«أيام الرعب كاظمة أو الجابرية» قد يكون البرنامج الوثائقي الأول أو من القلّة التي تعرّضت فيها قناة «إم بي سي» للإرهاب الذي ترعاه إيران والموجّه لدول الخليج وتحديداً للكويت، فأكثر إنتاجها يتناول جماعات الإرهاب المحسوبة على السُّنة.
العمل حين عُرض قبل أيام كان عبارة عن مسلسل، لكن احتجاجات كويتية اعترضت عليه رضخت لها القناة فأوقفت العرض واختصرت المادة إلى برنامج وثائقي يكتفي بسرد الأحداث التي جرت في الثمانينات، وموجود البرنامج الآن على منصّة شاهد.
أهمية هذا العمل هو توعية جيل وُلِد في الثمانينات وما بعده، وأعمارهم الآن في الأربعين، ولم يشهدوا هذا الحدث رغم أن الكثير من شخوصه مازالوا أحياء، لكنّ أتباع التيارات الشيعية المتشدّدة والمقلِّدة لمراجع كخامنئي والشيرازي (لا علاقة بالشيعة ولا بآل البيت بتلك التيارات، فذلك تعميم لا ندعو له بل هو تخصيص محدّد يشير بدقة لأتباع مراجع تبنّوا وشجّعوا على الإرهاب بحجّة تصدير الثورة) نجحوا في محو تلك الأحداث من الذاكرة الأرشيفية للشعوب الخليجية والكويتية تحديداً، بل إن جُرأتهم في الاعتماد على نسيان تلك الأحداث دفعتهم لتأبين الإرهابي عماد مغنية الذي قتل الشهداء الكويتيين في حادثة الجابرية، وتأبينه بعد وفاته على أرض الكويت!!
من الضروري مُشاهدة العمل لأنه يُظهر الوحشية والعنف الذي تتّسم به تلك التيارات، وكيف نجحت في تحويل عرب إلى أعداء لأشقائهم منذ السنوات الأولى للثورة التي قامت عام 1979 وحدثت هذه الأحداث بعدها بسنوات.
البداية عام 1983، قامت مجموعة من 17 شخصاً منتمين لحزب الدعوة الإسلامي بسبعة تفجيرات في سبع منشآت كويتية، منها سفارتان ومجمع بتروكيماويات وبرج مراقبة في المطار ومحطّات كهرباء، تمّ القبض على المجموعة وحوكموا، المفارقة أن من هؤلاء السبعة عشر إرهابياً أصبح بعضهم قادة للحشد الشعبي كـ «أبومهدي المهندس» الذي لقي حتفه مع قاسم سليماني.
من أجل هؤلاء السبعة عشر اختطفت إيران طائرتين بركّابها وهدّدت بقتلهم إن لم يُفرج عن خدمها وعملائها الذين قاموا بالتفجيرات التي راح ضحيتها ستة أشخاص.
الطائرة الأولى في ديسمبر من عام 1984 واسمها كاظمة، والبرنامج يستضيف بعضاً من ركّابها وطاقمها ليحكوا أيام الرعب التي عاشوها، وكيف قام الخاطفون بقتل أحد الرّكاب وفتح باب الطائرة وإلقائه منها بمشهد اقشعرت له الأبدان، وكيف نقلت إيران أسلحة للخاطفين حين حطّت الطائرة بمطار مشهد، وكيف كانت مسرحية واضحة ومضحكة لعملية اقتحام الطائرة وإطلاق سراح الرّكاب بعد أن فشلت المُهمّة لنفي التُهمة عن إيران.
الطائرة الثانية هي الجابرية عام 1988، وكانت المطالب نفسها وهي الإفراج عن السبعة عشر محكوماً، وقام الخاطفون بقتل شابين كويتيين لا ذنب لهما إلا لكونهما يحملان الجنسية الكويتية ورمي جثمانيهما من الطائرة، وكانت مشاهد جنازتهما تُدمي القلب، ومن المفروض أن يشاهدها كلّ مواليد ما بعد الثمانينات.
الخاطفون عرب خونة قبلوا أن يكونوا خَدَماً لدولة أجنبية، والتخطيط والقيادة والسلاح إيراني، المضحك أنهم كانوا يُطلقون على أنفسهم «المؤمنون» وأنهم يخشعون أمام مراجعهم الدينية ويقومون بعملهم الإجرامي هذا تلبية لنداء ديني، إنما حين يحين الليل وحين كانت الطائرة في قبرص كانوا يسهرون آخر الليل على سماع أم كلثوم وشرب زجاجات الويسكي التي طلبوها من المطار! ثم يطلقون سراح الركاب الشيعة ويبقون على الركاب السنة!!
