أخيراً أنعم الله سبحانه وتعالى علينا بزخات من المطر يوم الإثنين الماضي وتبللت شوارعنا وطرقاتنا وأحسسنا بأننا بالفعل في فصل الشتاء بعد أن حرمنا من هذه الأمطار مواسم عديدة. خرجنا إلى أحواش المنازل وإلى الحدائق لنفتح أكفنا وأيدينا لهذه الهدية السماوية ونمسح بها وجوهنا ورؤوسنا؛ فالمطر كما نعرف ويعرف الكثيرون هو الأقرب إلى الله لأنه نزل من السماء.
وسعدنا في الأيام القليلة الماضية كذلك «بشويّة برد» بعد أن أصبح الكثيرون يتندرون على أن البحرين ليس لها إلاّ فصل واحد طويل من الحر والرطوبة الخانقة، وفي وقت كنا نتحسر فيه على شتائنا الذي فقدناه منذ كنا صغاراً، حيث البرد الشديد والأمطار الغزيرة التي تجعل أهلينا يفصلون لنا ملابس الصوف الدافئة، ونتمتع بسقوط الأمطار واللعب في مستنقعاتها.
سعدنا نحن البحرينيين بنسمات باردة هبّت علينا خلال الأيام القليلة الماضية بعد أن جفل الشتاء وكاد ينتهي ونحن مازلنا نلبس الملابس البيضاء الخفيفة وندير المكيفات في مكاتبنا ومنازلنا ليلاً ونهاراً، وكأن الشتاء قد خاصمنا منذ سنوات فلا برودة تلسع، ولا أمطار تبلل ولا دفايات تعمل لتخفف من برودة الجو، وكأن بلادنا نقلت من مكانها وأصبحت من المناطق الاستوائية الحارة على خارطة العالم.
تباركت علينا الموجة الباردة التي جاءت من شمال البحر المتوسط وضربت مناطق واسعة من لبنان وسوريا والأردن تصحبها الأمطار الغزيرة والرياح الشديدة والثلوج الكثيفة، ووصل إلى خليجنا العربي بعض فلولها وبقاياها.. و«شيء أحسن من لا شيء»، وسعدنا بالتفتيش في دواليبنا عن ثيابنا الصوف وغترنا «الجتاية» و«أكواتنا» التي ملأت دواليبنا من دون أن نحركها من مكانها سنوات طويلة بعد أن امتلأت بريحة «الإسهيجة».
ومازلت أذكر أن الوضع في البحرين وفي بقية دول الخليج العربي لم يكن كما هو الحال الآن في فصل الشتاء، فقد كنا نحس بالشتاء وقدومه ونحن صغار، وكان الأهالي يستعدون لمقدمه بتصليح الأسقف وردم التشققات فيه حتى لا تتسرب الأمطار إلى داخل الغرف و«البناكل»، ويشتري رب كل أسرة أكياس الفحم التي تحمّر وتوضع على «المنقلة» طلباً للتدفئة، حيث لم تكن الكهرباء والدفايات الكهربائية قد عرفت بعد.
ومازلنا نذكر الهبة الباردة التي ضربت البحرين في منتصف الستينات من القرن الماضي، وكيف أن الأسماك قد نفقت في البحر ودخل الصبيان إلى عرض البحر ليجمعوا الأسماك الميّتة التي لم تتلف بعد بسبب شدة البرودة. وما زلت أذكر «البردي» الذي كان يتساقط على رؤوسنا ونفرح بجمعه من الشوارع والطرقات وأحواش المنازل لنأكله أو نمصّه قبل أن يذوب.. «ويا ويل اللي أبوه مسوي له قرعة».
وأجمل ما في الشتاء وبرده وزمهريره أن تكون مخيماً في البر، وأن تشتعل أعواد الحطب في وسط ساحة المخيم ويلتف الأهل في «برانيصهم» ومعاطفهم حول هذه النار طلباً للتدفئة. لكن الأجمل من ذلك أن تتساقط عليك الأمطار وأنت والأهل والأصدقاء في الخيام وتسمعون حبات المطر، وهي تقرع سقف الخيام ثم تسيل من أمامها، ثم ما تلبث الأرض بعد أيام أن تخضر وتعشوشب بإذن الله نتيجة لسقوط هذا المطر.
والحمد لله أن شتاءنا ليس كمثل ما يحدث في بعض الدول الأوروبية والأمريكية، حيث تتساقط عليهم الأمطار والثلوج بغزارة وتسد الطرقات وتشل الحياة ولا يستطيع الناس الخروج من منازلهم أياماً وفترات طويلة حتى تخف هذه الموجات الباردة، وتأتي الجرافات لتزيل أكوام الثلج التي أعاقت الحركة وغطت المنازل والسيارات وطرق السير المختلفة.
