للأمانة العلمية، فإن عنوان هذا المقال القصير مأخوذ من كتاب أجنبي من تأليف أحد الأطباء وهو منشور في العام 1946. إن الإسقاط التربوي هو أن كل طفل لدينا هو عبارة عن بذرة واعدة، بذرة تنتظر الاهتمام بها لتكون شجرة يانعة مثمرة. لقد علمتنا الحياة أن بعض البذور تبقى في الأرض ولا تنمو، وأخرى تنمو بلا ثمر، في حين أن البعض الآخر يكاد ثمره لا ينضب. بالتأكيد نحن نريد البذرة الأخيرة، كأولياء أمور، ومربين، وتربويين، وكمجتمع يعول على الطاقات الشابة الواعدة وهو الأمر الذي دائماً ما يؤكده قادتنا حفظهم الله في جميع خطاباتهم.
بالتأكيد، فإن البذور ليست كلها بنفس الجودة، ولكن دورنا كتربويين هو الاهتمام بها بغض النظر عن جودتها لأن كل بذرة «طفل» إذا ما أُعطي الاهتمام الأقصى، فإن ذلك سوف ينعكس على المجتمع بأسره. إن هذا هو أحد أهداف التربية، إبراز الطاقات الكامنة لدى أبنائنا وبناتنا. هذا يذكرني بما كتبه البروفيسور مارك رنكو أحد علماء الإبداع عندما ألف مقالاً بعنوان «كل فرد لديه الإمكانية الإبداعية». الإمكانية هي البذرة التي تنتظر توفير أفضل تربة، وهي البيئة التي تساعدها للوصول للإنتاجية الإبداعية. قد تستغرق بعض البذور 20 سنة للوصول للإنتاجية الإبداعية، بينما قد يحتاج البعض الآخر لمدة أقل أو أكثر. تذكّر / تذكّري أن أعظم أعمال ألبرت آينشتاين «النظرية النسبية» قام بتأليفها عندما كان في العشرينات من عمره، بينما أعظم إنجازات إسحاق نيوتن «الجاذبية» ظهرت عندما كان في الأربعينات من عمره. على الرغم من أن الكاتب متخصص في الإبداع والموهبة، إلا أن الاهتمام بالبذور الواعدة يجب أن يشمل الكل الطلبة الموهوبين وأقرانهم غير الموهوبين لتتحقق الاستفادة القصوى للمجتمع بأسره. إن تعبير «البذرة» يعني الاهتمام منذ الطفولة، حتى قبل الدخول للمدرسة، إنها تبدأ من البيئة الأسرية التي تعزز الخيال لدى الطفل، وتجيب عن استفساراته غير المنطقية في كثير من الأحيان، وتطلعه على الخبرات المتنوعة لاكتشاف نقاط قوته أو ما نطلق عليه -نحن التربويين- «الشغف». تخيل لو أن كلاً منا عمل في المجال الذي يحبه «يجد الشغف فيه»، كيف سينعكس ذلك على المجتمع وإنتاجيته؟ بلاشك، فإن دور المدرسة في توفير التربة الخصبة لبذورنا الواعدة لا يجب إغفاله، خاصة في مجال تنمية مهارات التفكير العليا، كالتفكير الناقد والتفكير التحليلي والإبداعي وحل المشكلات، إضافة إلى دور المؤسسات التربوية في غرس القيم المثلى كحب العلم، والانتماء للوطن، والأمانة، والتسامح، إلى غيرها من القيم الأخرى التي يحتاج إليها أي مجتمع. إن المجتمعات لا تتقدم بالمعرفة فقط، ولو كانت المعرفة كافية لِتقدم الأمم، لما كانت هنالك فروق بين الدول خاصة في الوقت الحالي الذي يتشارك فيه الطلبة مناهج عالمية متقاربة من ناحية المحتوى. إن تقدم الأمم يقوم من خلال ثلاثة أركان هي المعرفة المتقدمة، ومهارات التفكير العليا، ونظام القيم.
