قبل أكثر من شهر تقريباً، وأنا في العمل، جاءني اتصال من شقيقتي تخبرني أن ابني أصيب وسننقله للمستشفى، خرجت على الفور من العمل ولحقت بهم إلى المستشفى، وهو مستشفى قريب من المنطقة التي نقطنها، شاهدت أبني ملطخاً بالدماء وفي رأسه جرح كبير وعميق.
غادرت المستشفى بعد أن أخبرتني الممرضة المسؤولة عن المعاينة، أن العلاج لن يكون مجانياً وأن الاستشاري المعني بالأطفال غير متواجد حالياً وقد لا يحضر إلا بعد ساعتين أو أكثر والأفضل أن تأخذه لمستشفى السلمانية، أخذت بنصيحة الممرضة وتوجهنا إلى طوارئ السلمانية.
وداخل قسم الطوارئ أخذت عدة جرعات من الصدمة، الأولى العدد الكبير من المراجعين ومن مختلف الجنسيات، منهم مواطنون ومنهم آسيويون ومنهم أفارقة، وهنا لا أقصد أني أفضل منهم ولا أتعالى بأني بحريني وهم لا، فكل إنسان من حقه أن يتعالج ويأخذ حقه في الرعاية الصحية، فقط أسأل لماذا لا يوجد شيء خاص للبحرينيين فقط لماذا يتوجب علينا أن ننتظر مع جميع الجنسيات لعدة ساعات في مكان لا تتوفر فيه الكراسي الكافية حتى لكل هذه الأعداد.
والصدمة الثانية متوسط ساعة الانتظار الذي يحدده الشخص الذي يعاين المريض، وفي حالة ابني قالت لي الممرضة الانتظار من ساعة إلى ساعتين، قلت لها إنه طفل وفي رأسه جرح عميق، قالت الأمر طبيعي! نعم قد تكون هناك حالات حرجة أكثر تتطلب دخولاً فورياً أو سريعاً للطبيب وهذا الأمر نقدره جميعاً، إما أن يكون السبب هو عدد الأطباء المحدود مقارنة بكم المراجعين فالأمر فيه تقصير بسبب أن الأمر ليس بجديد ولم يجد حلولاً طوال هذه السنوات.
منظر آخر كان بالنسبة لي قاسياً لأسباب خاصة منها أنه ذكرني بوالدي «رحمه الله» قبل سنة تقريباً، رجل كبير في السن أتت به ابنته وهو في حالة هستيرية من البكاء والألم، البنت تسأل هذا وذلك من الأطباء والممرضين بأن يلقوا نظرة على والدها، وكل شخص منهم يقول لها انتظري... انتظري! أكثر من نصف ساعة والرجل يبكي ويتألم أمامنا وفي الأخير يأتي طبيب في ربع عمر هذا الرجل الكبير ليقول له «ما فيك شي حجي بس تتدلع علينا»!
نفس الجملة سمعتها من قبل! أين أين؟ نعم تذكرت، حينما كنت آخذ أبي قبل سنوات للطوارئ، وهناك يبقى ممتداً على السرير لفترة حتى يحضر الطبيب ليقول له نفس الجملة «تتدلع».
لا يا عزيزي الطبيب، كبار السن لا يتدلعون، بل يتألمون، فليس هناك شخص بعد هذا العمر يحب أن يكون في وضع البكاء أو الصراخ أمام الناس إلا إذا كان يتألم ويعاني ولا يجد من يفهمه، ولو فرضنا أنه «يتدلع» ألا يحق له؟ شخص عاش حياته يشقى ويسعى من أجل أسرته ومن أجل وطنه حتى تعب جسده وهرم لدرجة أننا لم نعد نستطيع أن نشاهد آلامه أو نقدر ضعفه.
