية، ذلك لأن الديمقراطية -علاوة على أنها أسلوب للحكم- فهي سلوك وممارسة اجتماعية لا تنفصل عن فكر يقودها وتصور -شامل لمجمل قضايا الحياة- تستنير به.
إن الثقافة هي الفعل القادر على التغلغل في النسيج الاجتماعي والسياسي، حتى لا تكون تجاربنا الديمقراطية على سبيل المثال قراراً معلقاً في سماء المثال، بل سلوكاً واعياً وحاجة بأن تكون المفردة الأساسية في حياتنا، احتراماً للحرية والمشاركة وللقانون الذي ينتظم حياتنا ويحميها من الفوضى، واحتراماً للآخر الذي ليس إلا نحن بصورة أخرى، ولشروط عيشنا المشترك الذي يقوم على الوحدة في إطار التنوع.
ولا نقصد بذلك سيادة الثقافي على السياسي، بل اعتبار «السياسي» للثقافي طاقة توجيه على صعيد التأثير المستنير في الجمهور المختطف من الخطابات الانعزالية بطبيعة تكوينها. فتكون أولى مهام العمل الثقافي الديمقراطي حماية المكتسبات التي حققها المجتمع المدني، واستعادة روحه وطاقته بمبادرات متجددة.
إن بروز مثل هذه النزعات الانعزالية في الثقافة أصبح عائقاً أمام العمل الجماعي الذي يتهرب منه العديد من المثقفين. فعندما نتحدث إليهم عن «الجهد الثقافي الجماعي» وعن «المؤسسات الثقافية الرسمية أو الأهلية» يؤكدون بأنهم «قطعوا» علاقتهم بكل ما هو جماعي، ولم يعد في وارد حساباتهم الإيمان بإمكانية العمل الجماعي وأنهم يفضلون الابتعاد والبحث عن مسارات خاصة وفردية، بالتأكيد على أن الإبداع في مطلق أحواله فردي، فـ«الفردية» هي أساس الإبداع، بما أنه بحسب تعريفهم «مشروع فردي» وأنه «لا فائدة تقريباً في كل ما هو جماعي»، وأن الحل الوحيد هو «الانتصار للفردية والانحياز للذات» أو «الزهد» في الجماعة. وأنه «لم يعد للمثقف من رسالة أو التزام غير إنجازه الفردي وانحيازه للذات. فليس مطلوباً منه أن يغير العالم»، بل عليه أن ينأى بنفسه عن المعترك السياسي والاجتماعي.
إن مثل هذا التوصيف يتناقض مع الوظيفة الاجتماعية والإنسانية للمثقف، التي يعبر من خلالها عن التزامه بالمساهمة في توصيف وتحليل ومعالجة كبريات قضايا المجتمعات بما يفيدها ويدفعها نحو التغير نحو الأفضل. مما يتطلب مساهمته في مشروعات ثقافية ومجتمعية جماعية وإنسانية من دون الوقوع في فخ أوهام المشاريع التي يترجمها خطاب النفعية الفردية الذي فشل فشلاً ذريعاً.