إذ نستقبل في هذه الأيام ذكرى الاستفتاء الكبير على ميثاق العمل الوطني الذي انطلق بناءً على توجيهات ورعاية حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، لينقل مملكة البحرين إلى عصرٍ جديد، فإننا اليوم نتلمس الآثار العظيمة لهذا المنجز الوطني الحضاري والديمقراطي الذي كان تعبيراً عن العمق التاريخي والأفق المستقبلي للمملكة تحت قيادة مُلهمة واستثنائية آلت على نفسها أن تتقدم بالبحرين على مختلف الأصعدة في مسيرة تنموية شاملة، يتنعم بظلالها وثمارها جميع المواطنين البحرينيين والمقيمين على ثرى هذا الوطن الطاهر.لقد كانت البحرين وبترجمةٍ أمينةٍ من قبلِ صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله ورعاه، من خلال لجنةِ تفعيلِ مبادئ ميثاق العمل الوطني سباقةً إلى التقدم في العمل الديمقراطي وإلى إقرار المشاركة الشعبية ضمن التقاليد الوطنية الراسخة، وكان لرؤية حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المعظم حفظه الله ورعاه بعيدة المدى وتفهمه العميق لمختلف التفاعلات المحلية والإقليمية والدولية أثر كبير في تبني ميثاق العمل الوطني كمنهاج عمل استطاع أن يوحد الجهود الوطنية لتنتظم كل طاقات البلاد وإمكانياته لخدمة المواطن البحريني. إننا لننظر للميثاق اليوم بوصفه أحد أهم الوثائق التي صُدرت على مستوى الوطن العربي بكل ما حمله من رؤى واقعية ومتوازنة، ذلك لأنه انطلق من الشعب وتقاليده وكانت غايته الشعب ومصالحه في فصلٍ جديدٍ من تاريخ البحرين المجيد وصفحةٍ مشرقةٍ أخرى من تاريخ آل خليفة الكرام الذين تمازجت فيهم الشجاعة والحكمة فاختطوا للبحرين الطريق ومضوا به في المسيرة الزاهرة، ليُعززوا من منعةِ مملكة البحرين وكفاءتها في مواجهةِ تحديات الحداثةِ والعصر الجديدِ وتحقيق مزيدٍ من التقدمِ والازدهار لها في شتى المجالات، وتعزيز مكانتها وتحقيق نهضةٍ تنمويةٍ شاملةٍ ومستقبلٍ أكثر إشراقاً بالمنجزات لأبناء هذا الوطن على الأصعدةِ كافة.إن أجيالاً من البحرينيين الذين عايشوا المسيرة المزدهرة التي دشنها حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المعظم حفظه الله ورعاه يدركون أن ميثاقهم الوطني مهد لدخول البحرين لعصر جديد من عصورها الزاهرة، ليكون مفتتحاً لمسيرة تنمويةٍ شاملةٍ متعددة المراحل ومكتملة الأركان. وإنني استذكر اليوم خروج المواطنين البحرينيين بإقبالٍ غير مسبوقٍ للتصويت على الميثاق الوطني، ملبين دعوة قائد المسيرة، وكم ستبقى هذه الصفحة الناصعة خالدةً في تاريخ مملكة البحرين ليتناقلها أبناؤه جيلاً فجيل. فالميثاق كان تأطيراً لتراثٍ وطنيٍ عظيمٍ وتطلعاً لمستقبلٍ يتسع لجميع أبناء البحرين ويمنحهم الحياة الكريمة والفرص الواعدة، ويتخطى في جوهره معناه الدستوري والقانوني، وعمقه الاجتماعي والاقتصادي ليكون ناظماً لحياة المواطن البحريني ومؤسساً لرؤيةٍ خاصةٍ للعالم تدفعه بعزيمةٍ وإصرارٍ إلى العمل من أجل رفعة الوطن ومنعته وتعزيز الأمن والاستقرار، ودعم مسيرة الإصلاح والتنمية والنهوض بالتعليم ورفع مكانةِ البحرين الدولية، علاوةً على تشجيع الريادةِ والابتكارِ والإصلاحاتِ الإداريةِ الشاملةِ وغيرها من المنجزات التي تتوالى في واقع مملكة البحرين وتتطلع وتلوح في غدها المشرق.* عضو مجلس الشورى