من الوقائع العربية التي امتزج فيها التاريخ مع الأساطير مع الخيالات هي قصة انهيار سد مأرب. وهو في حقيقة الأمر يعد حدثاً تاريخياً مفصلياً في تاريخ العرب. فانهيار السد كان أحد أهم أسباب تفكك مملكة سبأ. وانتشار القحط في مساحات واسعة منها. ومن ثم خروج الهجرات العظيمة للقبائل اليمنية. مما أدى إلى انتعاش مدن أخرى مثل مكة والمدينة. وانخراط القبائل اليمينية المهاجرة بغزارة في حركة الفتوحات الإسلامية التي امتدت حتى الأندلس.
تروي الوقائع التاريخية أن سد مأرب، وهو أحد المعجزات المعمارية للعرب في الألف سنة الأخيرة قبل الميلاد، تعرض عدة مرات للتصدع والانهيارات البسيطة. وفي كل مرة كان السبئيون يعيدون ترميمه وتعميره. إلى أن دبت الخلافات السياسية الكبيرة في المملكة. وهنا تتدخل الأساطير والحكايات الشعبية، لتبين أن الصراعات السياسية الكبيرة كانت، غالباً، تحت السيطرة ولا تتجاوز الحدود التي قد تعرض أمن واستقرار المملكة للخطر. غير أن السبئيين في غمرة صراعاتهم أهملوا السد ونسوا متابعة الاهتمام به وترميمه كلما استدعى الأمر. فضعفت جدرانه وسرت فيها شروخ صغيرة لا تظهر للعين المجردة. إلى أن ظهر فأر صغير أخذ ينخر في أساس السد شيئاً فشيئاً حتى أحدث فيه فجوة صغيرة أخلّت باتزان الجدران المتصدعة. فانفجر الماء من بطن السد، مصادفاً انهمار مطر غزير ففاضت البلاد بالمياه التي أغرقت البشر والحجر ودكت المملكة وهدمت أركانها. فيما عرف عند العرب بسيل العرم، الذي خلف حركة «شتات» هائلة في تاريخ الجزيرة العربية.
الدرس المستفاد من قصة «السد والفأر»: أن المشكلات الكبيرة لا تؤدي بالضرورة للكوارث العظيمة. فكون المشكلات كبيرة يجعلها بارزة للعين والعقل فيدرك الوعي الفردي والجمعي مدى خطورة انفكاك عقالها. فيسعى لضبطها وإعادتها إلى نصابها ومنسوبها الصحي. أما المشكلات الصغيرة التي تنخر في اللاوعي فقد يتجاهلها الجميع. ولا يلقي لها بالاً. فتكبر بطريقتها الخفية في غفلة منا، وتتسع مساحتها في المناطق اللامرئية عن اهتمامنا. فتقع الكارثة فجأة من حيث لا نحتسب.
نحن نرى أثر هذه الفرضية في كل مجالات حياتنا. في الأسرة حين يتجاهل الآباء حل المشكلات الصغيرة بين الأبناء، وإطفاء نيران الغيرة في قلوبهم. فينشأ كره صغير في قلوبهم ينتهي بعداوات وخصامات عند الكبر. ونجدها في بيئة العمل حين يتحاشى كبار المسؤولين معالجة الأزمات الصغيرة بصفتها تفاصيل لا ترقى إلى مستوى استهلاك وقت «التنفيذيين». فنحصد النتائج في المشروعات الكبيرة حين تتعثر فجأة بسبب سلوك غير مسؤول من موظف صغير.
هي أشياء صغيرة لكن أثرها عميق. كمثل الخدش البسيط، قد يؤدي تجاهله إلى ورم أو غرغرينا يفتك بالجسد.
تروي الوقائع التاريخية أن سد مأرب، وهو أحد المعجزات المعمارية للعرب في الألف سنة الأخيرة قبل الميلاد، تعرض عدة مرات للتصدع والانهيارات البسيطة. وفي كل مرة كان السبئيون يعيدون ترميمه وتعميره. إلى أن دبت الخلافات السياسية الكبيرة في المملكة. وهنا تتدخل الأساطير والحكايات الشعبية، لتبين أن الصراعات السياسية الكبيرة كانت، غالباً، تحت السيطرة ولا تتجاوز الحدود التي قد تعرض أمن واستقرار المملكة للخطر. غير أن السبئيين في غمرة صراعاتهم أهملوا السد ونسوا متابعة الاهتمام به وترميمه كلما استدعى الأمر. فضعفت جدرانه وسرت فيها شروخ صغيرة لا تظهر للعين المجردة. إلى أن ظهر فأر صغير أخذ ينخر في أساس السد شيئاً فشيئاً حتى أحدث فيه فجوة صغيرة أخلّت باتزان الجدران المتصدعة. فانفجر الماء من بطن السد، مصادفاً انهمار مطر غزير ففاضت البلاد بالمياه التي أغرقت البشر والحجر ودكت المملكة وهدمت أركانها. فيما عرف عند العرب بسيل العرم، الذي خلف حركة «شتات» هائلة في تاريخ الجزيرة العربية.
الدرس المستفاد من قصة «السد والفأر»: أن المشكلات الكبيرة لا تؤدي بالضرورة للكوارث العظيمة. فكون المشكلات كبيرة يجعلها بارزة للعين والعقل فيدرك الوعي الفردي والجمعي مدى خطورة انفكاك عقالها. فيسعى لضبطها وإعادتها إلى نصابها ومنسوبها الصحي. أما المشكلات الصغيرة التي تنخر في اللاوعي فقد يتجاهلها الجميع. ولا يلقي لها بالاً. فتكبر بطريقتها الخفية في غفلة منا، وتتسع مساحتها في المناطق اللامرئية عن اهتمامنا. فتقع الكارثة فجأة من حيث لا نحتسب.
نحن نرى أثر هذه الفرضية في كل مجالات حياتنا. في الأسرة حين يتجاهل الآباء حل المشكلات الصغيرة بين الأبناء، وإطفاء نيران الغيرة في قلوبهم. فينشأ كره صغير في قلوبهم ينتهي بعداوات وخصامات عند الكبر. ونجدها في بيئة العمل حين يتحاشى كبار المسؤولين معالجة الأزمات الصغيرة بصفتها تفاصيل لا ترقى إلى مستوى استهلاك وقت «التنفيذيين». فنحصد النتائج في المشروعات الكبيرة حين تتعثر فجأة بسبب سلوك غير مسؤول من موظف صغير.
هي أشياء صغيرة لكن أثرها عميق. كمثل الخدش البسيط، قد يؤدي تجاهله إلى ورم أو غرغرينا يفتك بالجسد.