البرنامج من أربع حلقات بإمكانكم متابعته، جيلنا شهد تلك الأحداث وتابعناها لحظة بلحظة حتى تم الإفراج عن الرّكاب، والإرهاب لم يتوقف في الكويت ما بين 1984 و1988، فهناك التفجير الذي أراد به حزب الله اغتيال الأمير جابر رحمه الله، وقد نجّاه الله بمعجزة، وراح ضحيّة التفجير بعض من الحرس الأميري والمارّة في الطريق، وفجّروا مقاهي شعبية وفجّروا أنابيب بترول، الأهم أن هذا الإرهاب ونفس التيار استمر حتى يومنا هذا، وآخره كان خليّة العبدلي التي عثرت فيها السّلطات الأمنية الكويتية على كميّة من المتفجّرات تكفي لدمار شامل.
هذا الإجرام والإرهاب الذي مورس في حقّ الشعب الكويتي قام به أشخاص أصبح لهم موضع تقدير من بعض النواب في مجلس الأمة الذين يفترض أنهم كويتيون!!
شكراً لـ «إم بي سي»، شكراً لمنصة شاهد التي أنتجت هذا البرنامج الوثائقي، ولو أننا كنا نتمنّى ألا ترضخ للضغوط بإزالة المسلسل برمّته وتكتفي بقطع المشاهد الخاصة بأمير الكويت وولي عهده، فلهما كل التقدير والاحترام، ولهما معزّة خاصة عند أهل الخليج كلّهم، ولا نقبل أن يُستهان بمكانتهما أبداً، إنما العمل الدرامي دائماً له وَقْعٌ أكبر على الأجيال الحالية من البرامج الوثائقية، إنما تفاصيل الحادثتين في البرنامج الوثائقي أتت على لسان أصحابها، وهي تفاصيل يجب أن يَعِيَها ويتذكرَها ويُبقيَها كلُّ عربي وكلُّ خليجي وكلُّ كويتي في ذاكرته.. حفظ الله شعب الكويت الحبيب وحفظ الله أميرها وولي عهدها من كلّ مكروه.
ختاماً..بعد هذا المقال ستستنفر حشرات حزب الله في وسائل التواصل الاجتماعي لممارسة دورها القذر، يظنّون أن هذا الأسلوب الذي لم ينفع معنا طوال ثلاثين عاماً ممكن أن ينفع الآن.
أنصح بمشاهدة البرنامج وبقوة.
{{ article.visit_count }}
العمل حين عُرض قبل أيام كان عبارة عن مسلسل، لكن احتجاجات كويتية اعترضت عليه رضخت لها القناة فأوقفت العرض واختصرت المادة إلى برنامج وثائقي يكتفي بسرد الأحداث التي جرت في الثمانينات، وموجود البرنامج الآن على منصّة شاهد.
أهمية هذا العمل هو توعية جيل وُلِد في الثمانينات وما بعده، وأعمارهم الآن في الأربعين، ولم يشهدوا هذا الحدث رغم أن الكثير من شخوصه مازالوا أحياء، لكنّ أتباع التيارات الشيعية المتشدّدة والمقلِّدة لمراجع كخامنئي والشيرازي (لا علاقة بالشيعة ولا بآل البيت بتلك التيارات، فذلك تعميم لا ندعو له بل هو تخصيص محدّد يشير بدقة لأتباع مراجع تبنّوا وشجّعوا على الإرهاب بحجّة تصدير الثورة) نجحوا في محو تلك الأحداث من الذاكرة الأرشيفية للشعوب الخليجية والكويتية تحديداً، بل إن جُرأتهم في الاعتماد على نسيان تلك الأحداث دفعتهم لتأبين الإرهابي عماد مغنية الذي قتل الشهداء الكويتيين في حادثة الجابرية، وتأبينه بعد وفاته على أرض الكويت!!
من الضروري مُشاهدة العمل لأنه يُظهر الوحشية والعنف الذي تتّسم به تلك التيارات، وكيف نجحت في تحويل عرب إلى أعداء لأشقائهم منذ السنوات الأولى للثورة التي قامت عام 1979 وحدثت هذه الأحداث بعدها بسنوات.
البداية عام 1983، قامت مجموعة من 17 شخصاً منتمين لحزب الدعوة الإسلامي بسبعة تفجيرات في سبع منشآت كويتية، منها سفارتان ومجمع بتروكيماويات وبرج مراقبة في المطار ومحطّات كهرباء، تمّ القبض على المجموعة وحوكموا، المفارقة أن من هؤلاء السبعة عشر إرهابياً أصبح بعضهم قادة للحشد الشعبي كـ «أبومهدي المهندس» الذي لقي حتفه مع قاسم سليماني.
