تحدَّثَ المفكرُ الجزائريُّ «الدكتور محمد أركون» في إحدى ندواتِهِ الفكريةِ، عمَّا يُسميه بالجهلِ المُقدَّسِ، والجهلِ المُؤسسيِّ.
وهذان النوعان من الجهلِ -في الحقيقةِ- وجهان لجَهلٍ واحدٍ، نعاني منه إلى اليَومِ. وهو وراءَ حالةِ الاعتلالِ الفكريِّ والنفسيِّ وحتى الأخلاقيِّ، الذي نُعانيه في حياتنا الفكريةِ والاجتماعيةِ.
وتقُودنا هذه المقدِّمةُ إلى ما يُمكن أن نُسمِّيه حالةَ «إدمانِ التَّقديسِ المُؤبَّد» التي لا فكاكَ منها. كتقديس الماضي، وتقديس الأشخاصِ، وتقديس الخرافاتِ والمُخرِّفين الذين يبيعون الوهمَ للنَّاسِ، وتقديس ما نتعلمهُ على مقاعدِ الدِّراسةِ من أفكارٍ مفارقةٍ للمنطق والعقلِ والواقِعِ. فتُصبح مثلُ هذه «التقديسات» متحكمةً في حياتنا وموجهةً لأفكارنا ومواقفنا، ناسجةً لأيديولوجياتِنا الدُّغمائيةِ التي يَصعبُ بعد تشكُّلها، وبناءِ السِّياجاتِ من حولِها، أن يَتزحزحَ الفردُ المُغيَّبُ عنها. فتتولى هذه الأيديولوجياتُ، إما العمل على تشويهِ الواقعِ الذي لا يعجبُها، والعمل على إعادةِ انتاجِ صورةٍ معكوسةٍ عنه. وإما العمل على تبريرِ الأوضاعِ القائمةِ والدفاعِ عنها مهما كانت سيئةً، إذا كان صاحبُ الأيديولوجيا ذا مصلحةٍ في تلك الأوضاعِ، أو حالتْ الأوهامُ دون الوعيِّ بها.
وفي الحالتين يَجري فيهما إنتاجُ الوهمِ النَّاجمِ عن غيابِ العقلانية والوعيِّ التاريخيِّ الفكريِّ الحرِّ الذي من شأنهِ أن جعلَ الفردَ حرّاً في مقارباتِهِ وفي مواقِفِهِ. لذلك نجدُ اليومَ ما يشبهُ السيطرة للأوهامِ والأساطيرِ المقدسةِ، التي ترسمُ صورةً غير صحيحة عن الواقعِ، مما يزيدُ من تغيِّيبِ الوعيِّ الجماعيِّ به.
دفعنِي إلى هذهِ المقدمةِ ما نراهُ من مواقف إزاءَ الأوضاعِ والتَّحولاتِ الجاريةِ من حولنا، نتيجةً للجَهلِ المُقدسِ والمؤسسيِّ معاً، وما ينتج عن ذلك من بؤسِ الفكرِ وفسادِ المواقفِ، من خلال غلبةِ الشِّعاراتِ الجَوفاءِ والغوغائيةِ، واستخدام اللّغةِ الخَشبِّيةِ، والدِّفاعِ المستميتِ عن الأخطاءِ، وعدم القدرةِ على مراجعةِ المواقفِ التي تحتاج إلى مراجعةٍ، من أجل المضيِّ قُدُماً مع حركةِ التَّاريخِ فيما يجمعُ النَّاس على كلمةٍ سواء، ويحقق مصالحَهم.
وإذا ما هذا الأمر على موضوعِ المواطنةِ على سبيل المثالِ، نجد من يحاولُ جاهداً، استبعادَها كأساسٍ للتَّعايش والوحدةِ، فيقترحُون في المقابل حلولاً بديلةً وهميةً، يَحتمون بهَا، فيعمدُون إلى تخويفِ النَّاسِ من أن يكونوا أفراداً أحراراً، يتمتعُون بحريةِ فكرهم وحريةِ اختيارِهم، في إطارِ المواطنيةِ المضادَّةِ للنَّزعاتِ التَّقسيميةِ. وحين تبدأُ المجتمعاتُ بالتَّعبيرِ عن نفسِهَا بهويات تقسيميةٍ، فهذا يعني انتهاءَ دورِ الدَّولةِ والدخولَ في نفقٍ من الصِّراعاتِ المؤسسة على الأوهامِ، وتعميقَ أسبابِ التَّصنيفِ الفئويِّ للنّاسِ، بحيث لا تكون هنالك قاعدةٌ للمساواةِ على أساس القانونِ والمواطنةِ، ولا يكون هنالك إسهامٌ في بناء الديمقراطيةِ الحقيقةِ، طالما بقيَ الجهلُ المُقدَّسُ مهيمناً على العقولِ والنُّفوسِ معاً.
