تستمد العلاقات العُمانية المصرية متانتها من عمق التاريخ الذي وثّقته الأدلة والوثائق والبراهين منذ أكثر من 3500 سنة قبل الميلاد، واليوم تشهد هذه العلاقات تطوراً مشهوداً في مختلف المجالات والمستويات.فسلطنة عمان وجمهورية مصر العربية يحثان الخطى من خلال زيارة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم وبالمباحثات التي سيُجريها «حفظه الله ورعاه» مع أخيه فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية في القاهرة نحو توثيق هذه العلاقات الطيبة والتاريخية واستمرارها لتكون أنموذجاً للعلاقات بين الدول.وهذه الزيارة التي تعد الأولى لجلالة السلطان هيثم للقاهرة بعد توليه مقاليد الحكم تكتسب أهمية سياسية واقتصادية كونها تأتي بعد القمة العربية التي استضافتها المملكة العربية السعودية وما تمخضت عنه من قرارات وأبعاد ذات أهمية بالغة في العلاقات العربية الثنائية الطيبة من جهة، وما تمر به المنطقة والعالم من أحداث تتطلب من قيادتي البلدين مناقشتها بكل وضوح وشفافية.لذا فإن الزيارة ستكون فرصة تاريخية لتبادل وجهات النظر على أعلى المستويات بين قيادتي البلدين، فما يجمع ما بين سلطنة عمان وجمهورية مصر العربية من علاقات طيبة ووثيقة وتاريخية، يجعلنا نتفاءل بأن المحادثات بين جلالة السلطان المعظم وفخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي ستضيف لبنة أخرى إلى صرح هذه العلاقات القوية، حيث يحرص البلدان على تمتين عرى هذه الصداقة بما يلبي تطلعاتهما المشتركة في مختلف المجالات.فالعلاقات العمانية المصرية متطورة باستمرار، وتتسم بالتطور الملحوظ على كل الأصعدة فعلى الصعيد السياسي تجمع البلدين رؤى مشتركة حيال العديد من الملفات والقضايا على الساحتين الإقليمية والدولية، وعلى الصعيد الاقتصادي، يتطلع البلدان لزيادة التبادل التجاري والاستثماري وتوقيع العديد من الاتفاقيات والمذكرات خلال هذه الزيارة الميمونة بما يخدم المصالح والأهداف والتطلعات المشتركة للشعبين والبلدين الشقيقين.وخلال الخمسين عاماً الماضية استطاعت الدبلوماسية العمانية والمصرية تحقيق الكثير من الإنجازات والمكاسب، وذلك بتعاطيها العقلاني مع القضايا والأزمات من خلاله فهمها للواقع المعاصر لأحداث المنطقة والعالم، فالدبلوماسية العمانية تميزت بالحكمة والاتزان والسياسة المعتدلة، واليوم تسهم هذه السياسة في تقريب وجهات النظر بين الدول خاصة بين مصر وإيران، لاحتواء الخلاف فيما بينهما وفتح قنوات الحوار المباشر للنهوض بالعلاقات بين البلدين الصديقين والارتقاء بها.فكلنا يعلم أن القمة العُمانية المصرية، تأتي وسط ظروف شائكة تمر بها المنطقة، تتطلب من البلدين التدخل بحكمة للإسهام في حل القضايا المطروحة على الساحة، وفق مبدأ الاحترام المتبادل والنظر للأمور من منظور عربي وقومي لتجاوز الأزمات وحلها بالطرق السلمية وبالحوار الهادف البناء.كما تسعى مسقط والقاهرة الشقيقتان وقد احتفلتا العام الماضي بمرور 50 سنة على العلاقات الدبلوماسية بينهما لتقوية العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بينهما بما يخدم المصالح المشتركة ورفع حجم التبادل التجاري بينهما. لذا يتوقع أن تُركز زيارة جلالة السلطان المعظم لمصر على الشقّ الاقتصادي والاستثماري وتطويرها في المجالات كافة.وستبقى العلاقات بين مسقط والقاهرة راقية ومتميزة مهما كانت الأوضاع السياسية المجاورة، فزيارة جلالة السلطان المعظم لجمهورية مصر العربية ترجمة حقيقية لمتانة هذه العلاقات الثنائية الوثيقة، وتتويج للعديد من اللقاءات والاتصالات بين قادة البلدين الشقيقين.* كاتب ومحلل سياسي