ها قد انتهت مملكة البحرين من استضافة اجتماعات اتحاد البرلمانات الدولي، وتبخّرت معها أحلام «عوير وزوير» في أن تكون هناك فرصة لإحياء سرابهم وأوهامهم وتحريك بعض ممن لم يتعلّموا الدرس من رفاقهم هنا، كي يُخيّبوا خيبتهم ويكرِّروا أخطاءهم.
نتمنّى أن نتعلمّ نحن الدرس الآن ونخرج «نفسياً» من هذه الدوامة، فما ينتابُنا من حذر شديد مطلوبٌ إلى الحدّ الذي دون أن يجبرنا على الاستنفار والاستعداد لمواجهات دولية.
بمعنى أن الحذر لا يتجاوز مراقبة فلول «عوير وزوير» فقط الباقين هنا، من أنهم سيحاولون افتعال مشكلة وزوبعة فنجانية وتضخيمها إعلامياً أثناء أي حضور دولي في البحرين، هذا هو حدُّهم فقط، أما موقف مملكة البحرين دولياً أصبح الآن في وضع مُريح لعدّة أسباب.
أولها، العالم ليس فاضياً لبعض الفلول التابعة للحرس الثوري الإيراني هنا أو هناك في أيّ دولة خليجية.
ثانياً؛ العالم مشغول الآن بصراعات بين قوى عظمى خطرة أكبر من منطقتنا كلِّها.
ثالثاً؛ الغرب الذي دعم هذه المجموعات أصبح في حاجة لدول الخليج أكثر من حاجته لإيران.
رابعاً؛ مملكة البحرين نشطت دبلوماسياً لتلبية احتياجات المجتمعات الدولية ومراجعة تقاريرها رغم أنها بحاجة لبذل المزيد، إنما وضعُها في المحافل الدولية اختلف تماماً عمّا كانت عليه قبل عشر سنوات.
خامساً؛ المستجدات أسرع بكثير من حركة من يقف وراء هذه الفلول، منها فضائح الاتحاد الأوروبي، ومنها الاتفاقية السعودية الإيرانية.
سادساً؛ وهذا مهم جداً، عدد الفلول في تناقص ملحوظ، فثورةُ الشعب الإيراني ومراجعةُ العراقيين الجنوبيين لمسألة تبعيتهم لإيران، وشكاوى لبنانيي الضاحية من زعيم البلطجية الإيرانية هناك، كلها أفاقت نسبة كبيرة من غيبوبتها التي كانت فيها والتي خلقها خطاب خامنئي بأنهم سيأكلون الشهد على يديه.
سابعاً وأخيراً؛ هنا في داخل البحرين عدد المنضوين تحت راية الوطن أصبح يتّسع لتلك الفلول، منها من خرج مستفيداً من العقوبات البديلة، ومنها من حصل على عمل، ومنها من يريد أن يُكمِل تعليمه، فالعديد منهم يتعامل الآن بواقعية أكثر من أحلام طوباوية.
كلّ ما سبق وأكثر من ذلك من أسباب تجعلنا نسترخي نفسياً في حال وجود أي تجمّع دولي في مملكة البحرين أياً كانت صفته، ومهما جرت فيه من مشاغبات كما قام بها الوفد الدنماركي في الاجتماع، فإنه يبقى هادئاً مطمئناً ونتركه يسير وينتهي. فمن تحدث منهم كانت عينه على أحزاب وجماعات محليّة هناك سيعود لهم ليقول إبراء للذمة «يالله فتحنا الموضوع وذكرنا الاسم»، والحقيقة أنهم بعد ذلك تعشوا تكة وكباب ولفوه بالخبز والبقل والبصل وعصروا عليه الليمون، ثم تمشوا فرحين بالطقس الجميل ومنبهرين بالبحرين التي يزورنها لأول مرّة.
لذا، فلنتوقف عن حالة الاستنفار الزائد عن اللزوم ولنسترخِ ونترك المعالجة الأمنية، وهي على قدر المسؤولية، وأن تنتبه لفلول «عوير وزوير» من القيام بأفعال صبيانية تخالف بها القانون والنظام من أجل لفت الانتباه.
