تستعد البحرين لخوض الانتخابات البرلمانية والبلدية 2022، في سياق استدامة التجربة الديمقراطية، التي تعد في حد ذاتها مكسباً مهماً، في طريق تعزيز التجربة الديمقراطية، بعد أن حققت البحرين طموحات وآمالاً كبيرة، في ظل المشروع الإصلاحي، وبقيت آمال أخرى تروم تحقيقها. بما أتاحته التجربة من فرص متجددة لتعزيز المشاركة الشعبية، والتعدّدية السياسية كأحد أهم ركائز مشروع الإصلاح السياسي، الذي اعتمد هذه التعددية، انسجاماً مع طبيعة المجتمع وتنوعه، وتأكيداً لجدارته بحياة سياسية ديمقراطية. كما أحاط ممارستها بالضوابط والقواعد القانونية والتنظيمية التي تضمن لها أسباب النّجاح والاستدامة والتوازن.
إن هذا التّوازن هو السّمة البارزة للمشروع، بأبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية، انطلاقاً من التّلازم بين الإصلاحات السياسية الرّامية إلى إرساء نظام تعدّدي يضمن الحريّات ويصون الحقوق، وبين الإصلاحات الاقتصادية لتركيز اقتصاد حر ببعد اجتماعي، يجسّم العدالة الاجتماعية ويشيع التّضامن والاستقرار. فكان من نتائج ذلك تحسّن ملموس في كافّة المؤشّرات التنموية بالرغم من كل التحديات.
ومن مظاهر نجاح المشروع أيضاً تساوي الحظوظ بين المرأة والرّجل بتكريس المساواة واكتسابها حقوقها السياسية كاملة، فحقّقت بذلك نقلة نوعية في منزلتها في المجتمع، تظهر في هذا العدد الكبير من المترشحات اليوم لخوض الانتخابات البرلمانية والنيابية على حد سواء.
كما سعى المشروع الإصلاحي إلى أن تكون التجربة الديمقراطية محققة لمعادلة التوازن بين استلهام الأصالة والانفتاح على الحداثة، باعتبارها إحدى أهم ركائز المشروع المجتمعي لبناء بحرين المستقبل، واستمرار الجهد التنموي من أجل السيطرة على احتياجات الناس الأساسية.
لقد أثبتت معادلات التوازن خلال العقدين الماضيين نجاحاً ملموساً وقدرة أكبر على رفع التحدّيات وتأمين تواصل مسيرة البناء واستدامة التجربة الديمقراطية وانفتاحها الدائم على المستقبل، لأنّها تنزّل الإنسان مركز اهتماماتها الرئيسي. بالرغم مما تواجهه من بعض التحديات التي من أهمها:
- ضمان أن تكون التعددية السياسية حصناً منيعاً، يحولُ دون توظيفها للإساءة للدولة وللمنجزات التي تحققت أو للمساس بالوحدة الوطنية وبالسلم الأهلي.
- وجود جمعيات مدنية حداثية مستنيرة، تشارك الدولة العمل على تخليص المجتمع السياسي من الأيديولوجيات الإقصائية، حفاظا على سيرورة التجربة الدّيمقراطية، وضمان قابليتها للتطور. حيث أثبتت التجربة، أن بعض الأيديولوجيات التقسيمية، قد قادت المجتمع في مرحلة معينة إلى نوع من الانقسام والاستقطاب.
- بذل المزيد من الجهد التنموي لتحقيق المزيد من التوازن المجتمعي، عبر التمسّك بمجتمع عادل يجد فيه الجميع مكاناً مناسباً.
وباختصار، فإن نجاح هذه الدورة الجديدة من الانتخابات، سوف لن يعزّزُ استدامة التجربة الديمقراطية فحسب، وإنما سيسهم في تحقيق المزيد من التطوير الذي تتوازن فيه الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. كما سيثبت القدرة على إدخال الإصلاحات وفق جدول يراعي الخصوصيات ويضمن أوفر حظوظ النّجاح للخطوات المتخذة وللخطوات اللاحقة في المستقبل.