يعتبر شهر رمضان المبارك، من الشهور الفضيلة والمهمة عند كافة المسلمين، إذ فيه من الدروس والعبر والمواعظ ما لا يعدُّ ولا يُحصى. فهو محطة تأمّل لعيوب الذات من أجل تعديلها، وهو فرصة ذهبية كذلك لتصحيح الكثير من ممارساتنا الاستهلاكية والسلوكية الخاطئة.

في هذه الأسطر، سنحاول التركيز على بعض الممارسات الرمضانية السلبية حتى نتجاوزها، ومناقشة الكثير من الظواهر الإيجابية لأجل تطويرها والاستمرار فيها.

إن من أبرز العادات السلبية والسيئة في شهر رمضان، هو الهدر. هدر الطعام، وهدر الوقت، وهدر الصحة، وهدر الطاقة الإيجابية. اليوم، هناك بعض الظواهر الرجعية مازلنا نمارسها كسلوكيات منحرفة في شهر رمضان، كالإسراف في تحضير الأطعمة، وشراء ما لا نأكله أو نشربه، لتكون الحاويات هي مآله الأخير، في مشهد غير حضاري على الإطلاق، وما يتبع ذلك من ابتكارات «الغبقات الرمضانية» التي قد تكلّف بعض الجهات مئات الآلاف من الدنانير، تكون لساعات قليلة فقط، بينما يمكننا تقنين هذه العادة الجميلة بوضع الحدود المعقولة لمثل هذه المناسبات الاجتماعية الرائعة كي لا يفسدها البذخ والإسراف. كذلك فنحن نهدر الكثير من الوقت والساعات في النوم واللعب ومشاهدة بعض البرامج التلفزيونية غير الهادفة لفترات طويلة جداً. وعليه، فنحن بالسلبيتين الماضيتين، فإننا نهدر صحتنا بنظام غذائي خاطئ، كما نهدر طاقاتنا على الفراغ غير المحسوب. وهذا ما يجب تصحيحه بشكل فوري، لنضمن الفوائد الحقيقية للشهر الفضيل.

أمَّا حين نتحدث عن الإيجابيات التي يمارسها الناس في رمضان البحرين، فهي كثيرة جداً. لعل من أبرزها، هو أوجه صرف المعونات على الفقراء والمحتاجين بالشكل الصحيح، وكذلك مشاريع «إفطار صائم»، والتي تذهب لمستحقيها من الطبقات الضعيفة داخل المجتمع، وهذا يعتبر نقلة نوعية في وعي الناس.

إن من أبرز الممارسات الإيجابية كذلك في الشهر الفضيل، هو فتح المجالس الرمضانية، والتزاور والتراحم بين أبناء المجتمع الواحد، وإسقاط كافة الحواجز الطبقية بينهم، فلا فقير ولا غني في هذا الاتجاه، إذ يحق للجميع أن يدخلوا المجالس الرمضانية بكل أريحية، مما يعزز مفهوم اللحمة الاجتماعية والوطنية في وعي الناس وفي ذاكرتهم الجمعية. كما أن هذه الزيارات توطّد أجمل العلاقات بين أبناء المجتمع، وتزيد من صلابة صلة الأرحام، ومن جرعات الإحساس بالفقراء وهموم الطبقات الضعيفة فيه، لتعطينا إحساساً جميلاً بأن المجتمع البحريني «غير».

أيضاً، لا يمكن لنا أن نتغافل عن بعض المجهودات الإعلامية الطيبة التي تقدم الكثير من المحتويات المفيدة والمُنتِجة في الشهر الكريم، كالبرامج الجميلة التي يتبناها «تلفزيون البحرين»، والتي تعزز من مفاهيم الحب والرحمة والإنسانية، والإحساس بالمسؤولية المجتمعية.

رمضان مبارك. أعاده الله علينا ونحن في مملكة البحرين، بأمن وأمان، وصحة، وسلام، وحب، وأخوّة، وعز واعتزاز، وشرف، وفخر، ورحمة، وإنسانية.