وأخيراً نقول إن الشتاء ببرده وأمطاره وثلوجه وصواعقه هي آيات من آيات الله سبحانه وتعالى. سبحانه.. سبحانه.. جل شأنه وعظم سلطانه وتنوعت وتكاثرت آياته.. وكما قال الشاعر:
وفي كل شيء له آية
تدل على أنه الواحد.
وسعدنا في الأيام القليلة الماضية كذلك «بشويّة برد» بعد أن أصبح الكثيرون يتندرون على أن البحرين ليس لها إلاّ فصل واحد طويل من الحر والرطوبة الخانقة، وفي وقت كنا نتحسر فيه على شتائنا الذي فقدناه منذ كنا صغاراً، حيث البرد الشديد والأمطار الغزيرة التي تجعل أهلينا يفصلون لنا ملابس الصوف الدافئة، ونتمتع بسقوط الأمطار واللعب في مستنقعاتها.
سعدنا نحن البحرينيين بنسمات باردة هبّت علينا خلال الأيام القليلة الماضية بعد أن جفل الشتاء وكاد ينتهي ونحن مازلنا نلبس الملابس البيضاء الخفيفة وندير المكيفات في مكاتبنا ومنازلنا ليلاً ونهاراً، وكأن الشتاء قد خاصمنا منذ سنوات فلا برودة تلسع، ولا أمطار تبلل ولا دفايات تعمل لتخفف من برودة الجو، وكأن بلادنا نقلت من مكانها وأصبحت من المناطق الاستوائية الحارة على خارطة العالم.
تباركت علينا الموجة الباردة التي جاءت من شمال البحر المتوسط وضربت مناطق واسعة من لبنان وسوريا والأردن تصحبها الأمطار الغزيرة والرياح الشديدة والثلوج الكثيفة، ووصل إلى خليجنا العربي بعض فلولها وبقاياها.. و«شيء أحسن من لا شيء»، وسعدنا بالتفتيش في دواليبنا عن ثيابنا الصوف وغترنا «الجتاية» و«أكواتنا» التي ملأت دواليبنا من دون أن نحركها من مكانها سنوات طويلة بعد أن امتلأت بريحة «الإسهيجة».
ومازلت أذكر أن الوضع في البحرين وفي بقية دول الخليج العربي لم يكن كما هو الحال الآن في فصل الشتاء، فقد كنا نحس بالشتاء وقدومه ونحن صغار، وكان الأهالي يستعدون لمقدمه بتصليح الأسقف وردم التشققات فيه حتى لا تتسرب الأمطار إلى داخل الغرف و«البناكل»، ويشتري رب كل أسرة أكياس الفحم التي تحمّر وتوضع على «المنقلة» طلباً للتدفئة، حيث لم تكن الكهرباء والدفايات الكهربائية قد عرفت بعد.
ومازلنا نذكر الهبة الباردة التي ضربت البحرين في منتصف الستينات من القرن الماضي، وكيف أن الأسماك قد نفقت في البحر ودخل الصبيان إلى عرض البحر ليجمعوا الأسماك الميّتة التي لم تتلف بعد بسبب شدة البرودة. وما زلت أذكر «البردي» الذي كان يتساقط على رؤوسنا ونفرح بجمعه من الشوارع والطرقات وأحواش المنازل لنأكله أو نمصّه قبل أن يذوب.. «ويا ويل اللي أبوه مسوي له قرعة».
وأجمل ما في الشتاء وبرده وزمهريره أن تكون مخيماً في البر، وأن تشتعل أعواد الحطب في وسط ساحة المخيم ويلتف الأهل في «برانيصهم» ومعاطفهم حول هذه النار طلباً للتدفئة. لكن الأجمل من ذلك أن تتساقط عليك الأمطار وأنت والأهل والأصدقاء في الخيام وتسمعون حبات المطر، وهي تقرع سقف الخيام ثم تسيل من أمامها، ثم ما تلبث الأرض بعد أيام أن تخضر وتعشوشب بإذن الله نتيجة لسقوط هذا المطر.
والحمد لله أن شتاءنا ليس كمثل ما يحدث في بعض الدول الأوروبية والأمريكية، حيث تتساقط عليهم الأمطار والثلوج بغزارة وتسد الطرقات وتشل الحياة ولا يستطيع الناس الخروج من منازلهم أياماً وفترات طويلة حتى تخف هذه الموجات الباردة، وتأتي الجرافات لتزيل أكوام الثلج التي أعاقت الحركة وغطت المنازل والسيارات وطرق السير المختلفة.
وأخيراً نقول إن الشتاء ببرده وأمطاره وثلوجه وصواعقه هي آيات من آيات الله سبحانه وتعالى. سبحانه.. سبحانه.. جل شأنه وعظم سلطانه وتنوعت وتكاثرت آياته.. وكما قال الشاعر:
وفي كل شيء له آية
تدل على أنه الواحد.