عندما تملك إمبراطورية سينمائية تحت مسمى «هوليوود»، فإن بعضاً من العقول ستحاول دوماً «إعادة كتابة التاريخ» لتوصل رسائل معينة تؤثر بها على العالم، بالأخص الأجيال الجديدة.
ولصناعة الأفلام في الولايات المتحدة بالذات «تاريخ حافل» بمحاولات «غسل الأدمغة» و «تحريف الحقائق» و«استحداث تاريخ فنتازي»، وهو أمر يحصد ضحايا كُثر، بسبب سهولة تقلبهم لما يرونه والتسليم به كحقيقة دامغة، أو «تعظيم» الرواية وأبطالها وحبكتها، والأخطر «الدوافع» وراءها.
ألم يكن «رامبو» الذي قام بدوره الممثل المخضرم سيلفستر ستالون شخصاً دخيلاً على فيتنام في أحد الأفلام؟! وذلك ضمن الحرب الأمريكية على الدولة الآسيوية التي أذاقت الجنود الأمريكيين الأمرّين من خلال حرب الغابات والشوارع. هنا الفيلم يصوره «بطلاً» وكأنه يدافع عن بلاده، رغم أن بلاده تقف على بُعد آلاف الأميال.
الأمريكان صنعوا لهم منصة قوية للتأثير على عقول العالم من خلال الإنتاج السينمائي، صنعوا سلسلة من الأبطال الخارقين الذين ينقذون العالم، والذين بات أطفالنا والأجيال الناشئة يحاولون التمثل بهم. وبعد سنوات طويلة من الربط العاطفي مع هذه الشخصيات بدأت عملية إقحام مفاهيم مثل «الشذوذ والمثلية» و«الإلحاد» وغيرها داخل الأفلام، لنصل لمرحلة يمنع فيها فيلم كرتوني للرجل العنكبوت «سبايدرمان»، وسط تساؤلات جيل الصغار عن سبب المنع!
الأمثلة عديدة، لكن مبعث الحديث الفيلم الذي عرض مؤخراً تحت مسمى «أوبنهايمر» صانع القنبلة الذرية في أربعينيات القرن الماضي، والتي استخدمت مرتين على بعد ثلاثة أيام في هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين وقتلت عدداً يصل إلى ٣٠٠ ألف شخص وتركت آثاراً قاتلة أثرت على الشعب الياباني لسنين ومازالت، على الرغم من أن هدف صناعة القنبلتين كان لاستخدامها ضد «النازيين» وقائدهم هتلر، لكنها اتجهت لصدور اليابانيين.
الفيلم ركز على شخصية «أوبنهايمر» في محاولة للبيان بأن هذا الرجل الذي صنع القنبلة التي قتلت وأثرت على قرابة نصف مليون بشري، وغيرت مجرى التاريخ، بأن هذا الرجل «إنسان» رافض لقتل البشر، وأن لديه أخلاقيات ومبادئ، ويصور لك في أحد المقاطع خلال لقائه بعد التفجير مع الرئيس الأمريكي الذي أعطى الأمر هاري ترومان، بأنه حاول وقف التمادي في تصنيع هذه الأسلحة واقترح إخلاء منطقة «لوس آلاموس» في نيوميكسيكو التي تحولت لمدينة تصنيع للقنابل، ومن خلالها أجري تفجير أو قنبلة ذرية تجريبية في موقع «ترينتي» والذي آثاره مازال يعاني منها سكان المنطقة القريبة من نطاق التفجير.
هل هو سرد تاريخي أمين؟! هل هي عملية إيضاح حقائق للعالم؟! إن كان ذلك، فكيف يكون صانعاً لقنبلة ذرية رافضاً لاستخدامها؟! لماذا صنعها إذن؟! هل العالم الذكي قبل بسهولة التبرير بأن هتلر يمتلك سلاحاً ذرياً يجب مواجهته بآخر مماثل بل أقوى؟! ألا يذكركم ذلك بتبريرات غزو العراق التي اعترفوا بعدم مصداقيتها مؤخراً؟!
المشكلة أن الفيلم يقودك للتعاطف مع «صانع القنبلة الذرية» التي قتلت قرابة نصف مليون ياباني بلا رحمة أو شفقة أو إنسانية. بل يدفعك الفيلم لتقبل التبريرات دون أن يمنحك أكثر من 10 ثوانٍ للقطات عابرة تصور لك ضحايا إلقاء القنابل. بل يجعلك تحس بأن أوبنهايمر تعرض لاستغلال الإدارة الأمريكية، إذ بمجرد سماع الرئيس رأيه بشأن عدم الاستمرار في استخدام هذا السلاح الذي صنعه، تم إخراجه من البيت الأبيض وعدم إدخاله مجدداً، أي أن الرجل تم استغلاله وانتهى دوره حينما صحا ضميره.
بهذا السرد السينمائي لفيلم «رائع» في الإعداد والتصوير والتقديم، تجد «تبييضاً» للإرهاب وتحويله إلى «بطولة». وكأنك ترى نهجاً مماثلاً لإطلاق جوائز «نوبل» للسلام وغيرها، والأخيرة أطلقها «السويدي» ألفريد نوبل الذي اخترع «الديناميت» قبلها ليُقتل به البشر.
