كثيراً ما أحرص على تجنب الخوض في خصوصيات الفنانين ومن يسمون المشاهير. أنا مؤمنة أنهم بشر مثلنا لهم ظروف حياتهم الخاصة التي قد تكون أكثر تعقيداً منا بحكم انصهارهم الحارق تحت الأضواء. هذا من جهة. ومن جهة أخرى أنا أدرك تماماً توق هذه الفئة للأضواء والبقاء تحتها وتحمل لهبها أياً كانت خسائرهم، مادامت ستبقيهم في دائرة الحضور.ما حدث مع شيرين عبدالوهاب كان أمراً مختلفاً تماماً. قصتها مع زوجها هي واحدة من آلاف القصص العادية، حب وخيبة وهيمنة وسقوط تحت تأثير المسكرات والمخدرات، خلافات أسرية على الثروة والوصاية، شتائم من جميع الأطراف وروايات متعددة. ما الجديد في ذلك؟ الجديد أن شيرين لم تكن هي بطلة قصتها. البطل الحقيقي كان متابعيها وجمهورها الذين انزلقوا في متابعة مسلسلها، كما يتابعون أي مسلسل تركي أو مكسيسكي من الدرجة الثالثة. والأكثر دهاء في قصة شيرين أنها وزوجها كانا متمكنين في التأثير على الجماهير، ومتحكمين في برمجة مشاعرهم.كان تصريح شيرين ضد حسام كفيلاً بأن يتحول حسام إلى أكثر إنسان مكروه على وجه الأرض. ثم تمكن حسام في أول تصريح له من أن يوازن الكفة بينه وبينها، ليثير ردود أفعال متناقضة ليس فقط من الجماهير بل من الإعلاميين والفنانين المحترفين. ثم انحرف مسار الرواية تماماً حين خرجت شيرين في صورة فوتغرافية تعلن فيها إعادة عقد قرانها بحسام مرة ثانية. لقد انصاع الجمهور لعبثهما كما ينصاع الطفل لتوجيهات والديه خاضعاً بسبب ذاكرته المحدودة لتنفيذ أوامرهما بحب ورضا، وانشغل المتابعون للقصة السطحية بتحليل أبعادها، ابتداء من محاولة فهم تركيبة المرأة المتمسكة بظل رجل، أي رجل كان. وانتهاء بمحاولة فك سر الرجل اللغز الذي استطاع تطويع امرأة، يراها الكثيرون، مكتملة غير ذات حاجة لرجل بعينه، مثل شيرين!! والحقيقة أن كل ذلك عبث.هل توقفت أمام نفسك وأنت تعيش يوماً قصة اختلقها عقلك وتوهمها من ربط مؤشرات غير صحيحة لسلوكات الآخرين، وأحداث متناثرة، جمعتها وأعدت تحليلها لتركب قصة «كبيرة» عن محاولة استهدافك، أو مؤامرة تثار ضدك، أو تفسير لموقف أحدهم منك. ربما تعيش أسابيع أو أشهراً في وهم قصة مختلقة بالكامل، وربما عصرك الألم، وخنقك الحزن، وضاق بك الخوف، لا من شيء، بل من أفكار اختلقتها، قد تكتشف في جلسة واحدة، أو في دقيقة واحدة أنها جميعاً كانت سراباً!!هذا بالضبط الفخ الذي أوقعت فيه شيرين وحسام متابعيهما النهمين. خلاف أسري بمستوى يليق ببيئة الفنانين، بضع إشارات أطلقها كل طرف منهما في توقيتات مفصلية، جعلت المتابعين يختلقون باقي الحكاية. شيرين وحسام لم يحركا أي حدث، انشغل كل منهما بعزلته في مكانه، والمعلومات عنهما مازالت غامضة، السردية كلها نهض ببطولتها «المتلقي»، الذي ترك كرسي التفرج ليصعد هو إلى مسرح الأحداث ويقود القصة كاملة من تأليفه.إنها فرصة لتعرف كيف تقود المؤسسات الإعلامية والعديد من الجهات ذات الغايات المقصودة الجماهير، وتلهيهم بقصص صغيرة ربما لتشغلهم عن أحداث جسيمة.