دائماً ما أحرص على قراءة تعليقات القراء على الأحداث الاجتماعية والأخبار الاقتصادية التي تمس الحياة اليومية لهم. وأهتم كثيراً بالاستماع لشكواهم وآرائهم وتفسيراتهم لكل ما يدور حولهم. «الناس» هم المؤشر الحقيقي للحياة وسيرها واتجاهاتها. قد لا يمثلون ما ينبغي أن تكون عليه الحياة. ولكنهم يعكسون واقعها المتحقق.
لا نستطيع أن ننكر أن «الناس» تعاني كثيراً في زمننا. الغلاء والتضخم والأزمات الاقتصادية. تراجع الكثير من الخدمات. ضغط وسائل التواصل الاجتماعي. متطلبات الأبناء التي لا تنتهي. طبيعة الحياة الاستهلاكية التي تستنزف أعصاب المرء قبل جيبه. المشكلات الاجتماعية في الأسرة والعمل والشارع. كلها ضغوط خلفت آثاراً مربكة على الناس، وجعلت تصاعد منسوب شكاويهم تتزايد. إلى أن صارت الشكوى سمة من سمات هذا الزمن. زمن التذمر من كل شيء «عمال على بطال».
الإشكالية التي تركتها التعقيدات السابقة هو ضبابية رؤية الإنسان للحياة وتخلخل اتزان انسجامه معها. لم يعد الإنسان يفهم الحياة. ما ينبغي أن نكون عليه، وما يمكن أن يتحقق. نسبة الرضا والقناعة تراجعت كثيراً، ليس بسبب تردي الأحوال الاقتصادية والمعيشية، ولكن بسبب ارتفاع سقف الطموح غير الواقعي. وليست المشكلة أبداً أن تكون طموحاً، إنها دافعية إيجابية لتحقيق المستحيل. ولكن الطموح ليس مكانه الأمنيات فقط. الطموح الصحي هو الذي يقودك للعمل للتميز للتفوق. والإنجاز، كي تتوقع الأفضل. غير أن هذا ليس ما يظنه أغلب «الناس».
سنجد الموظفين يطمحون بوظائف مكتبية مرفهة لا تتطلب التزاماً بالعمل المضني والانضباط الوظيفي. وسنجد التلاميذ يطالبون بتخفيف الأعباء الدراسية إلى أدنى حد كي يستمتعوا بطفولتهم. والآباء يبحثون عن مختلف الوسائل التي «تلهي» الأبناء عنهم كي يتحرروا من الواجبات الأسرية. غالبية الفتيات يطاردن العلامات التجارية وكل ما له علاقة بالاستهلاك غير الصحي. والراغبون في الزواج يبحثون عن نماذج خيالية من الشركاء المثاليين لا وجود لهم إلا في قصص ديزني لاند. هذه التوجهات هي أكثر ما يرهق الناس اليوم بناء تصورات غير صحيحة للحياة والغرق في الخيال الذي لا يبذلون مجهوداً لتحقيقه.
نحن الجيل الأقرب إلى مركبات هذا الجيل، لم ننشأ على هذه الأفكار الفاترة. لقد بذلنا جهداً خيالياً في دراستنا قبل عصر التكنولوجيا والتسامح وحقوق الأطفال. وتسلسلنا في أبسط الأعمال، وأكثرها مشقة وأقلها أجراً. واحترمنا الكبار والصغار وبقينا صغاراً بين الجميع لسنوات طويلة. لم نتخيل يوماً أن شيئاً ينبغي لنا امتلاكه لمجرد كونه إحدى رغباتنا. ولم يخطر ببالنا أن تموقعنا في وضع يليق بنا لا يتطلب أكثر من التذمر الاجتماعي والضغط في «السوشال ميديا». أظن أننا كنا واقعيين بما يكفي لنعرف معنى التعب والمشقة وبناء الذات. والتسلح بمختلف الإمكانات التي تجعلك لا تخجل بالتحدث عن مكتسباتك واستحقاقاتك.
كل الدروس التي كنا نتلقاها في الأسرة وفي المجتمع، وفي كتب القصص والروايات، ومسلسلات الأطفال وأفلام الكبار: علمتنا أن من جد وجد، ومن صبر وصل. حتى البساط السحري والفانوس السحري والخواتم السحرية كانت تتطلب عناء ومشقة للوصول إليها ثم تختزل خدمتها في ثلاث أمنيات لا غير. وكنا نعي أن ذلك ضرب من الخيال، لا غير.