أما قصة العنوان فهي مقولة معروفة لأبي حنيفة والإسقاط الذي نقصده في أن أبي حنيفة يمثل مملكة البحرين والشيخ الوقور يمثل اتحاد البرلمانات الدولي.
فقد كان العالم الجليل أبو حنيفة يجلس مع تلامذته في المسجد. وكان يمد رجليه بسبب آلام مزمنه في الركبة. وكان قد استأذن طلابه أن يمد رجليه لأجل ذاك العذر. وبينما هو يعطي الدرس، جاء إلى المجلس رجل عليه أمارات الوقار والحشمة. فقد كان يلبس ملابس بيضاء نظيفة، ذا لحية كثّة عظيمة، فجلس بين تلامذة الإمام. فما كان من أبي حنيفة إلّا أن عَقص رجليه إلى الخلف ثم طواهما وتربّع تَربّع الأديب الجليل أمام ذلك الشيخ الوقور وقد كان يعطي درساً عن دخول وقت صلاة الفجر. وكان التلامذة يكتبون ما يقوله الإمام، وكان الشيخ الوقور، ضيف الحلقة، يراقبهم وينظر إليهم. فقال الضيف لأبي حنيفة من دون سابق استئذان: «يا أبا حنيفة إني سائلك فأجبني». فشعر أبو حنيفة أنه أمام مسؤول ربّاني ذي علم واسع واطلاع عظيم فقال له: «تفضل واسأل».
فقال الرجل: «أجبني إن كنت عالماً يُتَّكل عليه في الفتوى، متى يفطر الصائم؟». ظنّ أبو حنيفة أن السؤال فيه مكيدة معينة أو نكتة عميقة لا يدركها علمه. فأجابه على حذر: «يفطر إذا غربت الشمس».
فقال الرجل ووجهه ينطق بالجدِّ والحزم والعجلة، وكأنه وجد على أبي حنيفة حجة بالغة وممسكاً محرجاً: «وإذا لم تغرب شمس ذلك اليوم يا أبا حنيفة فمتى يفطر الصائم؟!».
بعد أن تكشّف الأمر وظهر ما في الصدور وبان ما وراء اللباس الوقور، قال أبو حنيفة قولته المشهورة التي ذهبت مثلاً وقد كُتِبَتْ في طيّات مجلدات السِّيَر بماء الذهب: «آنَ لأبي حنيفة أن يمد رجليه».
نتمنّى أن نتعلمّ نحن الدرس الآن ونخرج «نفسياً» من هذه الدوامة، فما ينتابُنا من حذر شديد مطلوبٌ إلى الحدّ الذي دون أن يجبرنا على الاستنفار والاستعداد لمواجهات دولية.
بمعنى أن الحذر لا يتجاوز مراقبة فلول «عوير وزوير» فقط الباقين هنا، من أنهم سيحاولون افتعال مشكلة وزوبعة فنجانية وتضخيمها إعلامياً أثناء أي حضور دولي في البحرين، هذا هو حدُّهم فقط، أما موقف مملكة البحرين دولياً أصبح الآن في وضع مُريح لعدّة أسباب.
أولها، العالم ليس فاضياً لبعض الفلول التابعة للحرس الثوري الإيراني هنا أو هناك في أيّ دولة خليجية.
ثانياً؛ العالم مشغول الآن بصراعات بين قوى عظمى خطرة أكبر من منطقتنا كلِّها.
ثالثاً؛ الغرب الذي دعم هذه المجموعات أصبح في حاجة لدول الخليج أكثر من حاجته لإيران.
رابعاً؛ مملكة البحرين نشطت دبلوماسياً لتلبية احتياجات المجتمعات الدولية ومراجعة تقاريرها رغم أنها بحاجة لبذل المزيد، إنما وضعُها في المحافل الدولية اختلف تماماً عمّا كانت عليه قبل عشر سنوات.
خامساً؛ المستجدات أسرع بكثير من حركة من يقف وراء هذه الفلول، منها فضائح الاتحاد الأوروبي، ومنها الاتفاقية السعودية الإيرانية.