خلاصة هذا المقال القصير هو أهمية «وضرورة» الاهتمام بالبذرة، وعدم الانتظار حتى تنمو هذه البذرة، لأن ذلك سوف يوفر علينا الكثير من الوقت والجهد، والأهم أن ذلك سوف يؤدي لنتائج أفضل تعود على مجتمعاتنا بالخير والرفاه في ظل عالم يعول على الاقتصاد القائم على المعرفة، أو إن شئت فهو عالم قائم على الإبداع والمبدعين.
* رئيس قسم تربية الموهوبين - جامعة الخليج العربي
بالتأكيد، فإن البذور ليست كلها بنفس الجودة، ولكن دورنا كتربويين هو الاهتمام بها بغض النظر عن جودتها لأن كل بذرة «طفل» إذا ما أُعطي الاهتمام الأقصى، فإن ذلك سوف ينعكس على المجتمع بأسره. إن هذا هو أحد أهداف التربية، إبراز الطاقات الكامنة لدى أبنائنا وبناتنا. هذا يذكرني بما كتبه البروفيسور مارك رنكو أحد علماء الإبداع عندما ألف مقالاً بعنوان «كل فرد لديه الإمكانية الإبداعية». الإمكانية هي البذرة التي تنتظر توفير أفضل تربة، وهي البيئة التي تساعدها للوصول للإنتاجية الإبداعية. قد تستغرق بعض البذور 20 سنة للوصول للإنتاجية الإبداعية، بينما قد يحتاج البعض الآخر لمدة أقل أو أكثر. تذكّر / تذكّري أن أعظم أعمال ألبرت آينشتاين «النظرية النسبية» قام بتأليفها عندما كان في العشرينات من عمره، بينما أعظم إنجازات إسحاق نيوتن «الجاذبية» ظهرت عندما كان في الأربعينات من عمره. على الرغم من أن الكاتب متخصص في الإبداع والموهبة، إلا أن الاهتمام بالبذور الواعدة يجب أن يشمل الكل الطلبة الموهوبين وأقرانهم غير الموهوبين لتتحقق الاستفادة القصوى للمجتمع بأسره. إن تعبير «البذرة» يعني الاهتمام منذ الطفولة، حتى قبل الدخول للمدرسة، إنها تبدأ من البيئة الأسرية التي تعزز الخيال لدى الطفل، وتجيب عن استفساراته غير المنطقية في كثير من الأحيان، وتطلعه على الخبرات المتنوعة لاكتشاف نقاط قوته أو ما نطلق عليه -نحن التربويين- «الشغف». تخيل لو أن كلاً منا عمل في المجال الذي يحبه «يجد الشغف فيه»، كيف سينعكس ذلك على المجتمع وإنتاجيته؟ بلاشك، فإن دور المدرسة في توفير التربة الخصبة لبذورنا الواعدة لا يجب إغفاله، خاصة في مجال تنمية مهارات التفكير العليا، كالتفكير الناقد والتفكير التحليلي والإبداعي وحل المشكلات، إضافة إلى دور المؤسسات التربوية في غرس القيم المثلى كحب العلم، والانتماء للوطن، والأمانة، والتسامح، إلى غيرها من القيم الأخرى التي يحتاج إليها أي مجتمع. إن المجتمعات لا تتقدم بالمعرفة فقط، ولو كانت المعرفة كافية لِتقدم الأمم، لما كانت هنالك فروق بين الدول خاصة في الوقت الحالي الذي يتشارك فيه الطلبة مناهج عالمية متقاربة من ناحية المحتوى. إن تقدم الأمم يقوم من خلال ثلاثة أركان هي المعرفة المتقدمة، ومهارات التفكير العليا، ونظام القيم.
خلاصة هذا المقال القصير هو أهمية «وضرورة» الاهتمام بالبذرة، وعدم الانتظار حتى تنمو هذه البذرة، لأن ذلك سوف يوفر علينا الكثير من الوقت والجهد، والأهم أن ذلك سوف يؤدي لنتائج أفضل تعود على مجتمعاتنا بالخير والرفاه في ظل عالم يعول على الاقتصاد القائم على المعرفة، أو إن شئت فهو عالم قائم على الإبداع والمبدعين.
* رئيس قسم تربية الموهوبين - جامعة الخليج العربي