ولصناعة الأفلام في الولايات المتحدة بالذات «تاريخ حافل» بمحاولات «غسل الأدمغة» و «تحريف الحقائق» و«استحداث تاريخ فنتازي»، وهو أمر يحصد ضحايا كُثر، بسبب سهولة تقلبهم لما يرونه والتسليم به كحقيقة دامغة، أو «تعظيم» الرواية وأبطالها وحبكتها، والأخطر «الدوافع» وراءها.
ألم يكن «رامبو» الذي قام بدوره الممثل المخضرم سيلفستر ستالون شخصاً دخيلاً على فيتنام في أحد الأفلام؟! وذلك ضمن الحرب الأمريكية على الدولة الآسيوية التي أذاقت الجنود الأمريكيين الأمرّين من خلال حرب الغابات والشوارع. هنا الفيلم يصوره «بطلاً» وكأنه يدافع عن بلاده، رغم أن بلاده تقف على بُعد آلاف الأميال.
الأمريكان صنعوا لهم منصة قوية للتأثير على عقول العالم من خلال الإنتاج السينمائي، صنعوا سلسلة من الأبطال الخارقين الذين ينقذون العالم، والذين بات أطفالنا والأجيال الناشئة يحاولون التمثل بهم. وبعد سنوات طويلة من الربط العاطفي مع هذه الشخصيات بدأت عملية إقحام مفاهيم مثل «الشذوذ والمثلية» و«الإلحاد» وغيرها داخل الأفلام، لنصل لمرحلة يمنع فيها فيلم كرتوني للرجل العنكبوت «سبايدرمان»، وسط تساؤلات جيل الصغار عن سبب المنع!
الأمثلة عديدة، لكن مبعث الحديث الفيلم الذي عرض مؤخراً تحت مسمى «أوبنهايمر» صانع القنبلة الذرية في أربعينيات القرن الماضي، والتي استخدمت مرتين على بعد ثلاثة أيام في هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين وقتلت عدداً يصل إلى ٣٠٠ ألف شخص وتركت آثاراً قاتلة أثرت على الشعب الياباني لسنين ومازالت، على الرغم من أن هدف صناعة القنبلتين كان لاستخدامها ضد «النازيين» وقائدهم هتلر، لكنها اتجهت لصدور اليابانيين.
الفيلم ركز على شخصية «أوبنهايمر» في محاولة للبيان بأن هذا الرجل الذي صنع القنبلة التي قتلت وأثرت على قرابة نصف مليون بشري، وغيرت مجرى التاريخ، بأن هذا الرجل «إنسان» رافض لقتل البشر، وأن لديه أخلاقيات ومبادئ، ويصور لك في أحد المقاطع خلال لقائه بعد التفجير مع الرئيس الأمريكي الذي أعطى الأمر هاري ترومان، بأنه حاول وقف التمادي في تصنيع هذه الأسلحة واقترح إخلاء منطقة «لوس آلاموس» في نيوميكسيكو التي تحولت لمدينة تصنيع للقنابل، ومن خلالها أجري تفجير أو قنبلة ذرية تجريبية في موقع «ترينتي» والذي آثاره مازال يعاني منها سكان المنطقة القريبة من نطاق التفجير.
هل هو سرد تاريخي أمين؟! هل هي عملية إيضاح حقائق للعالم؟! إن كان ذلك، فكيف يكون صانعاً لقنبلة ذرية رافضاً لاستخدامها؟! لماذا صنعها إذن؟! هل العالم الذكي قبل بسهولة التبرير بأن هتلر يمتلك سلاحاً ذرياً يجب مواجهته بآخر مماثل بل أقوى؟! ألا يذكركم ذلك بتبريرات غزو العراق التي اعترفوا بعدم مصداقيتها مؤخراً؟!
المشكلة أن الفيلم يقودك للتعاطف مع «صانع القنبلة الذرية» التي قتلت قرابة نصف مليون ياباني بلا رحمة أو شفقة أو إنسانية. بل يدفعك الفيلم لتقبل التبريرات دون أن يمنحك أكثر من 10 ثوانٍ للقطات عابرة تصور لك ضحايا إلقاء القنابل. بل يجعلك تحس بأن أوبنهايمر تعرض لاستغلال الإدارة الأمريكية، إذ بمجرد سماع الرئيس رأيه بشأن عدم الاستمرار في استخدام هذا السلاح الذي صنعه، تم إخراجه من البيت الأبيض وعدم إدخاله مجدداً، أي أن الرجل تم استغلاله وانتهى دوره حينما صحا ضميره.
بهذا السرد السينمائي لفيلم «رائع» في الإعداد والتصوير والتقديم، تجد «تبييضاً» للإرهاب وتحويله إلى «بطولة». وكأنك ترى نهجاً مماثلاً لإطلاق جوائز «نوبل» للسلام وغيرها، والأخيرة أطلقها «السويدي» ألفريد نوبل الذي اخترع «الديناميت» قبلها ليُقتل به البشر.