سادساً؛ وهذا مهم جداً، عدد الفلول في تناقص ملحوظ، فثورةُ الشعب الإيراني ومراجعةُ العراقيين الجنوبيين لمسألة تبعيتهم لإيران، وشكاوى لبنانيي الضاحية من زعيم البلطجية الإيرانية هناك، كلها أفاقت نسبة كبيرة من غيبوبتها التي كانت فيها والتي خلقها خطاب خامنئي بأنهم سيأكلون الشهد على يديه.
سابعاً وأخيراً؛ هنا في داخل البحرين عدد المنضوين تحت راية الوطن أصبح يتّسع لتلك الفلول، منها من خرج مستفيداً من العقوبات البديلة، ومنها من حصل على عمل، ومنها من يريد أن يُكمِل تعليمه، فالعديد منهم يتعامل الآن بواقعية أكثر من أحلام طوباوية.
كلّ ما سبق وأكثر من ذلك من أسباب تجعلنا نسترخي نفسياً في حال وجود أي تجمّع دولي في مملكة البحرين أياً كانت صفته، ومهما جرت فيه من مشاغبات كما قام بها الوفد الدنماركي في الاجتماع، فإنه يبقى هادئاً مطمئناً ونتركه يسير وينتهي. فمن تحدث منهم كانت عينه على أحزاب وجماعات محليّة هناك سيعود لهم ليقول إبراء للذمة «يالله فتحنا الموضوع وذكرنا الاسم»، والحقيقة أنهم بعد ذلك تعشوا تكة وكباب ولفوه بالخبز والبقل والبصل وعصروا عليه الليمون، ثم تمشوا فرحين بالطقس الجميل ومنبهرين بالبحرين التي يزورنها لأول مرّة.
لذا، فلنتوقف عن حالة الاستنفار الزائد عن اللزوم ولنسترخِ ونترك المعالجة الأمنية، وهي على قدر المسؤولية، وأن تنتبه لفلول «عوير وزوير» من القيام بأفعال صبيانية تخالف بها القانون والنظام من أجل لفت الانتباه.
أما قصة العنوان فهي مقولة معروفة لأبي حنيفة والإسقاط الذي نقصده في أن أبي حنيفة يمثل مملكة البحرين والشيخ الوقور يمثل اتحاد البرلمانات الدولي.
فقد كان العالم الجليل أبو حنيفة يجلس مع تلامذته في المسجد. وكان يمد رجليه بسبب آلام مزمنه في الركبة. وكان قد استأذن طلابه أن يمد رجليه لأجل ذاك العذر. وبينما هو يعطي الدرس، جاء إلى المجلس رجل عليه أمارات الوقار والحشمة. فقد كان يلبس ملابس بيضاء نظيفة، ذا لحية كثّة عظيمة، فجلس بين تلامذة الإمام. فما كان من أبي حنيفة إلّا أن عَقص رجليه إلى الخلف ثم طواهما وتربّع تَربّع الأديب الجليل أمام ذلك الشيخ الوقور وقد كان يعطي درساً عن دخول وقت صلاة الفجر. وكان التلامذة يكتبون ما يقوله الإمام، وكان الشيخ الوقور، ضيف الحلقة، يراقبهم وينظر إليهم. فقال الضيف لأبي حنيفة من دون سابق استئذان: «يا أبا حنيفة إني سائلك فأجبني». فشعر أبو حنيفة أنه أمام مسؤول ربّاني ذي علم واسع واطلاع عظيم فقال له: «تفضل واسأل».
فقال الرجل: «أجبني إن كنت عالماً يُتَّكل عليه في الفتوى، متى يفطر الصائم؟». ظنّ أبو حنيفة أن السؤال فيه مكيدة معينة أو نكتة عميقة لا يدركها علمه. فأجابه على حذر: «يفطر إذا غربت الشمس».
فقال الرجل ووجهه ينطق بالجدِّ والحزم والعجلة، وكأنه وجد على أبي حنيفة حجة بالغة وممسكاً محرجاً: «وإذا لم تغرب شمس ذلك اليوم يا أبا حنيفة فمتى يفطر الصائم؟!».
بعد أن تكشّف الأمر وظهر ما في الصدور وبان ما وراء اللباس الوقور، قال أبو حنيفة قولته المشهورة التي ذهبت مثلاً وقد كُتِبَتْ في طيّات مجلدات السِّيَر بماء الذهب: «آنَ لأبي حنيفة أن يمد رجليه».