لاشك أن ديننا الحنيف دعا البشرية إلى العمل والتكسب وطلب الزرق، ففي سورة يس يقول رب العزة تبارك وتعالى في الآية 71 إلى الآية 73 «أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ * وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ * وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ»، وفي سورة الحجر (19-21) يقول ربنا في كتابه العزيز «وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ * وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ * وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ» صدق الله العظيم.
ومن هذه القيم أخذنا منطلقاتنا في البحث عن العمل وطلب الرزق، وما تاريخ آبائنا وأجدادنا في منطقتنا الخليجية إلا واحدة من الأركان الأساسية التي تشد همتنا وعزيمتنا في طلب الرزق دون النظر إلى أعمارنا، آخذين قول سيد الأنام نبي الأمة محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم «اليد العليا خير من اليد السفلى» نبراساً للاستمرار في العمل والبحث عنه مصادقاً لحديثه صلى الله عليه وسلم «إذا قامت الساعةُ وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها» صدق رسول الله.
ومع تطور فكرة العمل ودخول العولمة يبدو أن المفاهيم تبدلت، فظهرت مفاهيم جديدة تدعو البشر إلى الاستغناء عن العمل بدواعي متنوعة، وأصبح مفهوم التقاعد المبكر والذي تعرفه الأمم المتحدة «قرار الفرد التقاعد في وقت مبكر وسحب استحقاقات المعاشات التقاعديّة قبل بلوغه السنّ التقاعديّة العاديّة» له تأثير مباشر على الفرد ومجتمعه، إذا لم تكن هناك أسباب حقيقية تمنع الموظف من أداء مهامه بشكل طبيعي.
إن لموضوع قرار التقاعد المبكر أثر بالغ على الفرد المتقاعد والمجتمع، فمن زاوية الفرد فإن القوة الشرائية بسبب التضخم قد تؤثر سلباً على المعاش الثابت الذي يتقاضاه المتقاعد ويظهر ذلك بعد عدة سنوات من قراره للتقاعد المبكر، مع النظر إلى أن فكرة بعضهم تتمثل في إيجاد دخل آخر من خلال مشروع تجاري خاص، إلا أن هذه الفرصة مهددة بمخاطر متعددة تتمثل أهمها في احتمالية عدم إدارته للمشروع بشكل صحيح مما يترتب عليه التزامات إضافية وتزيد معه المشكلة تعميقاً وأثراً غير محمود.
وأيضاً نأخذ هنا في الاعتبار الممارسة العامة في مجتمعاتنا تتمثل بدخول المواطنين في التزامات مالية مثل بناء المنزل والذي يستقطع في فترة زمنية طويلة تصل إلى سن الستين أو السبعين سنة، ومع خسارة جزء من الدخل الشهري كراتب بسبب التقاعد المبكر يفقد المتقاعد المقترض قدرته على الوفاء بتلك الالتزامات، مع تسجلينا كظواهر عامة بأن الكثير من الأصدقاء ممن خرجوا في تقاعد مبكر يودون اليوم بأن تكون الفرصة مواتية للرجوع إلى العمل بسبب الفراغ الكبير الذي حصل لبرنامجهم اليومي.
إن حكومات دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية قد تكون أمام معضلة كبيرة في مسألة «التقاعد المبكر» لأنها ستخسر كفاءات في مجالاتها وخصوصاً إذا ما تحدثنا عن القطاعات الاستراتيجية والتي تشكّل معها أمن واستقرار منظومات العمل كالتعليم والصحة والصناعة، فتراكم الخبرات في تلك المجالات وغيرها تشكل أصلاً من أصول الدولة والتي معها تزيد من جودة الأعمال وخروج المنتجات بأفضل الأحوال. هذا وإن أخذنا في الاعتبار جهود الحكومات في تجويد أعمالها وخدماتها بما يتناسب مع تطلعاتها ورؤاها الوطنية الاستراتيجية، وأيضاً توجهها نحو بناء كفاءاتها البشرية في مختلف القطاعات للتقليل من الأيدي العاملة الوافدة إليها كما هو معلوم لدى الجميع.
إننا نقف على أرضية واحدة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي في مسألة أهمية بناء الكفاءات والقدرات الوطنية مقارنة مع أعداد سكاننا وقدرتنا التنافسية العالية مع اقتصادات دول منطقة الشرق الأوسط والعالم، وهو ما يحتّم علينا زيادة الدعم والتمكين للكفاءات الوطنية واستثمار قدراتها وتوفير البيئات الصحية الداعمة لاستمرار تلك الكفاءات، ونشاهد المستقبل بمنظار واعٍ بأن خسارتها في أي شكل من الأشكال ستهدر القيمة العالية لتلك الخبرات في تولّي المهام الاستراتيجية والتنفيذية المتخصصة في المؤسسات والشركات. فتخوف الحكومات من زيادة عدد الباحثين عن العمل في دولها وأن التقاعد المبكر جزء من الحل ليس له أساس علمي ودراسة منهجية تُحكم هذه الفكرة، وعلينا النظر بشكل جيد ومُحكم إلى فكرة ملء الكأس وعدم والانشغال إلى الجزء الفارغ.
في الواقع، إن واحدة من الأسباب التي أدت إلى تراجع نسبة تواجد المرأة في المناصب القيادية هي مسألة التقاعد المبكر، حيث إن ظروفها في السنوات الأُولى لعملها هي ما تجعل قواها منهكة لبعض الشيء، وتفكر في تحقيق الراحة والتفرغ لتربية أبنائها والاهتمام بأسرتها في قادم وقتها، وهو ما يجعل فرص منافستها في المناصب القيادية أقل بكثير. وهذا ما يدفعنا إلى قول بأن العمل هو الذي يشعرنا بالحياة كما يمنحنا الماء والأكل والهواء أسباب العيش، فالشعور لا يقل أهمية عن المنح فكلاهما وجهة لعملة التفاعل في الحياة.
