يمر العالم أجمع والبحرين على وجه الخصوص بأوضاع صعبة نتيجة ارتفاع الأسعار والغلاء المتزايد، وهناك محاولات جادة لتقليل الضرر على المجتمع البحريني ومواطنيه الكرام، وأعود من جديد لطرح فكرة «الوقف» أو Trust على متخذي القرار.

خلال زيارتي الأخيرة للمملكة العربية السعودية والتي تعتبر الأوقاف أحد الموارد المستدامة لتنمية المجتمع والتي تم تضمينها ضمن خطة المملكة العربية السعودية 2030، خلال هذه الزيارة شاهدت عدداً كبيراً من الأوقاف، استوقفني المرشد «بوخالد» أكثر من مرة وهو يشير إلى عدد من المجمعات التجارية ويقول لي هذه المجمعات هي وقف لصالح الجامعة الفلانية!! ويشير لي مرة أخرى على مجموعة من المكاتب التجارية وهو يقول لي هذا وقف لصالح دعم هذه الفئة أو تلك الفئة.

كتبت مراراً وتكراراً عن أهمية الوقف في دعم المجتمعات، وليس الدعم وحسب بل الاستدامة في تقديم الدعم، بل قمت بإعداد رسالة دكتوراه في هذا الشأن بغية الوصول إلى الابتكار في الوقف للحصول على موارد مستدامة لتنمية المجتمعات.

لا ينكر أحدنا أن استدامة التنمية في ظل وجود متغيرات عالمية ومحلية أمر صعب جداً، ومن عظمة ديننا الحنيف أن أوجد لنا مخارج كثيرة منها الزكاة، والصدقات والوقف، ولا ينكر أحدنا أيضاً أن الجهود والاتكال الكامل على الحكومة أمر مرهق جداً، ويجب على الجميع المساهمة سواء القطاع الخاص أو المجتمع المدني، فالتنمية واستدامتها تحتاج إلى عدد من الأذرع وليس إلى ذراع واحد.

رأيي المتواضع

أعود للسعودية مرة أخرى كمثال حي على التطبيق الفعال والمثالي لمفهوم الوقف في تنمية المجتمع، حيث أنشأت المملكة العربية السعودية منصة «وقفي»، هذه المنصة تسعى لتطبيق نظام التمويل الجماعي لصالح الأوقاف في مختلف المجالات مثل الوقف الصحي، والوقف التعليمي، والوقف الخيري. والقائمة تطول. بلغ عدد أجمالي المساهمات في المنصة حتى لحظة كتابة هذا المقال 198,137,329.

من منا لا يود أن يكون مساهماً في وقف ويكون ضمن من قال الله تعالى عنهم «من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له أضعافاً كثيرة»، من منا لا يريد أن يترك أثراً في هذه الحياة حتى بعد موته؟؟!!

أتمنى ممن يهمه الأمر الاطلاع على النظام الوقفي في المملكة العربية السعودية، والاجتماع بالقائمين على إدارة الأوقاف السعودية، والتعرف عن قرب على آليات التطبيق والنتائج المتحققة، وبدء تطبيقها في مملكة البحرين من أجل ضمان استدامة التنمية.