لطالما كان قطاع الثروة السمكيّة في البحرين جزءاً لا يتجزّأ من التراث الاقتصاديّ والاجتماعيّ، حيث تمثّل الأسماك مصدراً غذائياً أساسياً للمواطنين وأحد أعمدة الأمن الغذائيّ الوطنيّ.

في السنوات الأخيرة، برزت تحدّيات عديدة أثّرت على توازن السوق، كان من أبرزها ارتفاع أسعار الأسماك، وتذبذب كمّيّاتها في السوق المحلّي.

ومع ذلك، جاءت القرارات التنظيمية الأخيرة لتعيد هذا القطاع إلى مساره الصحيح؛ محقّقةً توازناً بين مصلحة المستهلك والحفاظ على موارد البلاد، حيث شهدت أسعار الأسماك في البحرين انخفاضاً ملحوظاً خلال الفترة الأخيرة، مصحوباً بتوافر أنواع متعدّدة من الأسماك في الأسواق المحلّيّة، ممّا يعكس نجاح الجهود الوطنيّة في تحقيق التوازن بين العرض والطلب، وتعزيز الأمن الغذائيّ للمواطنين والمقيمين.

هذا التحوّل الإيجابيّ هو نتيجة سلسلة من التدابير والقرارات المدروسة الّتي أطلقها المجلس الأعلى للبيئة، برئاسة سموّ الشيخ عبداللّه بن حمد آل خليفة، الممثّل الشخصيّ لجلالة الملك المعظم، لتعزيز استدامة الثروة السمكيّة وتحقيق التوازن البيئيّ، والّتي جاءت إنفاذاً للتوجيهات السامية لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، حفظه اللّه ورعاه، لوضع ضوابط لتنمية الثروة السمكيّة وحمايتها والاستمرار في عمليّة الاستزراع السمكيّ بما يفي متطلّبات واحتياجات السوق المحلّيّ، بالإضافة إلى وضع الإجراءات الّتي من شأنها المحافظة على الثروة السمكيّة باعتبارها من الموارد المهمّة للمواطنين، وبمتابعة مستمرّة ودقيقة من الحكومة برئاسة صاحب السموّ الملكيّ الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، وليّ العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظه اللّه.

القرارات الحاسمة الّتي أصدرها المجلس الأعلى للبيئة، مثل حظر تصدير الأسماك والروبيان وبعض الأحياء البحريّة الأخرى، وتنظيم مواسم صيد أنواع محدّدة كالشعريّ والصافي والعندق، وحظر صيدها خلال مواسم تكاثرها «شهر مايو لعام 2024»؛ كان لها أثر واضح في تعزيز المخزون السمكيّ وتحقيق الوفرة الملحوظة في كمّيّات الأسماك الّتي نشهدها اليوم في الأسواق، ما أدّى إلى انخفاض أسعارها بشكل كبير.

فعلى سبيل المثال، انخفض سعر كيلو سمك الصافي بنسبة تصل إلى 90% مقارنة بالعام الماضي.

كما شهد سوق الأسماك في البحرين انتعاشاً واضحًا، حيث زاد إقبال المستهلكين على شراء الأسماك المحلّيّة، ممّا ساهم في دعم الأمن الغذائيّ وتعزيز قطاع الصيد المستدام.

كذلك لا بد من الإشارة للدور الّذي لعبته وزارة الداخليّة من خلال إدارة الرقابة البحريّة وحماية الصيد البحريّ التابعة لخفر السواحل، في مكافحة الممارسات غير القانونيّة في الصيد، وحرصها على تنفيذ مهامّها في عرض البحر على مدار الساعة، انطلاقاً من الأهمّيّة البالغة في المحافظة على الثروة البحريّة وتنميتها واعتبارها مخزوناً استراتيجياً للغذاء، بل أمناً وطنياً، إلى جانب التعاون المجتمعيّ المسؤول، والّذي ساهم بدوره في دعم هذه الجهود الوطنيّة وتحقيق أهدافها.

بهذه الجهود المتكاملة والتدابير البيئيّة المدروسة؛ تؤكّد مملكة البحرين التزامها بتعزيز استدامة مواردها الطبيعيّة، واضعةً الأمن الغذائيّ والبيئيّ على رأس أولويّاتها، والّذي يعكس رؤيتها الاستشرافيّة لتحقيق التوازن بين احتياجات التنمية ومتطلّبات الحفاظ على الموارد وضمان استمراريّتها للأجيال القادمة.