لا نريد لعام 2024 أن ينتهي باندلاع حرب عالمية ثالثة. ومع ما نشاهده اليوم من تصاعد في الأزمات العالمية، وخاصة في الملف الروسي-الأوكراني، تزداد المخاوف من أن تصبح الحرب الإقليمية ذات أبعاد عالمية إذا لم يتحلَّ القادة العالميون بالحكمة اللازمة.
في خضم الحرب الروسية الأوكرانية، أعلنت كييف أن موسكو أطلقت، الخميس، صاروخاً باليستياً عابراً للقارات على الأراضي الأوكرانية، في خطوة غير مسبوقة منذ بداية العملية العسكرية الروسية في عام 2022. هذه التصرفات تعكس تصعيداً خطيراً، خصوصاً وأنها جاءت بعد استخدام أوكرانيا صواريخ طويلة المدى زودتها بها الدول الغربية لاستهداف العمق الروسي.
وفي المقابل، وافقت إدارة بايدن على تزويد أوكرانيا بالألغام الأرضية المضادة للأفراد، في تغيير لافت لسياسات الولايات المتحدة الدفاعية. وجاء الدعم بسبب تغيير القوات الروسية لتكتيكاتها القتالية.
الألغام قد تساعد أوكرانيا على إبطاء التقدم الروسي في ساحة المعركة. لكن هذه الخطوات، ورغم تبريرها، قد تكون بمثابة شرارة لتوسع الصراع إذا لم يتم التحكم في تداعياتها.
من البديهي أن الدول الحليفة والصديقة تتخذ خطوات لدعم بعضها البعض. أوكرانيا ستحصل على كل الدعم التي تحتاجه وروسيا لن يتخلى عنها داعموها..
هذا النوع من الدعم متوقع ومفهوم، ولكن التصعيد سيؤدي إلى كارثة لا يمكن احتواؤها، وربما يصل إلى أبعاد حرب عالمية.
ومع ذلك، نعلم أن الدول الكبرى تمتلك القدرة والتنسيق الكافي فيما بينها على أعلى المستويات، ما يجعلها قادرة على حل الأزمات ومنع التصعيد إلى حرب عالمية.
إن المشهد الراهن يتطلب العمل بجدية لإيقاف التصعيد. فلا أحد يريد أن يرى شعوب العالم تُجرجر إلى ويلات حرب لا يمكن السيطرة عليها. و
من الضروري أن تكون الأولوية لحماية المدنيين ووضع مصالح الإنسانية فوق أي خلافات سياسية أو عسكرية.
السؤال المحوري هنا: هل يقدم دعم الولايات المتحدة لأوكرانيا تعزيزاً للدفاع الشرعي أم أنه قد يكون محاولة لتحميل إدارة الرئيس الأمريكي القادم عبء الصراع؟ تشير بعض التحليلات إلى احتمال أن يؤدي هذا الدعم إلى زيادة التوترات، مما قد يضع الرئيس الأمريكي المستقبلي، سواء كان دونالد ترامب أو غيره، أمام تحديات خطيرة في الساحة الدولية.
إن تصاعد الصراع الروسي الأوكراني لا يحدث بمعزل عن بقية الأزمات العالمية. فمع استمرار الحرب في الشرق الأوسط واستنزافها للمنطقة، فإن إضافة صراع عالمي جديد سيكون كارثياً.
علينا أن نتذكر هنا دروس التاريخ، عصبة الأمم فشلت في منع ويلات الحرب العالمية الثانية، مما أدى إلى تشكيل الأمم المتحدة كوسيلة لضمان السلام الدولي. لكن إذا استمر هذا التصعيد ولم تتمكن الأمم المتحدة من أداء دورها، فإننا قد نواجه فشلاً آخر يؤدي إلى مأساة عالمية جديدة وأعتقد أن التجارب السابقة مع الأمم المتحدة أوضحت أنها منظمة غير قادرة على التعامل مع الملفات المصيرية..
إن سلامة البشرية يجب أن تكون فوق كل الاعتبارات السياسية أو العسكرية، وإلا فإن التاريخ سيحكم على هذا الجيل من القادة بأنه لم يتحمل المسؤولية في وقت كانت الحكمة فيه ضرورة لا خياراً.