جزء من أزمة واقعنا اليوم، وأحد أهم أسباب روح التذمر العالية، هو اختلال الواقعية. والبحث عن حياة «حسب الطلب».
لا نستطيع أن ننكر أن «الناس» تعاني كثيراً في زمننا. الغلاء والتضخم والأزمات الاقتصادية. تراجع الكثير من الخدمات. ضغط وسائل التواصل الاجتماعي. متطلبات الأبناء التي لا تنتهي. طبيعة الحياة الاستهلاكية التي تستنزف أعصاب المرء قبل جيبه. المشكلات الاجتماعية في الأسرة والعمل والشارع. كلها ضغوط خلفت آثاراً مربكة على الناس، وجعلت تصاعد منسوب شكاويهم تتزايد. إلى أن صارت الشكوى سمة من سمات هذا الزمن. زمن التذمر من كل شيء «عمال على بطال».
الإشكالية التي تركتها التعقيدات السابقة هو ضبابية رؤية الإنسان للحياة وتخلخل اتزان انسجامه معها. لم يعد الإنسان يفهم الحياة. ما ينبغي أن نكون عليه، وما يمكن أن يتحقق. نسبة الرضا والقناعة تراجعت كثيراً، ليس بسبب تردي الأحوال الاقتصادية والمعيشية، ولكن بسبب ارتفاع سقف الطموح غير الواقعي. وليست المشكلة أبداً أن تكون طموحاً، إنها دافعية إيجابية لتحقيق المستحيل. ولكن الطموح ليس مكانه الأمنيات فقط. الطموح الصحي هو الذي يقودك للعمل للتميز للتفوق. والإنجاز، كي تتوقع الأفضل. غير أن هذا ليس ما يظنه أغلب «الناس».
سنجد الموظفين يطمحون بوظائف مكتبية مرفهة لا تتطلب التزاماً بالعمل المضني والانضباط الوظيفي. وسنجد التلاميذ يطالبون بتخفيف الأعباء الدراسية إلى أدنى حد كي يستمتعوا بطفولتهم. والآباء يبحثون عن مختلف الوسائل التي «تلهي» الأبناء عنهم كي يتحرروا من الواجبات الأسرية. غالبية الفتيات يطاردن العلامات التجارية وكل ما له علاقة بالاستهلاك غير الصحي. والراغبون في الزواج يبحثون عن نماذج خيالية من الشركاء المثاليين لا وجود لهم إلا في قصص ديزني لاند. هذه التوجهات هي أكثر ما يرهق الناس اليوم بناء تصورات غير صحيحة للحياة والغرق في الخيال الذي لا يبذلون مجهوداً لتحقيقه.
نحن الجيل الأقرب إلى مركبات هذا الجيل، لم ننشأ على هذه الأفكار الفاترة. لقد بذلنا جهداً خيالياً في دراستنا قبل عصر التكنولوجيا والتسامح وحقوق الأطفال. وتسلسلنا في أبسط الأعمال، وأكثرها مشقة وأقلها أجراً. واحترمنا الكبار والصغار وبقينا صغاراً بين الجميع لسنوات طويلة. لم نتخيل يوماً أن شيئاً ينبغي لنا امتلاكه لمجرد كونه إحدى رغباتنا. ولم يخطر ببالنا أن تموقعنا في وضع يليق بنا لا يتطلب أكثر من التذمر الاجتماعي والضغط في «السوشال ميديا». أظن أننا كنا واقعيين بما يكفي لنعرف معنى التعب والمشقة وبناء الذات. والتسلح بمختلف الإمكانات التي تجعلك لا تخجل بالتحدث عن مكتسباتك واستحقاقاتك.
كل الدروس التي كنا نتلقاها في الأسرة وفي المجتمع، وفي كتب القصص والروايات، ومسلسلات الأطفال وأفلام الكبار: علمتنا أن من جد وجد، ومن صبر وصل. حتى البساط السحري والفانوس السحري والخواتم السحرية كانت تتطلب عناء ومشقة للوصول إليها ثم تختزل خدمتها في ثلاث أمنيات لا غير. وكنا نعي أن ذلك ضرب من الخيال، لا غير.
جزء من أزمة واقعنا اليوم، وأحد أهم أسباب روح التذمر العالية، هو اختلال الواقعية. والبحث عن حياة «حسب الطلب».