يَستغربُ المتابعُ لمجرياتِ الصّراع السياسيّ العسكريّ الدائر حالياً، من تلك النَّزعةِ المتصاعدةِ لتمجيدِ الحروبِ المدمرة والتَّغني بها، أكثر من استغرابهِ من الذين يبعثون تلك الحروب، لأسباب ومبررات مختلفةٍ. لأنّ من يبعثها تكون له مبرراتٌ وأهدافٌ، قد تكون دفاعيةً ومشروعةً. ولكنَّ من يحتفي بها متغنياً بصورها، يرتكب جرماً لا يقلُّ خطورةً من الحرب نفسها، لأنه يحفر لها مجرى عميقاً في النّفوسِ بالاحتفاء والتجميل والجنون. مع أن المنطق الإنساني السَّليم، لا يعمل على إيقاف الحروب فحسب، بل وعلى منعِ وقوعها، مدركاً أنَّ حصونَ السَّلام تُبنى في العقول بدايةً.
إن الذين يُمجدُون الحربَ ويستبشرون بها، وكأنها مجردُ لعبةٍ للتسليةِ، يبدون كمن فقدَ الذَّاكرة المليئة بآلام الحروب وأوجاعها. لا يقرؤون التَّاريخ الحديثَ والمعاصرَ، حيث فتكت الحروب العبثية بالإنسانية فتكاً: فالحرب العالمية الأولى على سبيل المثال، قُتل فيها أكثر من 17 مليوناً وحوالي 8 ملايين مفقود وأكثر من 21 مليون جريح ومعوق. وفي الحرب العالمية الثانية قتل بين 70 و80 مليون بشر، أكثر من 20 مليوناً منهم توفوا بسبب الأمراضِ والمجاعاتِ. وحوالي 30 مليون جريح ومعوق وملايين المفقودين. وخلفتْ الحربان دماراً شاملاً لكافةِ أوجهِ الحياةِ، وصوراً مُرعبةً من الإباداتِ الجماعيةِ والجروحِ والعداواتِ لا تندملُ.
دفعني إلى هذه المقدمةِ الكمُّ الهائلُ من الفيديوهات التي تُغطي أو تُحلِّل الحربَ الجارية حالياً، والتي تُمجِّدُ هذا الحربَ وأعدادَ القتلى والمدنَ المُدمَرةَ، وكأنها مجردُ لعبةِ فيديو أو سباق مارثون. هذا النوعُ من الإعلامِ يُؤسِّسُ لثقافة تمجيدِ الحربِ والاحتفاء بها. وهو إعلامٌ خطيرٌ مُوحشٌ متوحشٌ، يُؤثِّر على ثقافة المجتمعٍ وتربية الأجيال على العنف والقتل، بدلاً من التَّأسيس لمفاهيم السَّلام والتعايشِ بين الشعوبِ والأديانِ، ضمن الشرط الإنسانيِّ للتعايشِ والسَّلامِ، لأنَّ الحروب تُولدُ في عقولِ البشر أولاً، من خلال غسلِ الأدمغةِ ونشر أنواع الشوفينيات والفاشيات السياسية والعسكرية والدينية وحتى الثقافية.
لقد شهِدتْ البشريةُ على مدار تاريخها أصنافاً لا تُحصى من مظاهرِ القسوةِ والبربريةِ والعنفِ والتَّوحشِ، التي سببت سلسلة من الكوارث المأساويةِ المتعاقبةِ والمستمرة إلى اليوم، بما في ذلك استخدام السلاح النووي لإبادة مدن بأكملها أو التهديد باستخدامه لإفناء العالمِ.
ولذلك حري بالمثقفين والإعلاميين والتربويين ورجال الدين، ممن يُؤمنون بأن قدرَ الإنسانيةِ هو التعايش مع خلافاتها واختلافاتها، أن يُواجهوا هذا الاتجاهَ المُدمِّر الذي يؤجج الكراهية بين الشعوب والأديان والثقافات، ويزيِّن الحروبَ ويمجدُهَا. وأن يرفضوا النَّزعاتِ الهمجيةَ المتوحشة َفي طَمعها وعنفِهَا، لأنها المُولّد الرئيس للحروب والمآسي ونتائجها الأكثر تدميراً للإنسان، والأكثر إذلالاً له على صعيد العالم، من الظلم والعدوان والإفقار التي تَغرق فيها مناطقُ وقاراتٌ بأكملها، والعمل على تعزيز دور مؤسسات الحوار والسلام في العالم، لمواكبة أشكال الوفاق الدولي، لمواجهة سياسات التوحش والظلم والعدوان التي تنتهجها رسمياً العديد من الدول الكبرى.