من أجل هؤلاء السبعة عشر اختطفت إيران طائرتين بركّابها وهدّدت بقتلهم إن لم يُفرج عن خدمها وعملائها الذين قاموا بالتفجيرات التي راح ضحيتها ستة أشخاص.
الطائرة الأولى في ديسمبر من عام 1984 واسمها كاظمة، والبرنامج يستضيف بعضاً من ركّابها وطاقمها ليحكوا أيام الرعب التي عاشوها، وكيف قام الخاطفون بقتل أحد الرّكاب وفتح باب الطائرة وإلقائه منها بمشهد اقشعرت له الأبدان، وكيف نقلت إيران أسلحة للخاطفين حين حطّت الطائرة بمطار مشهد، وكيف كانت مسرحية واضحة ومضحكة لعملية اقتحام الطائرة وإطلاق سراح الرّكاب بعد أن فشلت المُهمّة لنفي التُهمة عن إيران.
الطائرة الثانية هي الجابرية عام 1988، وكانت المطالب نفسها وهي الإفراج عن السبعة عشر محكوماً، وقام الخاطفون بقتل شابين كويتيين لا ذنب لهما إلا لكونهما يحملان الجنسية الكويتية ورمي جثمانيهما من الطائرة، وكانت مشاهد جنازتهما تُدمي القلب، ومن المفروض أن يشاهدها كلّ مواليد ما بعد الثمانينات.
الخاطفون عرب خونة قبلوا أن يكونوا خَدَماً لدولة أجنبية، والتخطيط والقيادة والسلاح إيراني، المضحك أنهم كانوا يُطلقون على أنفسهم «المؤمنون» وأنهم يخشعون أمام مراجعهم الدينية ويقومون بعملهم الإجرامي هذا تلبية لنداء ديني، إنما حين يحين الليل وحين كانت الطائرة في قبرص كانوا يسهرون آخر الليل على سماع أم كلثوم وشرب زجاجات الويسكي التي طلبوها من المطار! ثم يطلقون سراح الركاب الشيعة ويبقون على الركاب السنة!!
البرنامج من أربع حلقات بإمكانكم متابعته، جيلنا شهد تلك الأحداث وتابعناها لحظة بلحظة حتى تم الإفراج عن الرّكاب، والإرهاب لم يتوقف في الكويت ما بين 1984 و1988، فهناك التفجير الذي أراد به حزب الله اغتيال الأمير جابر رحمه الله، وقد نجّاه الله بمعجزة، وراح ضحيّة التفجير بعض من الحرس الأميري والمارّة في الطريق، وفجّروا مقاهي شعبية وفجّروا أنابيب بترول، الأهم أن هذا الإرهاب ونفس التيار استمر حتى يومنا هذا، وآخره كان خليّة العبدلي التي عثرت فيها السّلطات الأمنية الكويتية على كميّة من المتفجّرات تكفي لدمار شامل.
هذا الإجرام والإرهاب الذي مورس في حقّ الشعب الكويتي قام به أشخاص أصبح لهم موضع تقدير من بعض النواب في مجلس الأمة الذين يفترض أنهم كويتيون!!
شكراً لـ «إم بي سي»، شكراً لمنصة شاهد التي أنتجت هذا البرنامج الوثائقي، ولو أننا كنا نتمنّى ألا ترضخ للضغوط بإزالة المسلسل برمّته وتكتفي بقطع المشاهد الخاصة بأمير الكويت وولي عهده، فلهما كل التقدير والاحترام، ولهما معزّة خاصة عند أهل الخليج كلّهم، ولا نقبل أن يُستهان بمكانتهما أبداً، إنما العمل الدرامي دائماً له وَقْعٌ أكبر على الأجيال الحالية من البرامج الوثائقية، إنما تفاصيل الحادثتين في البرنامج الوثائقي أتت على لسان أصحابها، وهي تفاصيل يجب أن يَعِيَها ويتذكرَها ويُبقيَها كلُّ عربي وكلُّ خليجي وكلُّ كويتي في ذاكرته.. حفظ الله شعب الكويت الحبيب وحفظ الله أميرها وولي عهدها من كلّ مكروه.
ختاماً..بعد هذا المقال ستستنفر حشرات حزب الله في وسائل التواصل الاجتماعي لممارسة دورها القذر، يظنّون أن هذا الأسلوب الذي لم ينفع معنا طوال ثلاثين عاماً ممكن أن ينفع الآن.
أنصح بمشاهدة البرنامج وبقوة.