بغضّ النظر عما أثارته الكلمة التي ألقاها مفوّض الأمن والخارجية في الاتحاد الأوروبي، السيد جوزيب بوريل، قبل أيام في افتتاح الأكاديمية الدبلوماسية الأوروبية، بأن «أوروبا حديقة، وأغلب العالم من حولها أدغال»، من غضب وانتقاد واحتجاج، اضطرته إلى الاعتذار، فإن هذه العبارة «الاستعارة» قد لخصت استعادة جديدة لنظرية المركزية الأوروبية الاستعمارية التي عانى منها العالم لقرون من الزمان.
كلام بوريل لم يقله في مقهى أو أثناء دردشة أو فذلكة هامشية، لكنه قاله أمام الأكاديمية الديبلوماسية الأوروبية، أي أنه كلام «جد في جد»، مدروس ومعد بعناية.
الأخطر من ذلك أنه أكد أن على الأوروبيين «أي حراس الحديقة» أن يذهبوا لمحاربة الأدغال، قبل أن يغزو سكانها هذه الحديقة. باستعادة صور التحضر والتوحش، الحرية والعبودية والبربرية، التقدم والتخلف.. فالكلام هنا ليس زلة لسان، وإنما هو نظرية متجذرة في الوعي الغربي، الذي تعج بخطاباته المنابر السياسية والإعلامية الغربية هذه الأيام، في ضوء تفاقم الصراع بين روسيا ودول الناتو وبوادر انقسام العالم من جديد.
فبالرغم من التطور المذهل الذي شهدته الدول الأوروبية على صعيد الفكر السياسي، وقيم الحرية وحقوق الإنسان، فإن المركزية الأوروبية الاستعمارية، لاتزال حية، ولها ناطقون رسميون عنها، من أمثال السيد بوريل. وهي ليست مجرد موقف عنصري عابر، بل منظور من العنف الاستعماري، يستند إلى أن «الغرب» هو المحرك الأساسي للعالم ومركز القيم الأخلاقية والقانونية العلمية...، وبالتالي فهو الأفضل والأرقى وواجب عليه أن يقود العالم، حتى وإن تطلب ذلك غزو الأدغال.
والأخطر من كل ذلك، أن مثل هذا الخطاب الاستعماري - الاستعلائي لا يصدر عن الناطقين بأسماء الأحزاب والحركات اليمينية والجماعات النازية والفاشية فحسب، بل يظهر في الخطاب السياسي الرسمي «للاتحاد الأوروبي»، وحتى في بعض الخطابات الأكاديمية. وجميعها تكرّس نوعاً من العنصرية التبريرية للاستعمار. وطالما أننا نعيش في الأدغال فنحن متوحشون نحتاج إلى من يروضنا ويعيد تأهيلنا حضارياً عبر الغزو والاحتلال!!!
إن هذا التمييز العنصري الذي كشفت عنه استعارات السيد بوريل، هو من أشد الظواهر خطورة في الفكر والسياسة، لأنه يذكرنا بأنه كان الدافع الأساسي وراء مجازر الإبادة التي ارتكبها البِيض بحق السكان الأصليين في أمريكا، وفي أفريقيا وحتى في شمال أوروبا وغيرها من مناطق العالم التي وصل إليها الاستعمار الغربي. كما يذكرنا بالحروب والمذابح التي حلت بالبشرية كنتيجة مباشرة لمثل أفكار مفوض السياسة الخارجية الأوروبية. فنحن هنا بعيدون كل البعد عن الأفكار التنويرية التي تغنت بالمساواة، والعدالة والإخاء والتسامح، ما دام الغرب يدير ظهره لعصر التنوير ويؤسس لعصر الحدائق والغابات الموحشة وما دام العالم يُقسَّم إلى حدائق وأدغال، فذلك يؤذن بالمزيد من الحروب والصراعات.
كلام بوريل لم يقله في مقهى أو أثناء دردشة أو فذلكة هامشية، لكنه قاله أمام الأكاديمية الديبلوماسية الأوروبية، أي أنه كلام «جد في جد»، مدروس ومعد بعناية.
الأخطر من ذلك أنه أكد أن على الأوروبيين «أي حراس الحديقة» أن يذهبوا لمحاربة الأدغال، قبل أن يغزو سكانها هذه الحديقة. باستعادة صور التحضر والتوحش، الحرية والعبودية والبربرية، التقدم والتخلف.. فالكلام هنا ليس زلة لسان، وإنما هو نظرية متجذرة في الوعي الغربي، الذي تعج بخطاباته المنابر السياسية والإعلامية الغربية هذه الأيام، في ضوء تفاقم الصراع بين روسيا ودول الناتو وبوادر انقسام العالم من جديد.
فبالرغم من التطور المذهل الذي شهدته الدول الأوروبية على صعيد الفكر السياسي، وقيم الحرية وحقوق الإنسان، فإن المركزية الأوروبية الاستعمارية، لاتزال حية، ولها ناطقون رسميون عنها، من أمثال السيد بوريل. وهي ليست مجرد موقف عنصري عابر، بل منظور من العنف الاستعماري، يستند إلى أن «الغرب» هو المحرك الأساسي للعالم ومركز القيم الأخلاقية والقانونية العلمية...، وبالتالي فهو الأفضل والأرقى وواجب عليه أن يقود العالم، حتى وإن تطلب ذلك غزو الأدغال.
والأخطر من كل ذلك، أن مثل هذا الخطاب الاستعماري - الاستعلائي لا يصدر عن الناطقين بأسماء الأحزاب والحركات اليمينية والجماعات النازية والفاشية فحسب، بل يظهر في الخطاب السياسي الرسمي «للاتحاد الأوروبي»، وحتى في بعض الخطابات الأكاديمية. وجميعها تكرّس نوعاً من العنصرية التبريرية للاستعمار. وطالما أننا نعيش في الأدغال فنحن متوحشون نحتاج إلى من يروضنا ويعيد تأهيلنا حضارياً عبر الغزو والاحتلال!!!
إن هذا التمييز العنصري الذي كشفت عنه استعارات السيد بوريل، هو من أشد الظواهر خطورة في الفكر والسياسة، لأنه يذكرنا بأنه كان الدافع الأساسي وراء مجازر الإبادة التي ارتكبها البِيض بحق السكان الأصليين في أمريكا، وفي أفريقيا وحتى في شمال أوروبا وغيرها من مناطق العالم التي وصل إليها الاستعمار الغربي. كما يذكرنا بالحروب والمذابح التي حلت بالبشرية كنتيجة مباشرة لمثل أفكار مفوض السياسة الخارجية الأوروبية. فنحن هنا بعيدون كل البعد عن الأفكار التنويرية التي تغنت بالمساواة، والعدالة والإخاء والتسامح، ما دام الغرب يدير ظهره لعصر التنوير ويؤسس لعصر الحدائق والغابات الموحشة وما دام العالم يُقسَّم إلى حدائق وأدغال، فذلك يؤذن بالمزيد من الحروب والصراعات.