وهذان النوعان من الجهلِ -في الحقيقةِ- وجهان لجَهلٍ واحدٍ، نعاني منه إلى اليَومِ. وهو وراءَ حالةِ الاعتلالِ الفكريِّ والنفسيِّ وحتى الأخلاقيِّ، الذي نُعانيه في حياتنا الفكريةِ والاجتماعيةِ.
وتقُودنا هذه المقدِّمةُ إلى ما يُمكن أن نُسمِّيه حالةَ «إدمانِ التَّقديسِ المُؤبَّد» التي لا فكاكَ منها. كتقديس الماضي، وتقديس الأشخاصِ، وتقديس الخرافاتِ والمُخرِّفين الذين يبيعون الوهمَ للنَّاسِ، وتقديس ما نتعلمهُ على مقاعدِ الدِّراسةِ من أفكارٍ مفارقةٍ للمنطق والعقلِ والواقِعِ. فتُصبح مثلُ هذه «التقديسات» متحكمةً في حياتنا وموجهةً لأفكارنا ومواقفنا، ناسجةً لأيديولوجياتِنا الدُّغمائيةِ التي يَصعبُ بعد تشكُّلها، وبناءِ السِّياجاتِ من حولِها، أن يَتزحزحَ الفردُ المُغيَّبُ عنها. فتتولى هذه الأيديولوجياتُ، إما العمل على تشويهِ الواقعِ الذي لا يعجبُها، والعمل على إعادةِ انتاجِ صورةٍ معكوسةٍ عنه. وإما العمل على تبريرِ الأوضاعِ القائمةِ والدفاعِ عنها مهما كانت سيئةً، إذا كان صاحبُ الأيديولوجيا ذا مصلحةٍ في تلك الأوضاعِ، أو حالتْ الأوهامُ دون الوعيِّ بها.
وفي الحالتين يَجري فيهما إنتاجُ الوهمِ النَّاجمِ عن غيابِ العقلانية والوعيِّ التاريخيِّ الفكريِّ الحرِّ الذي من شأنهِ أن جعلَ الفردَ حرّاً في مقارباتِهِ وفي مواقِفِهِ. لذلك نجدُ اليومَ ما يشبهُ السيطرة للأوهامِ والأساطيرِ المقدسةِ، التي ترسمُ صورةً غير صحيحة عن الواقعِ، مما يزيدُ من تغيِّيبِ الوعيِّ الجماعيِّ به.
دفعنِي إلى هذهِ المقدمةِ ما نراهُ من مواقف إزاءَ الأوضاعِ والتَّحولاتِ الجاريةِ من حولنا، نتيجةً للجَهلِ المُقدسِ والمؤسسيِّ معاً، وما ينتج عن ذلك من بؤسِ الفكرِ وفسادِ المواقفِ، من خلال غلبةِ الشِّعاراتِ الجَوفاءِ والغوغائيةِ، واستخدام اللّغةِ الخَشبِّيةِ، والدِّفاعِ المستميتِ عن الأخطاءِ، وعدم القدرةِ على مراجعةِ المواقفِ التي تحتاج إلى مراجعةٍ، من أجل المضيِّ قُدُماً مع حركةِ التَّاريخِ فيما يجمعُ النَّاس على كلمةٍ سواء، ويحقق مصالحَهم.
وإذا ما هذا الأمر على موضوعِ المواطنةِ على سبيل المثالِ، نجد من يحاولُ جاهداً، استبعادَها كأساسٍ للتَّعايش والوحدةِ، فيقترحُون في المقابل حلولاً بديلةً وهميةً، يَحتمون بهَا، فيعمدُون إلى تخويفِ النَّاسِ من أن يكونوا أفراداً أحراراً، يتمتعُون بحريةِ فكرهم وحريةِ اختيارِهم، في إطارِ المواطنيةِ المضادَّةِ للنَّزعاتِ التَّقسيميةِ. وحين تبدأُ المجتمعاتُ بالتَّعبيرِ عن نفسِهَا بهويات تقسيميةٍ، فهذا يعني انتهاءَ دورِ الدَّولةِ والدخولَ في نفقٍ من الصِّراعاتِ المؤسسة على الأوهامِ، وتعميقَ أسبابِ التَّصنيفِ الفئويِّ للنّاسِ، بحيث لا تكون هنالك قاعدةٌ للمساواةِ على أساس القانونِ والمواطنةِ، ولا يكون هنالك إسهامٌ في بناء الديمقراطيةِ الحقيقةِ، طالما بقيَ الجهلُ المُقدَّسُ مهيمناً على العقولِ والنُّفوسِ معاً.