إن الذين يُمجدُون الحربَ ويستبشرون بها، وكأنها مجردُ لعبةٍ للتسليةِ، يبدون كمن فقدَ الذَّاكرة المليئة بآلام الحروب وأوجاعها. لا يقرؤون التَّاريخ الحديثَ والمعاصرَ، حيث فتكت الحروب العبثية بالإنسانية فتكاً: فالحرب العالمية الأولى على سبيل المثال، قُتل فيها أكثر من 17 مليوناً وحوالي 8 ملايين مفقود وأكثر من 21 مليون جريح ومعوق. وفي الحرب العالمية الثانية قتل بين 70 و80 مليون بشر، أكثر من 20 مليوناً منهم توفوا بسبب الأمراضِ والمجاعاتِ. وحوالي 30 مليون جريح ومعوق وملايين المفقودين. وخلفتْ الحربان دماراً شاملاً لكافةِ أوجهِ الحياةِ، وصوراً مُرعبةً من الإباداتِ الجماعيةِ والجروحِ والعداواتِ لا تندملُ.
دفعني إلى هذه المقدمةِ الكمُّ الهائلُ من الفيديوهات التي تُغطي أو تُحلِّل الحربَ الجارية حالياً، والتي تُمجِّدُ هذا الحربَ وأعدادَ القتلى والمدنَ المُدمَرةَ، وكأنها مجردُ لعبةِ فيديو أو سباق مارثون. هذا النوعُ من الإعلامِ يُؤسِّسُ لثقافة تمجيدِ الحربِ والاحتفاء بها. وهو إعلامٌ خطيرٌ مُوحشٌ متوحشٌ، يُؤثِّر على ثقافة المجتمعٍ وتربية الأجيال على العنف والقتل، بدلاً من التَّأسيس لمفاهيم السَّلام والتعايشِ بين الشعوبِ والأديانِ، ضمن الشرط الإنسانيِّ للتعايشِ والسَّلامِ، لأنَّ الحروب تُولدُ في عقولِ البشر أولاً، من خلال غسلِ الأدمغةِ ونشر أنواع الشوفينيات والفاشيات السياسية والعسكرية والدينية وحتى الثقافية.
لقد شهِدتْ البشريةُ على مدار تاريخها أصنافاً لا تُحصى من مظاهرِ القسوةِ والبربريةِ والعنفِ والتَّوحشِ، التي سببت سلسلة من الكوارث المأساويةِ المتعاقبةِ والمستمرة إلى اليوم، بما في ذلك استخدام السلاح النووي لإبادة مدن بأكملها أو التهديد باستخدامه لإفناء العالمِ.
ولذلك حري بالمثقفين والإعلاميين والتربويين ورجال الدين، ممن يُؤمنون بأن قدرَ الإنسانيةِ هو التعايش مع خلافاتها واختلافاتها، أن يُواجهوا هذا الاتجاهَ المُدمِّر الذي يؤجج الكراهية بين الشعوب والأديان والثقافات، ويزيِّن الحروبَ ويمجدُهَا. وأن يرفضوا النَّزعاتِ الهمجيةَ المتوحشة َفي طَمعها وعنفِهَا، لأنها المُولّد الرئيس للحروب والمآسي ونتائجها الأكثر تدميراً للإنسان، والأكثر إذلالاً له على صعيد العالم، من الظلم والعدوان والإفقار التي تَغرق فيها مناطقُ وقاراتٌ بأكملها، والعمل على تعزيز دور مؤسسات الحوار والسلام في العالم، لمواكبة أشكال الوفاق الدولي، لمواجهة سياسات التوحش والظلم والعدوان التي تنتهجها رسمياً العديد من الدول الكبرى.