{{ article.visit_count }}
ومن هذه القيم أخذنا منطلقاتنا في البحث عن العمل وطلب الرزق، وما تاريخ آبائنا وأجدادنا في منطقتنا الخليجية إلا واحدة من الأركان الأساسية التي تشد همتنا وعزيمتنا في طلب الرزق دون النظر إلى أعمارنا، آخذين قول سيد الأنام نبي الأمة محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم «اليد العليا خير من اليد السفلى» نبراساً للاستمرار في العمل والبحث عنه مصادقاً لحديثه صلى الله عليه وسلم «إذا قامت الساعةُ وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها» صدق رسول الله.
ومع تطور فكرة العمل ودخول العولمة يبدو أن المفاهيم تبدلت، فظهرت مفاهيم جديدة تدعو البشر إلى الاستغناء عن العمل بدواعي متنوعة، وأصبح مفهوم التقاعد المبكر والذي تعرفه الأمم المتحدة «قرار الفرد التقاعد في وقت مبكر وسحب استحقاقات المعاشات التقاعديّة قبل بلوغه السنّ التقاعديّة العاديّة» له تأثير مباشر على الفرد ومجتمعه، إذا لم تكن هناك أسباب حقيقية تمنع الموظف من أداء مهامه بشكل طبيعي.
إن لموضوع قرار التقاعد المبكر أثر بالغ على الفرد المتقاعد والمجتمع، فمن زاوية الفرد فإن القوة الشرائية بسبب التضخم قد تؤثر سلباً على المعاش الثابت الذي يتقاضاه المتقاعد ويظهر ذلك بعد عدة سنوات من قراره للتقاعد المبكر، مع النظر إلى أن فكرة بعضهم تتمثل في إيجاد دخل آخر من خلال مشروع تجاري خاص، إلا أن هذه الفرصة مهددة بمخاطر متعددة تتمثل أهمها في احتمالية عدم إدارته للمشروع بشكل صحيح مما يترتب عليه التزامات إضافية وتزيد معه المشكلة تعميقاً وأثراً غير محمود.
وأيضاً نأخذ هنا في الاعتبار الممارسة العامة في مجتمعاتنا تتمثل بدخول المواطنين في التزامات مالية مثل بناء المنزل والذي يستقطع في فترة زمنية طويلة تصل إلى سن الستين أو السبعين سنة، ومع خسارة جزء من الدخل الشهري كراتب بسبب التقاعد المبكر يفقد المتقاعد المقترض قدرته على الوفاء بتلك الالتزامات، مع تسجلينا كظواهر عامة بأن الكثير من الأصدقاء ممن خرجوا في تقاعد مبكر يودون اليوم بأن تكون الفرصة مواتية للرجوع إلى العمل بسبب الفراغ الكبير الذي حصل لبرنامجهم اليومي.
إن حكومات دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية قد تكون أمام معضلة كبيرة في مسألة «التقاعد المبكر» لأنها ستخسر كفاءات في مجالاتها وخصوصاً إذا ما تحدثنا عن القطاعات الاستراتيجية والتي تشكّل معها أمن واستقرار منظومات العمل كالتعليم والصحة والصناعة، فتراكم الخبرات في تلك المجالات وغيرها تشكل أصلاً من أصول الدولة والتي معها تزيد من جودة الأعمال وخروج المنتجات بأفضل الأحوال. هذا وإن أخذنا في الاعتبار جهود الحكومات في تجويد أعمالها وخدماتها بما يتناسب مع تطلعاتها ورؤاها الوطنية الاستراتيجية، وأيضاً توجهها نحو بناء كفاءاتها البشرية في مختلف القطاعات للتقليل من الأيدي العاملة الوافدة إليها كما هو معلوم لدى الجميع.
إننا نقف على أرضية واحدة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي في مسألة أهمية بناء الكفاءات والقدرات الوطنية مقارنة مع أعداد سكاننا وقدرتنا التنافسية العالية مع اقتصادات دول منطقة الشرق الأوسط والعالم، وهو ما يحتّم علينا زيادة الدعم والتمكين للكفاءات الوطنية واستثمار قدراتها وتوفير البيئات الصحية الداعمة لاستمرار تلك الكفاءات، ونشاهد المستقبل بمنظار واعٍ بأن خسارتها في أي شكل من الأشكال ستهدر القيمة العالية لتلك الخبرات في تولّي المهام الاستراتيجية والتنفيذية المتخصصة في المؤسسات والشركات. فتخوف الحكومات من زيادة عدد الباحثين عن العمل في دولها وأن التقاعد المبكر جزء من الحل ليس له أساس علمي ودراسة منهجية تُحكم هذه الفكرة، وعلينا النظر بشكل جيد ومُحكم إلى فكرة ملء الكأس وعدم والانشغال إلى الجزء الفارغ.
في الواقع، إن واحدة من الأسباب التي أدت إلى تراجع نسبة تواجد المرأة في المناصب القيادية هي مسألة التقاعد المبكر، حيث إن ظروفها في السنوات الأُولى لعملها هي ما تجعل قواها منهكة لبعض الشيء، وتفكر في تحقيق الراحة والتفرغ لتربية أبنائها والاهتمام بأسرتها في قادم وقتها، وهو ما يجعل فرص منافستها في المناصب القيادية أقل بكثير. وهذا ما يدفعنا إلى قول بأن العمل هو الذي يشعرنا بالحياة كما يمنحنا الماء والأكل والهواء أسباب العيش، فالشعور لا يقل أهمية عن المنح فكلاهما وجهة لعملة التفاعل في الحياة.