- العلاقات الأسرية هي الرصيد الجميل الوافر الذي يبقى في حياة الإنسان، وهي ما يحافظ على إرثها المرء يوماً تلو الآخر من أجل أن يعلم الأبناء والأحفاد على إرث الآباء والأجداد، وهو إرث التواصل والمحبة والترابط والتكاتف والاجتماع. فهنيئاً لمن حافظ على لقاء أسرته الصغيرة، وأسرته الممتدة، في البيت العود الأصيل. نسميه البيت العود وإن تغير مكان انعقاد اللقاء، لأن الأصل أن يكون الجميع مجتمع في كيان القلب الواحد الذي ينبض بالحب، ويكره الجفاء والقطيعة ففيها الإثم الكبير. ولكل من أحب أهله وحب لقاءات المحبة معهم واشتاق للقائهم الأسبوعي. هنيئاً له فهو يحذر من أن يقع في المحظور والعياذ بالله. ورد في الحديث أن «الرحم» لما خلقها الله عز وجال قامت وقالت: «يا رب، هذا مقام العائذ بك من القطيعة». فقال الله لها جل وعلا: «ألا ترضين أن أصِلَ من وصلك، وأن أقطع من قطعك؟». قالت: «بلى يارب». قال: «فذلك لك». هي صلة من أجل الله تعالى أولاً، ثم من أجل الآباء والأجداد الذين كانوا يتذوقون حلاوتها، ومن أجل أجيال تتربى لتعرف معنى الحب والتواصل الأثير إلى القلب. لا يكفي أن تعبر عن مشاعرك لشوقك للقاءات أهلك! بل الأجمل أن تكون حاضراً معهم بمشاعرك وابتسامتك العطرة، فكما لديك الوقت لأمور حياتية كثيرة، فإن أرحامك هم الأولى ضمن قائمة أولويات حياتك. هكذا هي الدنيا، نعمرها بالخير وبالحب والتواصل، فالأهل هم «العزوة» وهم ذخر الحياة الدنيا والآخرة، وبهم يسند المرء نفسه ويقوى وتتجمل أحاسيسه. فلا تتحسر النفوس إن وقع الفراق وبكت العيون وتسارع الجميع للعزاء! حينها لن يكون في رصيدك أي ذكرياتك جميلة تستند عليها، ولن ينفعك «يا ليت» فقد أصبحت في قاموس لا يعتد به في الحياة.

-تحمد الله عز وجل على العديد من الرسائل الربانية التي تصلك من المولى سبحانه وتعالى على هيئة مواقف أو تصرفات آخرين أو أحداث في أيام الحياة أو كلمات في خطبة الجمعة أو حوارات حياتية. هي رسائل تصحح المسار وتهيء الفكر لما هو قادم، والأهم أنها تطهر جسدك من بعض الوخزات المؤلمة التي لازمتك فترة من الزمن، وتطهر علاقاتك من بعض الأسماء المزعجة التي لم تعد علاقتها معك كما كانت، فهي تعطيك من حلو الكلام ما يسر خاطرك، ومن وراء الستار تطعن فيك وتتصرف بتصرفات صادمة تجعلك تراجع حساباتك مرات ومرات.

- لعلك أحياناً ترفع سقف توقعاتك في محيط الحياة للنتائج المرجوة في بعض المضامين التي تعمل عليها، ولكنك تنصدم فيما بعد أنك تسير لوحدك، وأن الآخرين لا يقدرون تلك الفكرة التي تعمل عليها لسبب بسيط أنهم غير شركاء في العمل على أرض الميدان، وأن الفكرة لم تكن فكرتهم، على عكس إن كانوا يحتضنون العمل فتراهم يتعاركون من أجل أن تتحقق كل مطالبهم. وفي كل الأحوال فخبرتك الحياتية الناضجة علمتك أن هذه التصرفات العقيمة تتكرر في كل زمان ومكان، فأنت حينها لا ترتجي إلا «رضا الرحمن» فهو الذي أوكل إليك مهمة إعمار الأرض وتخليدها بالأثر الجميل، فمن ترك ميدان «الأثر» فهو الخاسر أولاً وأخيراً. نحتاج لتكوين فكر جماعي قائم على الإحساس بنجاح المشروعات الفردية النابعة باسم كيان الأثر، فكل فكرة مصدرها «فردي» ولكنها في نهاية المطاف تجد أن نجاحها يعطي «الأثر» حجمه المؤثر في حياة الآخرين.

ومضة أمل

كم أغبطك في محطتك الحالية، فكل من يحيطون بك يرفعون لك قبعة التقدير لأنك حوّلت حياتهم لأثر جميل، فيتعلمون من علمك، وتؤثر فيهم مواعظ التواصي بالحق والصبر.