وهنا أوجه سؤالاً للمعنيين في وزارة الصحة، ألا يستحق هؤلاء الكبار معاملة خاصة بهم؟ ألا يستحقون قسم طوارئ فقط لهم؟ اليوم نحن جميعاً نتمتع بقوتنا وصحتنا وغداً سنهرم وسنقضي ليلة في الطوارئ نتدلع.
غادرت المستشفى بعد أن أخبرتني الممرضة المسؤولة عن المعاينة، أن العلاج لن يكون مجانياً وأن الاستشاري المعني بالأطفال غير متواجد حالياً وقد لا يحضر إلا بعد ساعتين أو أكثر والأفضل أن تأخذه لمستشفى السلمانية، أخذت بنصيحة الممرضة وتوجهنا إلى طوارئ السلمانية.
وداخل قسم الطوارئ أخذت عدة جرعات من الصدمة، الأولى العدد الكبير من المراجعين ومن مختلف الجنسيات، منهم مواطنون ومنهم آسيويون ومنهم أفارقة، وهنا لا أقصد أني أفضل منهم ولا أتعالى بأني بحريني وهم لا، فكل إنسان من حقه أن يتعالج ويأخذ حقه في الرعاية الصحية، فقط أسأل لماذا لا يوجد شيء خاص للبحرينيين فقط لماذا يتوجب علينا أن ننتظر مع جميع الجنسيات لعدة ساعات في مكان لا تتوفر فيه الكراسي الكافية حتى لكل هذه الأعداد.
والصدمة الثانية متوسط ساعة الانتظار الذي يحدده الشخص الذي يعاين المريض، وفي حالة ابني قالت لي الممرضة الانتظار من ساعة إلى ساعتين، قلت لها إنه طفل وفي رأسه جرح عميق، قالت الأمر طبيعي! نعم قد تكون هناك حالات حرجة أكثر تتطلب دخولاً فورياً أو سريعاً للطبيب وهذا الأمر نقدره جميعاً، إما أن يكون السبب هو عدد الأطباء المحدود مقارنة بكم المراجعين فالأمر فيه تقصير بسبب أن الأمر ليس بجديد ولم يجد حلولاً طوال هذه السنوات.
منظر آخر كان بالنسبة لي قاسياً لأسباب خاصة منها أنه ذكرني بوالدي «رحمه الله» قبل سنة تقريباً، رجل كبير في السن أتت به ابنته وهو في حالة هستيرية من البكاء والألم، البنت تسأل هذا وذلك من الأطباء والممرضين بأن يلقوا نظرة على والدها، وكل شخص منهم يقول لها انتظري... انتظري! أكثر من نصف ساعة والرجل يبكي ويتألم أمامنا وفي الأخير يأتي طبيب في ربع عمر هذا الرجل الكبير ليقول له «ما فيك شي حجي بس تتدلع علينا»!
نفس الجملة سمعتها من قبل! أين أين؟ نعم تذكرت، حينما كنت آخذ أبي قبل سنوات للطوارئ، وهناك يبقى ممتداً على السرير لفترة حتى يحضر الطبيب ليقول له نفس الجملة «تتدلع».
لا يا عزيزي الطبيب، كبار السن لا يتدلعون، بل يتألمون، فليس هناك شخص بعد هذا العمر يحب أن يكون في وضع البكاء أو الصراخ أمام الناس إلا إذا كان يتألم ويعاني ولا يجد من يفهمه، ولو فرضنا أنه «يتدلع» ألا يحق له؟ شخص عاش حياته يشقى ويسعى من أجل أسرته ومن أجل وطنه حتى تعب جسده وهرم لدرجة أننا لم نعد نستطيع أن نشاهد آلامه أو نقدر ضعفه.
وهنا أوجه سؤالاً للمعنيين في وزارة الصحة، ألا يستحق هؤلاء الكبار معاملة خاصة بهم؟ ألا يستحقون قسم طوارئ فقط لهم؟ اليوم نحن جميعاً نتمتع بقوتنا وصحتنا وغداً سنهرم وسنقضي ليلة في الطوارئ نتدلع.